ماذا يعني 29 مارس 2024 للاقتصاد المصري؟.. «صندوق النقد» يجيب
أدرج صندوق النقد الدولي، مصر، على جدول مجلسه التنفيذي في يوم 29 مارس/آذار الجاري.
إقرار اتفاق التسهيل الممد والمراجعتين الأولى والثانية
ومؤخراً، وسط التحديات الاقتصادية الكلية الكبيرة التي باتت مواجهتها أكثر تعقيدا في ظل تأثير الصراع الأخير في غزة على السياحة وإيرادات قناة السويس، توصلت السلطات المصرية وفريق خبراء صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية اللازمة لاستكمال المراجعتين الأولى والثانية بموجب الاتفاق في ظل "تسهيل الصندوق الممدد".
وبحسب مؤتمر صحفي للحكومة المصرية، وممثلي صندوق النقد الدولي، في 6 مارس/آذار 2024، وافق الصندوق على زيادة الدعم لمصر من 2,35 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (وهو ما يعادل حوالي 3 مليارات دولار أمريكي) إلى 6,11 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (أي ما يعادل 8 مليارات دولار أمريكي). ويخضع هذا الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
سعر صرف مرن.. واستدامة الدين
وتهدف حزمة السياسات الشاملة إلى المحافظة على استدامة القدرة على تحمل الديون، واستعادة استقرار الأسعار، وإعادة إرساء نظام لسعر الصرف يعمل بكفاءة، مع مواصلة الدفع نحو تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة لتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص وتوفير فرص العمل.
وبحسب بيان صدر عن المؤسسة المالية الدولية في 7 مارس/آذار الجاري، تبدي السلطات المصرية التزامها التام بالعمل على الفور بشأن كل الجوانب بالغة الأهمية في برنامجها للإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف.
ومن جانبه، قال رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في المؤتمر الصحفي، إن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.
ومن جانبه، كشف وزير المالية المصري، محمد معيط، عن استراتيجية جديدة للدين العام لضمان وضعه في مسار نزولي مستدام، حيث سيتم وضع سقف سنوي لدين أجهزة الموازنة والهيئات الاقتصادية، لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، ووضع سقف للضمانات خلال العام المقبل؛ للحد من الدين الخارجي، مع توجيه الفائض الأولى ونصف إيرادات «الطروحات» لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، وزيادة قيمة ما يؤول للخزانة من توزيعات الأرباح بكل شركات وهيئات الدولة، ما يسهم في استهداف النزول بمعدل الدين للناتج المحلي لأقل من 80% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
- الجروان: 2.5 تريليون دولار استثمارات الإمارات في الخارج ورأس الحكمة «أم الصفقات»
- 61 مليار دولار احتياطيا نقديا بحلول 2027.. اقتصاد مصر على المسار السليم
تجنب أسوأ أزمة اقتصادية
لقد تمكنت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية من تجاوز أسوأ أزمة اقتصادية كانت تواجهها منذ عقود، وهي أزمة العُملة الصعبة التي كانت تعاني منها البلاد وأدت إلى تراجع كبير في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار والعملات الأجنبية، فيما سرعان ما عاد الجنيه إلى التعافي على الرغم من تعويم سعر صرفه بسبب تأمين الدولارات اللازمة التي كان يحتاجها الاقتصاد المصري.
وذكر تقرير مطول نشرته وكالة "بلومبرغ" للأنباء في 21 مارس/آذار 2024، أن صفقة التطوير السياحي لمدينة رأس الحكمة المصرية الواقعة على الساحل الشمالي للبلاد وبقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات العربية المتحدة، أسهمت بشكل كبير في إنقاذ الاقتصاد المصري.
وتعتبر الصفقة "أكبر استثمار داخلي في تاريخ مصر، وقد أدت إلى ضخ الدولارات ومهدت الطريق لرفع أسعار الفائدة بشكل قياسي وتوسيع قرض صندوق النقد الدولي.
إن الاتفاق مع دولة الإمارات أدى الى تحويل مشروع "رأس الحكمة" إلى ملاذ سياحي، وهو ما أدى الى تعزيز الثقة بشكل فوري. وأتبعت السلطات ذلك برفع أسعار الفائدة بمقدار 6 نقاط مئوية، الأمر الذي ساعد في عكس اتجاه هروب رؤوس الأموال من خلال منح المستثمرين الفرصة لتحقيق عوائد سنوية تزيد على 20%.
وفي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، قال البنك المركزي المصري إنه سيسمح بتعويم الجنيه، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 40% تقريباً في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في يوم واحد.
وكان صندوق النقد الدولي يدعو إلى نظام صرف مرن في مصر لعدة أشهر، وكافأ المقرض متعدد الأطراف الحكومة المصرية بمضاعفة حجم برنامج القروض الذي تمت الموافقة عليه لأول مرة في عام 2022 إلى 8 مليارات دولار تقريباً، وهو ما كان حافزاً لتدفق إضافي بقيمة حوالي 14 مليار دولار من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
كما أن التطورات الاقتصادية الأخيرة جعلت المستثمرين يتهافتون على سندات مصر بالعملة المحلية.
وتقول الحكومة المصرية إنها ستفي بتعهدها الذي قطعته على نفسها لصندوق النقد الدولي بكبح الإنفاق الحكومي وتعزيز المنافسة من خلال منح القطاع الخاص دوراً أكبر في الاقتصاد.