ماركو روبيو.. مرور ناجح من محيط الشكوك إلى بحر الثقة الدافئ

حقق ماركو روبيو إنجازات غير متوقعة في عهد الرئيس دونالد ترامب، متجاوزًا تكهنات بأن يكون لاعبًا ضعيفًا في الإدارة الأمريكية.
وبحسب تقرير لموقع "بوليتيكو"، كان يُعتقد أن يضع منصب وزير الخارجية روبيو في موقع هش، خاصة مع كثرة خصومه في الدائرة المقربة من ترامب واختلافه عن الرئيس وقاعدة "ماغا" في العديد من السياسات. إلا أن روبيو تمكن من كسب ثقة ترامب بمهارة، حتى منحه مؤخرًا منصبًا قويًا آخر كمستشار مؤقت للأمن القومي، خلفًا لمايك والتز المُقال.
ارتفعت مكانة روبيو في نظر ترامب بعد أن تخلى عن العديد من مواقفه السياسية السابقة، وأصبح يدافع بقوة عن سياسات ترامب الأكثر حدة، كما أظهر قدرة على العمل مع شخصيات مؤثرة في الإدارة.
ويقول السيناتور الجمهوري جيمس ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن روبيو قبل المنصب وهو مدرك تمامًا لتحدياته، وأن عليه تنفيذ أجندة الرئيس، وهو يمتلك بالفعل القدرة على ذلك.
الغريب أن ترامب، الذي كان يسخر من روبيو في الماضي ولقّبه بـ"ماركو الصغير"، أصبح اليوم يعتبره رجل الأزمات القادر على حل المشكلات، حتى منحه أربعة مناصب في وقت واحد. وصرح ترامب قائلاً: "عندما أواجه مشكلة، أتصل بماركو. هو يعرف كيف يحلها".
درس للبقاء في إدارة ترامب
يقدم صعود روبيو درسًا مهمًا للراغبين في البقاء ضمن إدارة ترامب، التي شهدت تقلبات مستمرة في فريقها خلال الولاية الأولى.
والدرس هو كبح الغرور والآراء الشخصية، والصمت عند اللزوم، والدفاع بقوة عن وجهة نظر الرئيس، وإثبات الأهمية لدرجة تجعل ترامب غير "مستعد للتخلي عنك".
ويقول أحد المسؤولين السابقين: "إنها ساحة مليئة بالأفاعي، لكن روبيو بدا الأفضل في التنقل داخلها.. عليك أن تتعامل جيدًا مع الجميع".
انتقادات ومؤيدون
يرى المنتقدون أن صعود روبيو جاء بثمن باهظ، إذ تخلّى عن السياسات التي كان يدافع عنها سابقًا، وأصبح في نظرهم مجرد تابع لترامب يفتقر إلى قوة حقيقية.
في المقابل، يرى المؤيدون أن روبيو سياسي ماهر ومرن، حقق نجاحات عديدة بفضل تفاعله مع آراء الناخبين، بما في ذلك أولئك الذين أوصلوا ترامب إلى السلطة. وقد توسعت أدواره ليشغل حاليًا منصب وزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي المؤقت، والمدير المؤقت لوكالة التنمية الدولية، وأمين الأرشيف الوطني بالإنابة.
واكتسب روبيو مكانته من خلال عدم التشبث الشديد بالصلاحيات، والعمل بتناغم مع شخصيات نافذة مثل ستيف ويتكوف، وتولسي غابارد، وجي دي فانس، وسوزي وايلز. ورغم وجود نفوذ كبير لهؤلاء، نجح روبيو في التعاون معهم جميعًا، ولا يزال صوتًا أساسيًا في سياسة إيران، كما يتمتع بعلاقة قوية مع سوزي وايلز.
ورغم ذلك، لم يتردد روبيو في الإطاحة بخصومه عند الضرورة، مثل بيت ماروكو الذي أشرف على تفكيك وكالة التنمية الدولية، وذلك بسبب خلافات في السياسات وشكاوى من سلوكياته. كما تصدى لمطالب إيلون ماسك بتخفيضات جذرية في وزارة الخارجية، وفضّل إجراء التخفيضات بوتيرة أكثر تنظيمًا.
التحول في السياسات الخارجية
نال روبيو رضا ترامب بتبني سياساته بحماسة، حتى وإن تعارضت مع مواقفه السابقة. فقد تراجع عن دعمه السابق لبرامج حقوق الإنسان والديمقراطية، وألغى العديد من البرامج التي تعتبرها قاعدة "ماغا" هدرًا للمال.
كما خفف من مواقفه الصارمة تجاه روسيا والصين، وضغط على أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، وأشار إلى ضرورة قبول واقع عالم متعدد الأقطاب.
وسعى روبيو أيضًا لاستمالة قاعدة "ماغا" من خلال ظهوره المتكرر في البرامج الحوارية المفضلة لديهم. ويرى بعض المحللين أن روبيو غيّر مواقفه بشكل جوهري لخدمة ترامب، في حين يرى مؤيدوه أن مواقفه كانت في تطور طبيعي نتيجة استماعه للناخبين.
تحديات الجمع بين المنصبين
من المتوقع أن يشغل روبيو منصبي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي لعدة أشهر، وربما أكثر، لكن بعض المسؤولين يحذرون من صعوبة الجمع بين الوظيفتين بكفاءة، خاصة مع متطلبات السفر والبقاء بجانب الرئيس. ويشير التاريخ إلى أن الجمع بين المنصبين لم يكن ناجحًا حتى مع شخصيات بارزة مثل هنري كيسنجر، الذي واجه انتقادات بالسيطرة على عملية اتخاذ القرار.
aXA6IDE4LjIyMC45LjcyIA== جزيرة ام اند امز