التغير المناخي يهدد الحياة البحرية بـ"الموت البطيء"
الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تؤكد ضرورة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في محاولة لاحتواء أضرار التغير المناخي.
"كلما ارتفعت مستويات الحموضة في المياه ازداد معها خطر نفوق الكائنات البحرية"، نتيجة توصّلت إليها مؤخراً تجارب علمية حول أثر ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في مياه البحار والمحيطات.
وفي فرنسا، يجري باحثون تجارب علمية على آلاف يسروعات المحار وعشرات أسماك القاروس بتعريضها لمستويات متفاوتة من ثاني أكسيد الكربون، مما يظهر الضرورة الملحة لخفض انبعاثات هذه الغازات.
ووضع 18 حوضاً شفافاً أسطواني الشكل في صفين؛ يحوي كل منها 5 لترات من مياه البحر وهي تشهد تدفقاً متواصلاً، وذلك بإحدى قاعات مركز التجارب في المعهد الفرنسي لبحوث استغلال البحار (إفريمير).
وعند انطلاق التجربة، كان كل حوض يضم نحو 100 ألف يسروعة محار، وهي رخويات تعد شاهدة أساسية على التغير المناخي، وبعد 15 يوماً، نفقت كل اليسروعات في بعض الأحواض فيما صمدت عشرات منها فقط في أحواض أخرى وهي بالكاد تكون بحجم حبة رمل.
والسبب في ذلك هو تعريض الأحواض لمستويات متفاوتة من ثاني أكسيد الكربون ما أدى إلى اختلاف درجة حموضة المياه.
ويقلل ارتفاع ثاني أكسيد الكربون تركّز كربونات الكالسيوم في المياه، اللازم لنمو قوقعة هذه الرخويات وتكوّن الشعاب المرجانية.
وتلزم درجة حموضة من 8.1، أي متوسط المستوى الحالي في المحيطات، لنمو اليسروعات "الرخويات الحاملة للقوقعة"، ولكنها تنفق عند مستوى التحمض الأقصى 7.10.
وبواسطة المجهر، يمكن رصد عشرات من اليسروعات التي تدور بجهد في المياه مع درجة حموضة تبلغ 7.6 فيما تظهر أخرى من دون حراك.
وقال فابريس بيرنيه، الباحث في مختبر الفيزيولوجيا البيئة في "إفريمير": "الهدف من الاختبارات هو معرفة عند أي درجة حموضة تتأثر مؤشرات الحياة والأداء لدى اليسروعات".
وأضاف: "استنتجنا أن نقطة اللاعودة تقع عند 7.6 أي أنه اعتباراً من مستوى التحمّض هذا، لا يمكن لليسروعات أن تنمو بشكل طبيعي".
وفي مختبر آخر تابع لـ"إفريمير" في بلوزانيه قرب بريست، يجري باحثون اختباراً مماثلاً منذ 5 سنوات لكن على أسماك قاروس.
وأوضح دافيد مازوريه، الباحث في فيزيولوجيا الأسماك: "هنا نقيّم بيئات حمضية تبعاً للسيناريوهات الواردة في تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة"، وهو أشار إلى 3 أحواض فيها أسماك قاروس في مياه درجة الحموضة فيها 8.1 و7.8 و7.6.
وأضاف: "لاحظنا تأثير درجة الحموضة على نوعية البيوض وعلى التكاثر".
ويتأثر تحرك هذه الأسماك المهمة على صعيد البيئة والصيد البحري، في مياه تعاني من التحمض.
وتابع: "عندما تكون درجة الحموضة طبيعية، فهي تسبح في أسراب وعندما تصبح درجة الحموضة 7.6 تصبح سباحتها غير منتظمة وفوضوية، على الأرجح بسبب التأثير على حواسها".
وأكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الأسبوع الماضي، خلال اجتماعات استمرت 5 أيام في موناكو، الضرورة الطارئة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في محاولة لاحتواء أضرار التغير المناخي المدمرة.
وتوقعت أن تكون درجة الحموضة في المحيطات 7.6 بحلول عام 2100.
لكن فابريس بيرنيه أكد "لقد وصلنا إلى ذلك من الآن! ثمة انطباع بأن تحمض المحيطات سيحصل بعد 100 عام، لكننا نسجل ذلك الآن في مناطق ساحلية"، إذ يسجل جهاز قياس موضوع منذ 3 سنوات في منطقة لتربية المحار في مرسى بريست مستويات كهذه خلال الصيف.
وختم الباحث قائلاً "هل من خطر على تكاثر الحيوانات البحرية وصمودها مع مستوى تحمض كهذا؟ الجواب قاطع: نعم".
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg جزيرة ام اند امز