مارك روته ورئاسة «الناتو».. 5 تحديات
ما إن حصل رئيس الوزراء الهولندي مارك روته على الضوء الأخضر لشغل أعلى منصب في حلف الناتو، حتى بات يستعد للتركة الثقيلة والتحديات الجمة على طريقه.
ويستعد مارك روته ليصبح الرئيس التالي لحلف الناتو، بعد أن حصل على دعم جميع حلفاء الناتو الاثنين والثلاثين (مع إعلان رومانيا، آخر الرافضين دعمها). ومن المقرر أن يتنحى شاغل المنصب، ينس ستولتنبرغ، بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وعندما ينتقل مارك روته إلى مكتبه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، «فلن يحظى بفترة شهر عسل كبيرة»،
ويحظى روته، الذي يدير خامس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي منذ 14 عاما، بإشادة واسعة النطاق باعتباره منشئ الإجماع الفعال، في حين يُظهر أيضا العزم على دعم أوكرانيا، بما في ذلك الجهود الهولندية الأخيرة في تدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة طائرات إف-16.
لكن حتى بالنسبة للسياسي المتمرس، فإن الفصل التالي من مسيرته السياسية لن يكون مجرد نزهة في الحديقة. وفيما يلي أهم خمسة تحديات سيتعين عليه التعامل معها.
العودة المحتملة لدونالد ترامب
بعد أربعة أسابيع من بدء روته منصبه الجديد، يذهب الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع ويمكنهم إعادة انتخاب دونالد ترامب، المتشكك في «الناتو».
وخلال حملته الانتخابية، هدد ترامب بقطع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا إذا عاد إلى البيت الأبيض. وإذا نفذ هذا الأمر فقد يوجه ذلك ضربة قوية لمصداقية حلفاء الناتو في مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد روسيا، نظراً لأن الولايات المتحدة كانت إلى حد كبير أكبر مانح للمساعدات العسكرية لكييف.
ويكاد يكون من المؤكد أن إعادة انتخاب ترامب من شأنها أن تعرقل خطة حلف شمال الأطلسي لإعداد أوكرانيا لعضويتها في المستقبل، بما في ذلك الجهود الرامية إلى استكمال تغريب الجيش الأوكراني على النمط السوفياتي في الأصل.
ووعدت دول الناتو العام الماضي بأنها «ستكون في وضع يسمح لها بتوجيه دعوة إلى أوكرانيا للانضمام إلى الحلف عندما يوافق الحلفاء ويتم استيفاء الشروط»، لكن انطلاقا من وصف ترامب الأخير للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن هذا الالتزام يبدو هشا.
وقال ترامب، في إحدى فعاليات حملته الانتخابية الأسبوع الماضي، إن زيلينسكي «ربما يكون أعظم مندوب مبيعات لأي سياسي على الإطلاق. لقد غادر للتو قبل أربعة أيام ومعه 60 مليار دولار (بعد توقيع اتفاقية أمنية مدتها 10 سنوات مع الرئيس جو بايدن)، وعاد إلى المنزل وأعلن أنه يحتاج إلى 60 مليار دولار أخرى. لا تنتهي أبدًا».
هجوم بوتين الشتوي على أوكرانيا
وبمجرد أن يتولى روته منصبه، فسوف تتصل به أوكرانيا طلباً للمساعدة مع اقتراب فصل الشتاء.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، كثفت روسيا ضرباتها ضد محطات الطاقة الحرارية والسدود في أوكرانيا، وهي البنية التحتية التي يستغرق إصلاحها بالكامل أشهرًا إن لم يكن سنوات.
وتقول صحيفة «بوليتيكو»، إن قواعد اللعب التي يمارسها الكرملين ليست جديدة، فخلال فصل الشتاء الأول من زمن الحرب، بين عامي 2022 و2023، تعرضت شبكة الكهرباء في أوكرانيا لهجوم شديد.
ويقول رئيس حلف شمال الأطلسي المنتهية ولايته ستولتنبرغ، إن المفتاح يكمن في المزيد من أنظمة الدفاع الجوي التي يمكنها حماية موردي الطاقة، بالإضافة إلى موظفي الصيانة الذين يعملون على إصلاح المنشآت المتضررة.
وتكافح دول الناتو لإرسال أنظمة دفاع جوي، لكن أوروبا ليس لديها الكثير لترسله، وسط تأخر تقدم الكونغرس الأمريكي في حسم هذا الأمر، في حين الدول القريبة من روسيا أقل استعداداً للتخلي عن دروعها الجوية في هذا الوقت الخطير.
إقناع أعضاء الناتو بالدفع
احتفل حلف شمال الأطلسي (الناتو) هذا الأسبوع بعدد قياسي من الحلفاء الذين وصلوا إلى هدف 2% من الناتج المحلي الإجمالي فيما يتعلق بالإنفاق الدفاعي. وفي الواقع، تجاوزت هولندا هذه العتبة للتو هذا العام بعد سنوات من التقصير.
لكن هذا يعني أن ثلث أعضاء الحلف ما زالوا غير قادرين على تحقيق الهدف، على الرغم من التعهد الذي قطعوه قبل 10 سنوات.
وفي إيطاليا، تشهد تقديرات عام 2024 انخفاضًا طفيفًا عن النسبة المنخفضة بالفعل البالغة 1.5% في العام الماضي. وسوف تنفق إسبانيا 1.28% فقط هذا العام. والتزمت جارتها البرتغال بنسبة 1.55%.
وقال دبلوماسي كبير من منطقة البلطيق، طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية عن المزاج العام داخل حلف شمال الأطلسي، إن «السجل السيئ لأصدقائنا في البحر الأبيض المتوسط هو السلاح المثالي لترامب». وكانت المنطقة مناصرة قوية لاتباع نهج أكثر صرامة تجاه روسيا.
ومع ذلك، وبالقرب من ملعب ترامب، فإن الأمور سيئة بنفس القدر. وتلتزم كندا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي منذ البداية في عام 1949، بنسبة 1.37% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مسجلة نمواً بنسبة 0.1% منذ بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
مظالم الجهة الشرقية
تقول «بوليتيكو»، إن «الدول المتاخمة لروسيا ليست من أكبر المعجبين بروته، فلقد كانوا غاضبين من انخفاض الإنفاق الدفاعي الهولندي، ومنزعجين بشكل خاص من أن الدور الأعلى في حلف شمال الأطلسي كان يذهب دائما إلى دول أوروبا الغربية أو الشمالية، رغم أن دول الجانب الشرقي ظلت في الحلف لمدة ربع قرن».
ولم تدخل رئيسة وزراء إستونيا كاجا كالاس السباق على أعلى منصب في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد أن قيل لها إنها لن تحصل على دعم دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا (وهي الآن المرشحة الأوفر حظا لتولي منصب وزيرة الخارجية القادمة في الاتحاد الأوروبي). وكانوا يخشون أن تنظر موسكو إلى تعيينها على أنه تصعيد في الأعمال العدائية.
ومن المرجح أن تطالب دول الجناح الشرقي الآن بتمثيل أفضل على المستوى الثانوي لحلف الناتو: منصب نائب الأمين العام (DSG) ومختلف مناصب الأمين العام المساعد (ASG).
وبينما كان توزيع الوظائف نقطة حساسة بالنسبة للدول الشرقية لبعض الوقت، فإن إحدى المهام الأولى لروته كرئيس لحلف شمال الأطلسي ستكون تسمية نائب، وسط ضغوط عليه لتعيين شخص من الدول الشرقية.
زعماء محبون لبوتين
لن يكون ترامب وحده هو الذي سيتعين على روته إقناعه لإبقاء الناتو على قيد الحياة وبصحة جيدة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه في مختلف أنحاء أوروبا، تزدهر الأحزاب اليمينية المتطرفة المتشككة في حلف شمال الأطلسي والمحبة لبوتين.
ففرنسا، على سبيل المثال، على أعتاب انتخابات برلمانية يمكن أن تشهد مكاسب كبيرة للتجمع الوطني اليميني المتطرف، ما أجبر ستولتنبرغ على تقديم نداء نادر لفرنسا من أجل «الحفاظ على قوة الناتو».
وبطبيعة الحال، يعرف روته هذه القصة جيدًا. وعلى نحو ما، بدأ يفكر في تولي المنصب الأعلى في حلف شمال الأطلسي عندما أصبح من الواضح أن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية الذي ينتمي إلى يمين الوسط سيخسر الانتخابات الهولندية أمام حزب اليمين المتطرف من أجل الحرية بقيادة خيرت فيلدرز، وهو ما حدث في الوقت المناسب.
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg جزيرة ام اند امز