مجلس المشري يعيد تدوير وجوده.. خبراء ليبيون: مسرحية هزلية
من وقت لآخر يحاول تنظيم الإخوان الليبي فيما يعرف بـ"مجلس الدولة الاستشاري" صناعة الأحداث للإيهام ببقائه السياسي غير الشرعي، بحسب خبراء.
ويرى خبراء سياسيون وقانونيون ليبيون أن "ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري لم يعد له أي وجود قانوني في ليبيا وأن كل ما يصدر عنه هو والعدم سواء".
وأكد الخبراء لـ"العين الإخبارية" أن ما فعله خالد المشري اليوم بإعادة انتخابه رئيسا للمجلس في دورة جديدة هو مسرحية سياسية لخداع الجميع والإيهام بوجوده السياسي غير الشرعي وأنه مع الديمقراطية والانتخابات في كل المستويات.
صراع البقاء
ويقول الدكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية إن "إعادة انتخاب المشري اليوم هي محاولة حثيثة من مجلس الدولة لفرض شرعيته المنتهية منذ حوار جينيف".
وتابع الفارسي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "انتخاب المشري يعني إعادة إنتاج الصراع والفوضى، وبقاء المشري الذي جثم على صدور الليبيين ولم يحقق أي شيء، ويحاول البقاء في المشهد خاصة بعد حصار إخوان تونس بالقرارات الأخيرة وخسارة الإخوان في الشارع الليبي".
واختتم أن "خسارة الإخوان في تونس يعني سقوط الإخوان في ليبيا لأنه لم يعد لهم أي ظهير إقليمي أو داخلي ويستميتون للبقاء على صفحات المواقع الإخبارية على أقل تقدير".
مسرحية
ويقول الخبير القانوني والمحلل السياسي الليبي عبدالله الخفيفي إن الإخوان يعملون على خداع الشعب الليبي والمجتمع الدولي من وقت لآخر ليضفوا على أنفسهم نوعا من الشرعية الوهمية.
وأوضح الخفيفي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن ما قام به مجلس الدولة اليوم لا يعدو كونه مسرحية بين المشري وزملائه على دكة الاحتياط من المنتمين لنفس المنهج والتيار لإيهام الجميع باعتمادهم على الديمقراطية والانتخابات في اختيار المناصب العليا في المجلس وأنهم يدعمون الديمقراطية والمسار السلمي في ليبيا.
وأوضح الخفيفي أن مجلس الدولة غير الشرعي والمنتهي الولاية غير قانوني باعتماد مخرجات جينيف وتضمينها في الإعلان الدستوري ما زاد على تحريك المياه الراكدة في الكوب الواحد وأن المشري هو عراب الانقلابات وهو من طعن في دستورية مجلس النواب ليستمر المؤتمر الوطني في السلطة باسم جديد وهو مجلس الدولة الاستشاري 2014، وهو من شرعن انقلاب فجر ليبيا ودعا للانقلاب ديسمبر 2021 على الانتخابات حال فشل مرشحي الإخوان.
واختتم بالتأكيد على أن "شرعية المشري ومجلس الدولة جميعهما كانت في وجود فايز السراج بقوة السلاح على أساس اعتراف متبادل من كليهما بالآخر كسلطة أمر واقع وبوقوع سلطة السراج وبانتهاء وجوده ينتهي الطرف الآخر أيضا".
المشري بلا غطاء
ويقول الخبير السياسي والقانوني الليبي محمد جبريل اللافي إن مجلس الدولة الاستشاري وخالد المشري ليس لهم أي وجود قانوني ولا أي مصوغ شرعي ويحاولون اجترار الماضي للإيهام بالشرعية والبقاء.
وأوضح اللافي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "مجلس المشري ليس له أي مصوغ قانوني في ليبيا خاصة بعد تضمين مخرجات جينيف في الإعلان الدستوري من قبل مجلس النواب والذي لم ينص على أي دور لمجلس المشري وبما أن الاتفاق له حكم إلغاء كل ما يخالفه فيعتبر مجلس النشري قانونا في حكم العدم".
وأوضح أن مجلس المشري أصبح بلا غطاء حيث كان يعتمد على وجوده في جانبين وهما الاتفاق السياسي الذي تم إلغاءه وانتهاء حكومة فايز السراج غير الشرعية، وكذلك الدعم الدولي في إطار توازن القوى.
وتابع أن الموقف الدولي تغير مؤخرا خاصة مع إصرار مجلس المشري على دعم بقاء مرتزقة أنقرة في حين أن القرارات الدولية تقضي بوجوب إخراجهم فورا، واعتبار مجلس النواب هو الجسم التشريعي الشرعي الوحيد وأن كل من يعرقل الوصول إلى الانتخابات في حكم غير الشرعي ويتعارض مع إرادة الليبيين وهو ما يفعله المشري ليل نهار.
وانتخب أعضاء ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة الاستشاري في ليبيا –غير شرعي ويسيطر عليه تنظيم الإخوان- القيادي الإخواني خالد المشري، الثلاثاء، بولاية رابعة لمدة عام في رئاسة المجلس بعد حصوله على 73 صوتا من أصل 132 صوتا في الجولة الثانية.
المشري عراب الانقلابات
ويعرف القيادي الإخواني خالد المشري في الأوساط الليبية بكونه عراب الانقلابات، حيث سبق ودعم انقلاب فجر ليبيا على البرلمان المنتخب 2014، رغم أنه كان أحد مؤيدي الانتخابات إلا أنه وجد ما يصوغ له البقاء في المشهد السياسي ليصل فيما بعد إلى رئاسة ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري.
والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا هو مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أسست عقب توقيع اتفاق الصخيرات في 17 ديسمبر 2015، وجاءت بحكومة الوفاق غير الدستورية، كما أنه يعد أحد أهم رجال أنقرة في ليبيا.
ويحاول المشري مرارا تبرير التواجد التركي وإيجاد أي مسمى شرعي له، واستثناء مرتزقة وقوات أنقرة من أي عملية إخراج للقوات الأجنبية من ليبيا، بالمخالفة للقرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن واتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جينيف 23 أكتوبر 2020.
عرقلة مسار التسوية
ومع انطلاق مفواضات جينيف لتسمية السلطة التنفيذية الجديدة -المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية- تقدم المشري بترشيح نفسه كرئيس للمجلس الرئاسي، وتعهد أمام البعثة الأممية والليبيين والمجتمع الدولي بتنفيذ خارطة الطريق التي تنبثق عن المؤتمر أيا كانت.
وخرجت المفاوضات بالسلطة الجديدة وبمخرجات أهمها تغيير شاغلي المناصب السيادية في الدولة الليبية كما شارك وفد مجلس الدولة في مشاورات بوزنيقة لاختيار معايير اختيار هذه المناصب لضمان شفافية ونزاهة وسلامة الانتقال السلمي إلى استحقاق 24 ديسمبر بانتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة مع الشعب.
إلا أن المشري يعرقل هذه الخطوة إلى الآن ويصر على رفض تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي المتهم بالفساد والولاء لأنقرة، كما يصر على تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات ما قد يعرقل الوصول للاستحقاق الانتخابي.
الانقلاب على الانتخابات
كما انقلب المشري على خارطة الطريق للمرة الثانية من خلال رفضه لوجود قاعدة دستورية للانتخابات متمسكا بالاستفتاء على الدستور مع علمه باستحالة ذلك لوجيستيا قبل موعد الانتخابات ما سينسف خارطة الطريق ويؤجل الاستحقاق الانتخابي عن موعده المحدد سلفا.
وبعد أن أدرك المشري استحالة فوزه بالانتخابات الرئاسية أو أي من مرشحي التنظيم كان أول من يلوح بالانقلاب على الانتقال السلمي الوليد في ليبيا، وأعلن أنه لن يقبل بنتائج انتخابات ديسمبر المقبلة حال جاءت بالمشير حفتر رئيسا للبلاد أو سيف الإسلام القذافي ولوح بحمل المليشيات للسلاح ضد هذه النتيجة، وطالب بأن يكون اختيار الرئيس عن طريق الاختيار غير المباشر من خلال أعضاء مجلس النواب الجديد.