دماء بحر البقر.. ذكرى أليمة تجاوزتها مصر بانتصار أكتوبر
الذكرى الـ47 لمجزرة مدرسة بحر البقر، ثأر المصريون لضحاياها بانتصار مشرف حققوه في السادس من أكتوبر عام 1973.
تمر، اليوم السبت، الذكرى الـ47 للهجوم الإسرائيلي على مدرسة بحر البقر، ببمركز الحسينية، في محافظة الشرقية، بدلتا مصر، إبان الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، كطعنة أليمة لم يستطع المصريون نسيانها إلا بانتصار مشرف حققوه في السادس من أكتوبر عام 1973.
تجمدت الصورة في الثامن أبريل/نيسان عام 1970، عند مدرسة من طابق واحد، بها 3 فصول، بالإضافة لغرفة المدير، تضم 130 تلميذا أقل من 12 عاما، إنها مدرسة بحر البقر التي دارت بداخلها واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في مصر.
عرف الهجوم بـ"مجزرة بحر البقر"، حيث حصد أرواح 30 تلميذا، أضاءت أرواحهم الشهيدة عناوين الصحف المصرية في اليوم التالي للمذبحة في فاجعة يذكرها المصريون حتى الآن، لم يخفف وطاتها إلا الثأر للشهداء بانتصار خلده التاريخ كما خلد ذكرى المجزرة هو انتصار أكتوبر/تشرين الأول المجيد.
(الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللي على ورقهم سال.. في قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطـفال.. إيه رأيك في البقع الحمـرا.. يا ضمير العالم يا عزيزي.. دي لطفلة مصرية وسمرا.. كانت من أشطر تلاميذي). . جُمل قصيرة مقتضبة لخص بها الشاعر الغنائي المصري الراحل صلاح جاهين الوجع الذي سكن بيوت المصريين حينها جرّاء المجزرة.
مدرسة بحر البقر في 2017 تمارس نفس نشاطها ورسالتها التعليمية بعد أن جرى تجديدها، فيما يتوسطها نُصب تذكاري مُدوّنٌ عليه أسماء 30 شهيدا رحلوا في طور البراعم.
أحداث المجزرة
في صباح الثامن من إبريل/نيسان عام 1970 من الألفية الماضية، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية بخمس قنابل وصاروخين، استخدمت لتسديد الهدف طائرات من طراز "الفانتوم"، ما هي إلا دقائق وانتهى الأمر، وتحول 30 تلميذًا إلى أشلاء، ودماؤهم علامات حمراء كتبت أنفاسهم الأخيرة في كراساتهم.
في ذلك الوقت نددت مصر بالحادث المروع ووصفته بالعمل الوحشي الذي يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، واتهمت إسرائيل بتعمد الهجوم للضغط عليها لوقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف، بينما بررت إسرائيل فعلتها بأن طائراتها كانت يستهدف مواقع عسكرية فقط!
أثار الهجوم حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي، وبالرغم من أن الموقف الرسمي الدولي كان سلبيًا ولم يتحرك على النحو المطلوب، إلا أن تأثير الرأي العام تسبب في إجبار الولايات المتحدة ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة.
كما أدى الحادث حينها إلى تخفيف الغارات الإسرائيلية علي المواقع المصرية، والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري في يونيو/حزيران من نفس العام والذي قام بإسقاط الكثير من الطائرات الإسرائيلية، وانتهت العمليات العسكرية بين الطرفين بعد قبول مبادرة "روجرز" ووقف حرب الاستنزاف.
نصر أكتوبر والثأر للشهداء
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتفل المصريون بالذكرى 43 لنصر أكتوبرالمجيد، ذلك النصر الذي منح المصريون فيه للعالم دروسا في الإصرار والعزيمة والرغبة في النجاح.
أحداث الانتصار كثيرة يرويها الآباء والأجداد ممن خاضوا هذه الحرب للأبناء والأحفاد، وكيف لم تنكسر أحلام المصريين المشروعة على صخرة هزيمة يونيو 1967 ولا على جريمة كبيرة مثل "مجزرة بحر البقر"
فلم تكن مجرد حرب انتصرنا فيها على العدو.. ففي يوم السادس من أكتوبر 1973 سجل الجيش المصرى التاريخ بحروف من ذهب في صحائف من نور ليسجل الميلاد الجديد لمصر وللأمة العربية جمعاء.
وارتفع الجميع فوق آلام الهزيمة.. وتناسوا إلي حين آثار الضربة الغادرة في بحر البقر وغيرها وانخرطت الأمة في مسيرة التنمية لتجويد الانتاج والتصنيع، حتى تحقق لها ما أرادت من انتصار أذهل العالم.