أسبوع موريتانيا.. الغزواني "يسقط الإخوان" وحكومته تكسب الرهان
الحزب الحاكم في موريتانيا عبر عن ارتياحه لإجازة بيان السياسة العامة للحكومة من قبل البرلمان.
أحداث عديدة فرضت نفسها على الساحة الموريتانية، الأسبوع الماضي، إلا أن أبرزها كان إسقاط الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لجماعة الإخوان الإرهابية وحزبها "تواصل" من حساباته السياسية في العهد الجديد، وهو ما ظهر جلياً خلال لقاءاته مع عدد من رموز وقادة أحزاب المعارضة التي تجاوز فيها "الإخوان" تماما.
وتزامنت جولة الغزواني الحوارية الهادفة لتطبيع الحياة السياسية، مع كسب حكومته بقيادة رئيس الوزراء إسماعيل ولد سيديا للرهان في البرلمان الذي ابتدر نشاطه الأسبوعي بإجازة بيان السياسة العامة للحكومة الأمر الذي خلف ارتياحاً كبيراً في أوساط الحزب الحاكم.
تكريس نهج الحوار
لقاءات الرئيس الموريتاني، خلال الأسبوع المنصرم،كانت مع أبرز رموز المعارضة وقادته وأحزابها الناشطة.
ولوحظ أن هذه اللقاءات لم تقتصر على الأحزاب والتيارات المعارضة التي دعمت الرئيس الغزواني خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة فحسب، بل شملت لقاء مع الزعيم التاريخي للمعارضة الموريتانية رئيس حزب "التكتل" أحمد ولد داداه الذي دعم المرشح المعارض ولد مولود.
واعتبر مراقبون أن هذه اللقاءات تمثل تكملة لمسار الانفتاح على المعارضة الذي أعقب ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
واستهدفت تلك اللقاءات تهيئة أجواء إطلاق حوار رأى فيه المراقبون تمهيداً لولاية هادئة للرئيس الغزواني.
ورأى المراقبون أن الغزواني بلقاءاته الجديدة مع رموز المعارضة يبدأ من حيث انتهت مشاوراته التي جرت عشية ظهور نتائج الرئاسيات في الأيام الأخيرة لحكم سلفه ولد عبد العزيز.
القيادي البارز في الحزب الحاكم المختار ولد عبد الله، أكد أن لقاءات الغزواني مع الشخصيات السياسية الوطنية ومن مختلف الأطياف تعضد شروعه بالفعل في تنفيذ تعهداته بتطبيع المناخ السياسي الوطني، ومد جسور التواصل الفعال بين مكوناته.
أما الناشط السياسي الشاب والبرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود، فأشار إلى أن توسيع الغزواني دائرة الحوار واللقاءات مع المعارضين يشكل ما وصفه بمسار إيجابي.
بدوره، أكد المحلل السياسي عبيد إميجين أن انفتاح الغزواني على المعارضة السياسية هو بمثابة مسعى حميد، مطالبا بأن يتسع ليشمل الحركات، وما وصفه بـ"الجسم الحقوقي عموما".
عزلة الإخوان
ورغم أن مشاورات يوليو/تموز الماضي استهدفت بالأساس نزع فتيل احتجاجات بعض المعارضين على هزيمتهم في الرئاسيات، فإن إعادة الرئيس الغزواني للكرة من جديد في ظرف سياسي مختلف يتسم بالهدوء يعني اهتمامه الجدي بإطلاق حوار سياسي ومشاورات تستهدف تعزيز تجربة البلاد الديمقراطية والسلم الاجتماعي والأهلي.
ووسط هذا التناغم الذي شهدته الساحة السياسية الموريتانية الأسبوع الماضي كانت جماعة الإخوان الإرهابية وحزبها "تواصل" الكلمة الشاذة الوحيدة في السياق السياسي للبلاد، فحتى الأن يبدون خارج اهتمامات وأولويات الحوار بين الأغلبية والمعارضة، تكريسا لعزلتهم المتزايدة.
كما أن استقبال الغزواني خلال الأسبوع المنصرم لقادة تيار "راشدون" المنشقين قبل أشهر عن حزب "تواصل" الإخواني، وإعلان قيادي سابق قبل أيام التحاق تيار آخر يقوده بدعم الغزواني وبرنامج حكومته، دلائل تجسد فشل آخر لحزب التنظيم الإرهابي، من شأنه أن يقوده بحسب المراقبين إلى المزيد من التصدع والانشقاقات في الأيام المقبلة.
الحكومة تكسب رهان الثقة
وأخيرا، تنفست الحكومة الموريتانية، برئاسة إسماعيل ولد سيديا، الصعداء بنتيجة التصويت الكاسحة من قبل البرلمان لصالح منحها الثقة، وهي نتيجة أظهرت قوة الحاضنة السياسية لها وتماسك الجبهة الداخلية للأغلبية، بعد حالة الشد والجذب التي أعقبت تشكيل الحكومة مطلع أغسطس/آب الماضي.
تأييد برنامج الحكومة الجديدة من قبل 128 نائبا برلمانيا من أصل 157، ومعارضته من طرف 18 نائبا فقط، وتصويت نائبين بالحياد، أظهر بحسب مراقبين توسع قاعدة الدعم السياسي والحزبي للنظام والحكومة المنبثقة عنه.
ولم يعد، بحسب نتيجة التصويت، دعم الحكومة يقتصر فقط على الحزب الحاكم الذي يمتلك 89 نائبا أو أحزاب الأغلبية التقليدية، بل يبدو أن بعض فصائل المعارضة السابقة انحازت إلى صف الحكومة، خاصة أحزاب: "عادل، والتحالف الشعبي، والتحالف الديمقراطي".
وتبنى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية "الحاكم"، في بيان له بعد التصويت على برنامج الحكومة، خطوة التزكية لـ"ولد سيديا"، معبرا على الارتياح لمنحها خلال تصويت فجر الأحد.
وعن برنامج الحكومة الموريتانية، أكد ولد سيديا خلال عرضه لبرنامجها أنه يرتكز على 4 محاور، هي: تقوية الدولة وعصرنتها، وتطوير الاقتصاد وتنويعه، وتعزيز تصالح المجتمع مع ذاته، وتثمين رأس المال البشري من أجل تنمية منسجمة.
وأوضح رئيس الوزراء الموريتاني أن لكل أبناء بلاده الحق في أن يفخروا بالممارسة الديمقراطية الأخيرة التي طبعها الهدوء والسكينة والمسؤولية.
بدورها، عززت كلمة رئيس البرلمان النائب الشيخ ولد باية، هذا التوجه بتأكيد قوة العلاقة بين الحكومة وأغلبيتها البرلمانية، عندما أكد أن هذه العلاقة هي "تنسيق وتكامل وليست علاقةَ رِيبَةٍ أو تصادم".
كما مثَل انسجام ووحدة الأغلبية السياسية الذي ترجمه كسب الحكومة لثقة الأغلبية البرلمانية، صفعة قوية لمعارضة راهنت على اتساع رقعة التململ التي أعقبت تشكيل الوزارة الجديدة مطلع أغسطس/أب الماضي.
وشكل الحراك البرلماني المحضر لعرض ولد سيديا لبرنامج حكومته، في رأي مراقبين، أهم ملامح وحدة الصف بين قوى الأغلبية للتصدي لخطاب المعارضة المشكك في تماسك الداعمين للغزواني.
دعم فلسطين
الخارجية الموريتانية بدورها، استنكرت الخميس تعهدات رئيس الوزراء الإسرائيلي الانتخابية بضم غور الأردن وشمال البحر الميت.
وأكدت في بيان لها، أن تلك التعهدات تشكل "استهتارا بكل المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، وتصعيدا خطيرا يدفع المنطقة كلها نحو تأجيج العنف، لأغراض انتخابية رخيصة".
ونددت "بتقديم فلسطين أرضا وشعبا وهوية ثمنا للانتخابات الإسرائيلية، والنسفَ الدائم لكل الأسس التي تقوم عليها جهود السلام العربية والأممية"، مؤكدا أن "طمس الحقوق الفلسطينية الثابتة سيبقى مستعصيا على سياسات فرض الأمر الواقع".
وخلصت إلى أن" استتباب الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم رهين بتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه، وإقامة دولته المستقلة على حدود ما قبل 05 يونيو/حزيران 1967، بما فيها القدس الشريف".
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز