خبراء موريتانيون: بقاء الرئيس ولاية ثالثة يخدم مسيرة التنمية
الحراك السياسي الحالي الداعي إلى إعادة ترشيح ولد عبدالعزيز يعبر عن المخاوف من تأثير أي تناوب على استمرار المكاسب التي حققتها موريتانيا.
قال خبراء ومحللون موريتانيون، إن بقاء الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ولاية جديدة، يدعم مسيرة التنمية ويخدم المصالح العليا للبلاد.
وتشهد الساحة السياسية الموريتانية حاليا حراكا سياسيا تقوده قوى فاعلة في الأغلبية الحاكمة؛ للمطالبة بإقرار تعديل دستوري -عبر البرلمان- يسمح للرئيس الموريتاني، بالترشح لولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها قبل منتصف عام 2019.
وتشهد موريتانيا في شهري مايو ويونيو 2019، تنظيم انتخابات رئاسية جديدة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، ليتسلم السلطة خلفا للرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز الذي يكمل منتصف العام المقبل ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة.
خبراء ومحللون سياسيون رأوا- في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"- أن الحراك السياسي الحالي الداعي إلى إعادة ترشيح ولد عبدالعزيز في الانتخابات المقبلة، يعبر عن المخاوف من تأثير أي تناوب محتمل على استمرار المكاسب التي حققتها موريتانيا في عهد الرئيس الحالي.
حراك مبادرات ودعوات المطالبة بتعديل الدستور للسماح بترشح الرئيس لولاية رئاسية جديدة، كانت بدايته قد انطلقت في ولاية "الترارزة" (غرب البلاد) ضمن مبادرة ضمت قيادات وبرلمانيين من الحزب الحاكم، دعوا في مهرجان لهم بنواكشوط في الـ20 من ديسمبر/كانون الأول الجاري إلى التمسك بالرئيس محمد ولد عبدالعزيز.
ودعت مبادرة أخرى ولاية "لعصابة" (جنوب شرق البلاد) هي الأخرى في اجتماع مماثل احتضنته نواكشوط في الـ25 من ديسمبر الجاري، إلى "التمسك بشخص الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ونهجه"، من خلال ما دعوه بـ"بفتح المأموريات الرئاسية".
وطرحت مبادرات مماثلة لناخبين وبرلمانيين للحزب الحاكم ينحدرون من ولايات: الشمال (آدرار، ونواذيبو)، والوسط (لبراكنة وتكانت)، للتأكيد على المطلب نفسه، تدعو إلى ولاية ثالثة للرئيس.
"أقلام من أجل الوطن" مبادرة أخرى تضم كتابا ومدونين -يشغل بعضهم وظائف سامية في الدولة- أكدوا خلال مؤتمر صحفي عقد في 26 ديسمبر الجاري، ما وصفوه بحق الشعب الموريتاني في "مراجعة دستوره بما يتيح الاحتفاظ بشخص الرئيس محمد ولد عبدالعزيز من أجل المصلحة العليا للبلد".
نقلة نوعية
الشيخ سيدي محمد ولد معي، الكاتب والقيادي بالحزب الحاكم في موريتانيا، أوضح في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن تعبير الموريتانيين "بأشكال مختلفة" ومن خلال "أكثر من مبادرة" عن الرغبة في ولاية ثالثة للرئيس، دليل على أن البلاد عرفت في عهده "نقلة نوعية" في جميع المجالات.
واعتبر ولد معي، الذي يقود كذلك مبادرة "أقلام من أجل الوطن" الداعمة للرئيس ولد عبدالعزيز، أن مبررات التمسك بالرئيس ولد عبدالعزيز "موضوعية"، مضيفا أن البلاد في عهد الرئيس الحالي تمكنت من "تجاوز ظروف اقتصادية وأمنية صعبة عاشتها قبل العام 2009".
وأشاد الكاتب الشيخ سيدي محمد معي بدور الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز في تبني المبادرات الأمنية لمواجهة الإرهاب في المنطقة، كإنشاء تجمع دول الساحل الخمس الذي انطلق من نواكشوط سنة 2014، وحظي برعاية واهتمام خاص من الرئيس ولد عبدالعزيز، وحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وتمنى الكاتب بقاء الرئيس في السلطة لولاية رئاسية جديدة خدمة لمسيرة "التطور والنماء"، التي يقودها رئيس لا يزال في مقتبل "العطاء" على حد تعبيره، مضيفا أن البلاد تريد أن "تحتفظ بالرئيس الذي يعرف كيف يدير الملفات الأمنية الكبرى على مستوى البلد والمنطقة".
وأوضح أن مساهمة نادي "أقلام من أجل الوطن" في الحراك السياسي الذي تشهده البلاد حاليا، تتمحور حول كتابة دستور جديد للبلاد يسمح فيه للمواطن بالتعبير عن إرادته في بقاء الرئيس الذي يرى فيه مصلحته دون تقيد بالمأموريات.
خطر المعارضة الراهن
الدكتور زيدان ولد مولاي الزين الباحث السياسي، يرى في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن ما حققته موريتانيا منذ 2009 منذ وصول الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، من "مكتسبات"، وما تواجهه من تحديات أمنية، يجعل البلاد في حاجة إليه من أجل استكمال ما وصفها بالمشاريع والورشات الوطنية الكبرى.
وأوضح الدكتور مولاي الزين أن وصول بعض السياسيين المعارضين للسلطة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة يشكل عامل خطر ضد مصلحة موريتانيا، نظرا للمواقف المعروفة لهؤلاء السياسيين التي تعارض أصلا ما وصفها بالمشاريع الهيكلية الكبرى التي حققتها البلاد في ظل عهد الرئيس الحالي، وما يعنيه ذلك من هدر للموارد وتوقف للتنمية.
وأوضح أن نجاح الرئيس محمد ولد عبدالعزيز في اعتماد مقاربة أمنية لمحاربة الإرهاب بالشراكة مع دول المنطقة، وبناء قدرات المؤسسة العسكرية الذي أسهم في دحر الإرهاب، كلها عوامل تجعل من بقاء الرئيس في السلطة لولاية رئاسية جديدة أمرا بالغ الأهمية لصالح استقرار البلد ووحدته الوطنية.
وأشار الباحث السياسي إلى أن دساتير البلاد وقوانينها يجب أن تستجيب لمصلحة البلاد، وألا تكون قوانين جامدة، معتبرا أن الأمر يتجاوز مسألة ما وصفها بـ"الشخصنة" إلى القضايا التي تحقق مصلحة البلد في الحاضر والمستقبل.
كتابة دستور جديد
مختيري أحمد ملحق إعلامي في ديوان رئيس الحزب الحاكم في موريتانيا، كتب حول الحراك المرتبط بالولاية الثالثة للرئيس أنه "لا مانع من كتابة دستور موريتاني جديد على مقاسات موريتانية تراعي الدين والمجتمع والتركيبة السكانية للبلد والمستجدات".
البسطامي ولد تاتاه، المدون الموريتاني المعروف ورئيس تحرير موقع "موريتانيا الحدث"، دوّن في الـ27 من ديسمبر الجاري مؤيدا لهذا الحراك الداعي لكتابة دستور جديد، منتقدا المعارضة قائلا: "يطالبون باحترام الدستور- يعني المعارضة- وينسون أنهم كانوا قد خرقوا نفس الدستور سنة 2012 عندما طالبوا برحيل الرئيس المنتخب قبل إكمال ولايته الرئاسية".
وأضاف في التدوينة نفسها، موجها نقده للإخوان: "يطالبون باحترام الدستور ويجهلون أن قطر إمارة صغيرة لا تتوفر فيها أبسط أبجديات الديمقراطية والحرية، ولا توجد بها رابطة ولا يمكن لأي شخص أن ينطق ضد الإمارة أو الأسرة الحاكمة"، مضيفا: "يتناسون أن تغيير الدستور في تركيا جاء على مزاج أردوغان".
وجدد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، خلال مقابلة له نهاية شهر نوفمبر المنصرم، مع صحفية "لوموند" الفرنسية، تأكيده عدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة، احتراما لدستور البلاد، لكنه أكد حقه في ممارسة السياسة في بلاده من خلال حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم حاليا.
وتشهد موريتانيا، خلال النصف الأول من عام 2019، استحقاقا انتخابيا يُنتظر أن يُفرِز وصول رئيس جديد إلى السلطة، بعد إبداء عبدالعزيز نيته في عدم الترشّح مرة أخرى.
وفاز حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا خلال انتخابات سبتمبر/أيلول التشريعية والبلدية الأخيرة، بأغلبية المقاعد النيابية، وذلك بعدما حصد 89 مقعداً من أصل 153، الأمر الذي مكّنه من تشكيل الحكومة الجديدة بشكل منفرد.