الحزب الحاكم في موريتانيا يطمح لدعم أقوى لـ"الغزواني" بمؤتمره العام
مندوبون للحزب يؤكدون أن "أهم النتائج المنتظرة من هذا المؤتمر هي الدعم الكامل للرئيس الغزواني، وإعادة تشكيل هيئاته وفق أسس ديمقراطية
يتجه حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا لتعزيز الآليات الديمقراطية الداخلية بانتخاب قياداته الوسيطة والعليا عبر قواعده، خلال مؤتمره العام أواخر الشهر الجاري، الذي يطمح لتقديم دعم أقوى للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
وقال قادة ومسؤولون في الحزب في أحاديث خاصة لـ"العين الإخبارية" إن "أهم النتائج المنتظرة من المؤتمر هي الدعم الكامل للرئيس الغزواني، وإعادة تشكيل هيئاته وفق أسس ديمقراطية سليمة، بالإضافة إلى صيانة الحزب وتقوية جبهته الداخلية".
وتأسس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عام 2009، وتزعمه الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز، والحزب ممثل حاليا في البرلمان الموريتاني بـ103 أعضاء بينهم 14 نائبة، ويرأسه سيدنا عالي ولد محمد خون.
ويستعد أكثر من 400 مندوب عن حزب "الاتحاد" لاختيار رئيس جديد، خلال مؤتمره العام المزمع إجراؤه يومي الـ28 والـ29 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وتمثل الانتخابات المقبلة تطورا حاسما في مسار الحزب، في ظل التوقعات باختيار قيادة وهيئات تعزز دور الحزب كداعم وذراع سياسية للرئيس الغزواني، عقب التجاذبات التي أعقبت اجتماع اللجنة تسيير الحزب بالرئيس السابق في الـ18 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
الرئيس السابق للحزب سيدي محمد محم اعتبر أن استئناف أعمال المؤتمر خلال الأيام المقبلة سيكون فرصة لتقديم أقوى دعم للرئيس الغزواني وبرنامجه، ورسالة قوية بأنه لا وصاية لأحد على الحزب، في إشارة إلى اجتماع مثير للجدل عقده الرئيس السابق بلجنة تسيير الحزب في الـ18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
نبض الحزب
عضو مؤتمر الحزب ولجنة المندوبين التابعين له عن ولاية نواكشوط الشمالية الشيخ سيدي محمد معي أوضح أن المؤتمر العام المقبل يمثل حدثا مفصليا في تاريخ الحزب، لأن هدفه تبني رؤية وفلسفة في الحكم، حسب تعبيره.
وأوضح، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن أهمية هذا المؤتمر تمكن كذلك في اختيار قيادة وهيئات تراعي خصوصية الحزب كـ"ذراع سياسية للسلطة التنفيذية في البلاد التي يقودها رئيس الجمهورية الغزواني".
وأشار إلى أن جهود التحضير للمؤتمر العام في هذه المرحلة تتمثل في حملة لاستطلاع الرأي داخل صفوف مندوبي الحزب (أعضاء المؤتمر العام)، البالغ عددهم أكثر من 400 عضو، والذين يمثلون الهيئة الناخبة لرئيسه وهيئاته القيادية.
واعتبر معي أن الجماهير والقواعد الشعبية للحزب الحاكم تتطلع إلى انتخاب قيادة جديدة للحزب، تعكس مشاغل هذه القاعدة العريضة من المجتمع، حسب تعبيره، وبما يحقق ما يصفه بالالتحام بين قمته وقاعدته.
وبيّن أن الخطاب السائد في أوساطه بات يدفع باتجاه حرية أكبر في اختيار قيادة الحزب وفق الآليات الديمقراطية، لتكون قيادة منبثقة من رحم هيئات وقواعد الحزب، وليس عبر آليات "التعيين" كما عهدنا سابقا، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن قيادة الحزب التي ينتظرها مؤتمره المقبل يجب أن تتوافر لديها ما وصفه بـ"المعايير المطلوبة"، التي تجمع بين النخبوية والعمق الشعبي والارتباط بهموم وتطلعات قواعد وجماهير الحزب.
وشدد معي على أن الطموح من وراء المؤتمر هو بروز حزب حاكم قادر على حماية مكتسبات النظام السياسي، وقادر على تقديم الدعم والإسناد للحكومة.
وخلص إلى أن ما تهدف إليه عملية تحديث وعصرنة الحالية هو وجود أداء جديد يعطي للعمل السياسي الداعم للنظام معنى جديدا، معبرا عن رفض ما وصفه بواقع "جمود وروتينية الحزب الحالية والتعاطي الفوقي الذي يعاني منه".
بدوره، أشار أحمد طالب المعلوم، عضو مؤتمر الحزب ولجنة مندوبي ولاية نواكشوط الجنوبية، إلى أن مؤتمر الحزب يهدف إلى قطع الطريق أمام من وصفهم بـ"المشوشين والمزايدين"، الذين حاولوا إرباك توجهاته.
واعتبر أن تنظيم هذا المؤتمر هو كذلك من أجل إنهاء ما وصفها بـ"الحالة غير الطبيعية التي يعيشها الحزب حاليا"، في إشارة إلى عدم وجود قيادة وهيئات منتخبة للحزب منذ مؤتمر الأخير في مارس/آذار الماضي، وإدارة من طرف لجنة تسيير مؤقتة، من طرف الرئيس السابق.
ووصف القيادي بالحزب الحاكم وضعيته الحالية بـ"الاستثنائية"، لأنه لا يتوافر على قيادة منتخبة أو مكتب تنفيذي أو مجلس وطني، بعد حل هذه الهيئات خلال المؤتمر الأخير للحزب في مارس الماضي، لتحل محل هذه الهيئات لجنة تسيير مؤقتة.
وأوضح المعلوم أن أبرز الانتظارات والآمال المعلقة على المؤتمر المقبل هو تصحيح الوضعية القانونية لقيادة الحزب حاليا، عبر انتخابات داخلية حرة وشفافة تسمح باختيار قيادة منبثقة ومعبرة عن التوازنات السياسية داخل الحزب، وقادرة على جعله حزبا داعما للرئيس الغزواني الذي يرأس السلطة التنفيذية في البلاد.
وأضاف أن بعث هذه الديناميكية والحيوية مجددا في الحزب عبر المؤتمر المزمع نهاية الشهر الجاري ستسهم في التكامل والانسجام بين مكونات النظام السياسي، وتمكن الحكومة من وجود حزب سياسي قادرة على أن يكون سندا وظهيرا للبرنامج الانتخابي للرئيس الغزواني.
وبيّن أن التحضيرات الحالية لمؤتمره العام تشهد بعض الحراك الحيوي الطبيعي، حسب وصفه، معتبرا أن ذلك يندرج في إطار الممارسة الديمقراطية التي يكفلها النظام الداخلي للحزب لكافة المناضلين والمؤتمرين وفق الضوابط الحزبية المعروفة.
حزب مؤسسي
ومن جهته، رأى محمد عبدالدائم، عضو اتحادية الحزب على مستوى ولاية الحوض الغربي، أن مؤتمر الحزب المقبل يجب أن يكون هدفه وجود حزب مؤسسي يتفاعل مع الحكومة بإيجابية، وداعما للبرنامج الانتخابي للغزواني.
وأشار عبدالدائم، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الكملة الفصل في المؤتمر المقبل ستكون للمندوبين الذين تقع عليه مهمة انتخاب الرئيس وهيئات الحزب القيادية، مطالبا إياهم أن يتصرفوا وفق قناعاتهم بعيدا عن "السيناريو الجاهز"، حسب وصفه، في إشارة إلى الممارسات السابقة لمؤتمرات الحزب.
وبيّن أن أهمية المؤتمر المقبل تنطلق من روح الممارسة الديمقراطية التي سيشهدها دون التأثير على قناعات المندوبين، وهو شيء يسهم في إيجاد حزب مؤسسي قادر على لعب دوره بشكل كامل في الحياة السياسية للبلد.
حراك المؤتمر
وكانت لجنة تسيير حزب الاتحاد أوضحت، في بيان أصدرته عقب اجتماعها الخميس قبل الماضي، أنها كلفت الأمين العام للجنة الوزير محمد عبدالفتاح بـ"اتخاذ التدابير اللازمة للإعداد بشكل جيد" لمؤتمرها العام.
وجاءت الدعوة في أعقاب تجاذبات على خلفية اجتماع عقدته لجنة تسيير الحزب في الـ18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحضور الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
وانتقد أغلب أعضاء لجنة تسيير الحزب وقياداته ما عدوه مخالفة لنصوصه التأسيسية، وشددوا على أن برنامج الرئيس الغزواني هو المرجعية الحصرية للحزب.
وحذر قادة بارزون للحزب من دخوله في حال من "التشويش والارتباك"، في ظل محاولات الرئيس السابق السيطرة على ما يعرف بـ"المرجعية الحصرية" له.
ورفض الفريق البرلماني للحزب الحاكم (أكثر من 90 نائبا)، السبت الماضي، تصريحات أعقبت لقاء ولد عبدالعزيز بلجنة تسيير الحزب.
aXA6IDE4LjE4OS4xODYuMjQ3IA== جزيرة ام اند امز