الموالد الشعبية في ميزان السينما.. موروث ثقافي أم ظاهرة سلبية؟ (خاص)
احتفل الآلاف من المصريين الخميس، بالليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة الذي يعد أول مولد بعد السماح بعودة الموالد في أعقاب جائحة كورونا.
توافد الآلاف في محيط مسجد السيدة نفيسة، وحرصوا على تناول الطعام والاستماع لجلسات الإنشاد والذكر، وعلى أثر ذلك الزحام حدثت اختناقات مرورية وسط العاصمة المصرية القاهرة.
ولا يقتصر الاحتفال بالموالد على المسلمين فقط، إذ يواظب المسيحيون أيضا على هذه التظاهرة الاجتماعية، التي طالها جدل كبير في السنوات الأخيرة.
وتشتهر مصر دون غيرها من سائر البلاد بالموالد الشعبية، وهي مناسبات للاحتفال الديني بيوم مولد أو وفاة ولي من الأولياء الصالحين، والغرض من هذه الاحتفالات تكريم صاحبها، ومع التطور التكنولوجي ظهر فريق من الناس، يرفض وينتقد إقامتها، خاصة بعدما خرجت من إطارها كموروث شعبي، وطالتها مظاهر سلبية مثل السرقة والنصب.
وفي السطور التالية، تناقش "العين الإخبارية" قضية الموالد في السينما، هل رسخ المبدعون لها باعتبارها موروثا ثقافيا، أم قدموا أعمالا تدعو لرفضها وإدانتها؟
وتحدث الناقد الكبير طارق الشناوي لـ"العين الإخبارية" قائلا: "في الموالد يشارك المسلمون والمسيحيون، فقد حضرت موالد كثيرة، ولا يوجد فيها فرق بين شخص وآخر، فهي من أكثر المظاهر الاجتماعية التي تدعو للوحدة الوطنية، والنداء الشهير موسى نبي وعيسى نبي، وكل من له نبي يصلي عليه طلع من الموالد".
وتابع طارق الشناوي حديثه قائلا: "في الموالد ذكر، ونصب، وحب، وغزل، وسرقة وكل أطياف الحياة، ومن خلالها تستطيع رؤية كل الشخصيات، وقد اختفت من الأعمال الفنية في السنوات الماضية بسبب ارتفاع تكلفتها الإنتاجية، وفي فيلم (شفيقة ومتولي) تم تصوير المولد بشكل رائع، وكان المخرج في بداية الأمر الدكتور سيد عيسى، ولكنه ترك الفيلم بسبب خلاف في وجهات النظر بينه وبين سعاد حسني بطلة العمل، وهنا تدخلت شركة يوسف شاهين بهدف إنتاج العمل، وطالب يوسف شاهين بالحفاظ على مشهد المولد، ولكن أسند مهمة الإخراج لتلميذه علي بدر خان".
وأضاف: "لم يحارب صناع السينما الموالد، لأنها جزء من الحالة الثقافية، ومن أفضل الأفلام التي رصدت مظاهر الموالد فيلم ليلى بنت الفقراء إنتاج 1945، وبالمناسبة كان هذا العمل أول تجربة إخراجية للفنان أنور وجدي، لكن قدم تفاصيل المولد بصورة رائعة وغنت في الفيلم الرائعة ليلى مراد للسيدة زينب وظهر أيضا صوت الشيخ زكريا أحمد بشكل واضح".
وفي السياق ذاته قال الناقد أحمد النجار لـ"العين الإخبارية": "أتصور السينما رسخت الاحتفال بالموالد، وأكبر دليل على ذلك وجود عدد كبير من الأفلام تناولت هذه الظاهرة الاجتماعية منها فيلم المولد بطولة عادل إمام ويسرا، وفيلم الليلة الكبيرة للمخرج سامح عبدالعزيز، والذي قدم خلاله الشخوص التي تظهر في الموالد بشكل رائع، وهناك مشهد يجمع بين صبري فواز وعمرو عبدالجليل ومحمد فتحي حقق ملايين المشاهد، لم يحققها أي عمل فني طوال الـ25 سنة الأخيرة".
وتابع أحمد النجار حديثه قائلا: "في الماضي اقتربت أعمال سينمائية من المولد بشكل رائع مثل فيلم تمر حنة بطولة نعيمة عاكف ورشدي أباظة، وفيلم السيرك للمخرج عاطف سالم، وهناك أيضا فيلم الراقصة والطبال والذي يرصد قصة حياة راقصة تخرج من رحم الموالد، لعالم الشهرة والأضواء المليء بالألغاز والصراعات".
وعلق الفنان هشام عطوة رئيس هيئة قصور الثقافة بمصر قائلا: "أرى أن السينما دافعت عن الموالد وتناولتها كموروث ثقافي، ولم تقدم أعمالا تطالب بمنعها أو تقلل من شأنها، وهذا شيء رائع لأن الموالد جزء من ثقافة المصريين، ويذهب إليها المسلم والمسيحي".