دبلوماسية اللحوم..هل تعرقل هرمونات الأبقار اتفاقا أمريكيا بريطانيا؟

رغم توقيع اتفاق بتصدير آلاف الأطنان من لحوم الأبقار الأمريكية إلى المملكة المتحدة، إلا أن الجدل حول الاتفاق لا يزال محتدما.
بعد التوقيع بين رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب،، أثيرت مخاوف من أن هذه اللحوم قد لا تكون "مطابقة للمعايير" و تحمل معها مشكلات صحية وزراعية يصعب تجاهلها.
ويتيح الاتفاق شحن نحو 13 ألف طن من اللحم الأمريكي إلى السوق البريطانية، وهي كمية تكفي لتقديم شريحة لحم متوسطة لكل بالغ في المملكة المتحدة، لكن ليست الكمية وحدها ما يثير الانتباه، بل طبيعة هذا اللحم بالدرجة الأولى.
فالولايات المتحدة تعتمد بشكل واسع على هرمونات النمو في تربية الأبقار، وهي ممارسة محظورة في بريطانيا منذ عام 1989 بعد تصنيفها من قبل الاتحاد الأوروبي بأنها غير آمنة صحياً. وتُتهم هذه الهرمونات بالتسبب في مشاكل صحية خطيرة، مثل البلوغ المبكر لدى الأطفال وزيادة خطر الإصابة بأنواع من السرطان، كسرطان الثدي والبروستاتا.
ورغم تأكيد الحكومة البريطانية أن اللحم المعالج بالهرمونات لن يكون جزءاً من الصفقة، فإن خبراء في سلامة الغذاء يحذرون من أن الضوابط الحدودية الحالية قد لا تكون كافية لرصد هذه المنتجات ومنع تسللها إلى الأسواق.
ويقول البروفيسور كريس إليوت، المتخصص في سلامة الغذاء بجامعة كوينز في بلفاست، بأن بعض الفحوص أثبتت أن لحوماً وُصفت بأنها "خالية من الهرمونات" كانت في الحقيقة تحتوي على منشطات محظورة. وهو ما يزيد الشكوك حول قدرة النظام الحالي على الكشف عن المخالفات، لا سيما في ظل تكلفته العالية وتعقيد إجراءات الفحص.
كما أثيرت مخاوف إضافية بشأن المواد الأخرى المضافة للحوم الأمريكية، مثل ما يُعرف بـ"الوحل الوردي"، وهو منتج ثانوي يُعالج بالأمونيا ويُضاف إلى اللحوم المفرومة. ورغم أنه مسموح به في الولايات المتحدة، إلا أنه ممنوع في اللحوم المعدة للاستهلاك البشري في بريطانيا.
ويضاف إلى ذلك الاستخدام الواسع للمضادات الحيوية في قطاع اللحوم الأمريكي، ما يثير القلق من احتمال انتقال البكتيريا المقاومة للأدوية إلى البشر.
وفي حين تكرر الحكومة البريطانية تطميناتها بأن معايير السلامة ستُحترم، يشكك العديد من النشطاء والمزارعين في فاعلية آليات الرقابة الحالية. فبحسب ليز ويبستر، مؤسسة حملة "أنقذوا الزراعة البريطانية"، فإن الاتفاق "يفتح الباب أمام منتجات رديئة الجودة دون وجود آليات رقابية واضحة لضمان التزامها بالمعايير البريطانية".

والولايات المتحدة من جهتها تأمل في أن يشكل هذا الاتفاق خطوة نحو توسع أكبر في صادرات لحومها إلى السوق البريطانية، رغم أن حاليا لا تمثل واردات اللحوم الأمريكية سوى 0.05% من إجمالي ما تستورده المملكة المتحدة، مقارنة بـ76% من إيرلندا و3% من أستراليا.
وفي ظل تصاعد التوتر حول "دبلوماسية اللحوم"، يبقى السؤال: هل تتحول هرمونات الأبقار إلى قنبلة موقوتة في طريق العلاقات التجارية بين لندن وواشنطن؟
aXA6IDMuMTIuNDEuMjUg
جزيرة ام اند امز