حقوقيون ليبيون: مذكرتا السراج وأردوغان تخالفان المواثيق الدولية
مذكرتا التفاهم اللتان وقعهما السراج وأردوغان في مجال التعاون الأمني والمناطق البحرية تتعارضان مع مواثيق الأمم المتحدة والقانون الليبي.
أكد حقوقيون ليبيون أن مذكرتي التفاهم اللتين وقعهما رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج والرئيس التركي رجب أردوغان، تعدان وفقاً للقانون الدولي والليبي باطلتين؛ حيث تتعارضان في نصوصهما مع مواثيق الأمم المتحدة.
- المجبري لـ"العين الإخبارية": مذكرتا السراج وأردوغان إجهاض لمؤتمر برلين
- بلومبرج: مذكرتا السراج وأردوغان تعقدان أزمة ليبيا
واعتبر الحقوقيون، في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن السراج منعدم الصفة القانونية وليس له أن يوقع على أي مذكرات تفاهم مع دول أجنبية، بالإضافة إلى أن المجلس الرئاسي منقوص العضوية، ولم يحصل على اعتماد البرلمان الليبي.
لا شرعية للسراج
من جانبه، أكد الحقوقي والسياسي الليبي عبدالله الخفيفي أن توقيع السراج وأردوغان على مذكرتي تفاهم في مجالي التعاون الأمني والمناطق البحرية، غير قانوني ولا يستند إلى أي نصوص دستورية.
وأوضح الخفيفي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن المذكرتين باطلتان ومعدومتا الأثر قانونياً، لعدم اعتماد البرلمان الليبي لها، بالإضافة إلى أن أنهما تخالفان الاتفاق السياسي الذي يستمد منه السراج شرعيته؛ حيث إنه لم يتخذ بالإجماع، إلى جانب عدم شرعية المجلس الرئاسي نفسه، وصدور عدة أحكام بانتفاء الصفة القانونية عنه.
وتابع: "المادة الثامنة من الاتفاق السياسي في الفقرة (ح) تنص على أن المجلس الرئاسي مجتمعاً وليس رئيسه منفرداً له أن يعقد اتفاقيات، على أن تتم المصادقة عليها من مجلس النواب، وقد نصت الفقرة رقم 10 في المبادئ الحاكمة للاتفاق السياسي على "الالتزام بأن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلد خلال الفترة الانتقالية"، وهو ما ورد أيضاً في المادة رقم 12.
وأضاف أن مجلس السراج منقوص العضوية بشكل بَيّن ويعاني حالياً من خلل جسيم في تمثيل المناطق الليبية، بعد انقطاع 4 أعضاء عن الحضور، كما لم يوقع عليه بقية أعضاء المجلس.
وأشار إلى أن المجلس الرئاسي نفسه لم يكن ولم يعد شرعياً لتسيير أمور الدولة الليبية، خاصة مع عدم تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي 3 أغسطس/آب 2011.
كما أن الاتفاق نفسه لم ينل اعتماد البرلمان حتى الآن، وهو ما يخالف المادة رقم 13 من الاتفاق السياسي، التي تنص على أن للمجلس منح أو سحب الثقة من حكومة الوفاق، وفق الخفيفي.
وشدد الحقوقي الليبي على أن أحكام القضاء الليبي النافذة سبق وقضت بانعدام الصفة القانونية لحكومة السراج، مثل حكم الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف بنغازي، التي أبطلت أعمال الرئاسي وكذلك حكم الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف البيضاء الجبل الأخضر التي أبطلت أعمال حكومة الوفاق.
وقضت المحكمة على الشرعية المزعومة لما يعرف بحكومة الوفاق، من خلال حكم نهائي صادر عنها بالدعوى الإدارية رقم 116 لسنة 2016، إذ اعتبرت المحكمة أن المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق "لا صفة قانونية لهما".
أبطلت نفسها
بدوره، يقول الخبير الليبي في التشريعات الدولية، محمد صالح جبريل اللافي، إن مذكرتي أردوغان والسراج تبطلان نفسيها قانونياً.
وأوضح اللافي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المذكرتين احتوتا على مادة رقم 6، التي تقرر لسريانهما ضرورة اعتمادهما بالطرق القانونية، أي من خلال مجلسي النواب في البلدين، وهو ما سيرفضه بالتأكيد مجلس النواب الليبي.
وأكد أن المذكرة الخاصة بالمجال البحري تتعارض تماماً مع القوانين الدولية وقوانين البحار، الذي حدد الحدود البحرية عام 1882، مؤكداً أن التشريعات والاتفاقيات الدولية هي المنظم لأي اتفاق أو مشروع اتفاق بين الدول ويجب عدم مخالفته وإلا يكون باطلاً، لذا يتم اللجوء لمحكمة العدل الدولية التي تفصل في ذلك.
واتفق مع الرأيين السابقين الحقوقي والمحامي الليبي بشير ضو، معتبرا المذكرتين تبطلان نفسيها لما تحتويهما من مواد متضاربة.
وأكد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن ديباجة مذكرتي التفاهم نصت في الفقرة (1) والمادة (3) على ضرورة التزام الطرفين بميثاق الأمم المتحدة (المادة 102)، وهو ما يتنافى مع الميثاق الذي نص على سيادة الدول على أراضيها، التي نزعها أردوغان من السراج.
وكشف أن الفقرة (3) من المادة (4) منعت الجانب الليبي من التفاوض على مناطقه الخالصة مع أي دولة أخرى، إلا بعد العودة لتركيا والتفاوض معها، ما يعد مخالفة صريحة لمواثيق الأمم المتحدة وحماية سيادة الدول، وتخالف الدستور الذي يقضي بأن السيادة لا يمكن التنازل عنها.
وشدد المحامي الليبي، على أن المذكرتين مجحفتان لليبيين؛ حيث نصت المادة (5) على منع ليبيا من إمكانية مراجعة أي خطأ في الخرائط إلى الأبد، وهذا مخالف للاتفاقيات التي عادة ما تمنح فترة زمنية يمكن بعدها المراجعة.
وأشار إلى أن المادة (6) من المذكرة، باطلة لسلبها أحقية البرلمان الليبي في التصويت عليها إذا وافق عليها البرلمان التركي؛ حيث نصت على أن المذكرة تدخل حيز التنفيذ مباشرة بمجرد التوقيع عليها من أحد الأطراف، فيما يخالف ذلك الاتفاق السياسي الليبي (الصخيرات) الذي أوجب أن يصوت البرلمان على اتفاقيات حكومة الوفاق قبل سريانها.
وتدعم تركيا حكومة السراج والمليشيات الإرهابية في طرابلس، وجاء في هذا السياق توقيع أردوغان مع السراج مؤخراً مذكرتي تفاهم بشأن الحدود البحرية والتعاون العسكري، وهو الأمر الذي لاقى غضباً إقليمياً ودولياً، وعدت محاولة تركية لمزاحمة اليونان على مياها الاقتصادية، وهو أمر سبق للاتحاد الأوروبي التحذير من عواقب مضي أنقرة فيه.
الاتفاق المشبوه جاء رغم دعوة وجهتها الجامعة العربية لأعضائها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لوقف التعاون مع أنقرة، والحد من تمثيلهم الدبلوماسي في تركيا، إثر العدوان التركي على شمال سوريا.
وأثارت مذكرتا التفاهم الموقعتان بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية اعتراضات واسعة على المستويين الداخلي والإقليمي، حيث أدانت مصر وقبرص واليونان مذكرتي التفاهم واعتبرتهما "معدومتي الأثر القانوني" ومخالفتين لاتفاق الصخيرات الذي تم بإشراف أممي.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز