«النايلون» من سلاح المظلات لسيقان السيدات.. قصة اختراع غير خريطة العالم
4 ملايين زوج من جوارب النايلون تسطر أغرب قصة بتاريخ الموضة
في مثل هذا اليوم 15 مايو/أيار 1940 تم طرح جوارب النايلون للبيع لأول مرة في الولايات المتحدة وهي مناسبة تاريخية أثرت بشكل كبير على صناعة سلاح المظلات وثقافة عالم الموضة.
كانت جوارب النايلون ابتكارًا ثوريًا في ذلك الوقت، إذ كانت تعتبر بديلاً متينًا ومريحًا للجوارب التقليدية التي يتم صناعتها من الصوف أو الحرير وبفضل الخصائص المميزة كالمرونة والمقاومة والشفافية أصبحت جوارب النايلون رمزًا الأناقة والحداثة.
وكان تأثير ظهور شرابات النايلون على المجتمع واضحًا فقد أحدثت ثورة في صناعة الملابس وأسلوب الحياة، إذ زاد الطلب عليها، ما دفع الشركات المصنعة إلى زيادة إنتاجها وتطوير تقنياتها، وبالتالي أدى ذلك إلى توفرها بكميات أكبر وبأسعار معقولة للجمهور العام.
وبالإضافة إلى ذلك أدت جوارب النايلون إلى تحول اتجاهات الموضة وثقافة الملابس حيث أصبحت الجوارب الشفافة والملونة من أبرز الصيحات الرائجة في الموضة مما أتاح للنساء تعبيرًا أكبر عن أناقتهن وجاذبيتهن.
اختراع أول ألياف صناعية للنايلون
في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين كانت جوارب النايلون الحريرية تعتبر أحد العناصر الأساسية في مجموعة الملابس النسائية الأنيقة وكانت في ذلك الوقت تمنح أرجل المرأة مظهرًا ناعمًا وأنيقًا وكانت تكملة مثالية للتنانير القصيرة والكعب العالي وكانت النساء في ذلك الوقت ينفقن ملايين الدولارات على الجوارب الحريرية.
وفي هذا السياق يأتي دور والاس كاروثرز عام (1896-1937) الذي كان موظفًا في شركة دوبونت للكيماويات الذي كان يبحث عن بديل صناعي للحرير بسبب عدم كفاية المواد الطبيعية لتلبية الطلب المتزايد على تلك الألياف، باستخدام الفحم والمياء والهواء كمواد أساسية.
ووفقًا لموقع "triangular" توصل كاروثرز في عام 1935 إلى تطوير منتج اصطناعي يمكن تمديده إلى ألياف ويكون أقوى وأكثر حريرية عند التمدد.
ومن هذا المنطلق قام كاروثرز بتجربة مجموعات وظيفية مشتركة وتفاعلات التكييف ولاحظ أن الأحماض الكربوكسيلية والكحوليات تُشارك في تفاعلات التكييف لإنتاج الإسترات وأدرك في ذلك الوقت أنه إذا كان الكحول والحمض غير وظيفيين أي لديهم نفس المجموعة الوظيفية في نهاية الجزيء فيمكن أن يحدث تفاعل التكثيف لتكوين بوليمر ضخم.
تبين صحة هذه النظرية، ولكن البوليمرات الأولية التي طورها كاروثرز كانت تحتوي على أوزان جزئية تتراوح بين 5000 و6000 غرام لكل مول فقط وكانت هذه البوليمرات صغيرة نسيبًا غير فعالة بما يكفي لإنتاجها بكميات كبيرة في الصناعة.
كيف حصل النايلون على اسمه؟
هناك العديد من القصص حول أصل اسم النايلون، وتم تسمية النايلون الأول بـ"الألياف 66" من قبل كاروثرز، ومع ذلك لم تكن إدارة Du Pont راضية عن هذا الاسم وقررت تشكيل لجنة لاختيار اسم جديد، وفي هذا الوقت تم تقديم ما يقرب من 400 اقتراح إبداعي للجنة التسمية.
هناك العديد من القصص حول أصل اسم النايلون. تم تسمية النايلون الأول بـ"الألياف 66" من قبل كاروثرز. ومع ذلك، لم تكن إدارة Du Pont راضية عن هذا الاسم وقررت تشكيل لجنة لاختيار اسم جديد. تم تقديم ما يقرب من 400 اقتراح إبداعي للجنة التسمية.
وكان أحد الاقتراحات "دوباروه" الذي قدمته إرنست غلادينج رئيسة قسم الحرير الصناعي في Du Pont، ومع ذلك لم يتم قبوله وتم رفض اقتراحات مثل "Dusilk" و"Rayamide" و"Silkex".
ثم قدم جلادينج اقتراحًا آخر هو "نورون"، وكان يُشير إلى أن المادة لا تنزلق، ولكن تم رفضه، لأنه لم يكن صحيحًا، وتم تغيير "Norun" إلى "Nuron" لجعلها تبدو صحيحة.
وتم ترويج تفسيرات لاحقًا بأن كلمة "نايلون" مشتقة من "نيويورك" ولندن" بسبب اختراع الكلمة خلال رحلة طيران عبر القارات بين المدنيين.
توجد أيضًا نظرية بديلة تقول أن Du Pont اختارت اسم "نايلون" لتحفيز الصناعة اليابانية، إذ تمكنت اليابان من تصدير كميات أقل من الحرير بسبب الألياف الاصطناعية الجديدة.
قد تكون هذه التفسيرات والقصص مجرد أساطير وليست حقائق مؤكدة حول أصل اسم النايلون، فلم يتم وضع علامة تجارية على مصطلح النايلون على الإطلاق.
طفرة صناعية
بداية عام 1934، تخلى والس كاروثرز وهو عالم شغل منصب رئيس قسم الكيمياء العضوية بشركة دو بونت،عن أبحاثه وشرع في صنع مادة "متعددة الأميد" القادرة على تحمل الماء الساخن وسائل التنظيف الجاف. وبعد مرور بضعة أشهر من التجارب المنتظمة، تمكن المختبر من تحقيق أول نجاح له تمثل في صنع خيوط شبيهة بالحرير قادرة على تحمل الماء الساخن وسائل التنظيف.
ونجحت تجارب أخرى في التوصل إلى طريقة لتصنيعها باستخدام المركب الكيميائي البنزين الذي يعد من المشتقات الوافرة لمادة الفحم، ما جعل تكلفة الألياف الجديدة معقولة. وبحلول نهاية عام 1935، كانت خيوط النايلون الأولى جاهزة للاختبار.
ذكرت الكاتبة أنه منذ البداية، أدركت شركة دو بونت أن الجوارب النسائية ستكون سوقًا كبيرًا للألياف الجديدة، مشيرة إلى أنها ستكون بديلا لألياف الحرير، وتباهت بالآثار الجيوسياسية المترتبة عن خفض صادرات الحرير من اليابان.
وبطبيعة الحال، شكلت هذه الألياف الجديدة خريطة العالم.
فخلال الحرب العالمية الثانية، تم استخدام مادة النايلون في صنع المظلات وحبال سحب الطائرات الشراعية المنزلقة وأسلاك الإطارات والناموسيات والسترات الواقية من الرصاص.
انتصار النايلون
وعندما نزلت قوات سلاح المظلات المتحالفة من السماء لإعلان بداية غزو النورماندي، رُفعت المظلات المصنوعة من النايلون.
وخلال هذه العملية، أعلن شخص ما، ربما يكون تابعا لقسم العلاقات العامة في شركة دو بونت، أن هذه المادة الجديدة هي "الألياف التي انتصرت في الحرب".
لتتخذ دو بونت قرارا مدروسا يقضي بعدم الترويج للنايلون على أنه "حرير اصطناعي" بل مادة جديدة مصنوعة من "الفحم والهواء والماء".
وكانت بذلك تهدف للترويج لهذه المادة على أنها تتمتع بخصائص أفضل من الحرير القديم، فهي أقوى وأكثر مرونة وديمومة، وقابلة للجفاف بشكل أسرع، وأقل تعرضا للبقع في المطر.
وبعد الترويج للنايلون على أنه أكثر صمودا من الحرير، اضطرت الشركة لكبح توقعات الزبائن بأن الجوارب الجديدة ستكون عرضة للثقب.
ومثلما مثّل جهاز الآيفون نقطة تحول أدت لظهور سوق تنافسية في عالم الأجهزة الذكية، كان النايلون مصدر إلهام ساهم في ظهور ألياف اصطناعية مماثلة.
فبعد الاطلاع على نتائج أبحاث كاروثرز، طوّر الكيميائيان البريطانيان ريكس وينفيلد وجيمس ديكسون الألياف التي باتت تُعرف اليوم بالبوليستر، باستخدام حمض التيرفثاليك "غير المعروف" كمكوّن رئيسي، حيث توصلا إلى أن تناظر الجزيئي الأكبر من شأنه أن يسفر عن نتائج أفضل من التجارب التي قام بها كاروثرز.
جوارب النايلون في معرض نيويورك العالمي عام 1939
في معرض نيويورك العالمي عام 1939 تم عرض جوارب النايلون للجمهور الأمريكي لأول مرة، وتم استخدام النايلون في تلك الفترة لأغراض مُتنوعة مثل خطوط الصيد والغراز الجراجية وشعيرات وفرشاة الأسنان.
وقامت شركة دوبونت بوصف أليافها الجديدة بأنها قوية مثل الفولاذ ودقيقة مثل العنكبوت وكان هذا جزء من لإظهار التكنولوجيا المبتكرة والمنتجات الجديدة في المعرض.
تاريخ طرح جوارب النايلون للبيع لأول مرة
في 15 مايو/أيار 1940 المعروف رسميًا باسم "يوم النايلون" وصلت أربعة ملايين زوج من الجوارب النايلون البنية إلى رفوف المتاجر الكبرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة وتم بيع هذه الجوارب في غضون يومين بسعر تقريبي يبلغ 1.15 دولار للزوج الواحد.
وفي هذا اليوم ذكرت مجلة تايم وقوع حدث غريب في ويلمنجتون بولاية ديلاوير وهو أن كان النساء ينتظرن حتى تفتح المتاجر التي تبيع الملابس الداخلية في كل يوم أربعاء، ثم يتدافعن إليها مع تقديم ما يثبت أنهن من سكان ويلمنغتون.
وكان السبب في هذا الازدحام يرجع إلى وجود شركة EI du Pont de Nemours & Co المعروفة باسم DuPont في ويلمنغتون، وكانت هذه المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة، إذ يمكن شراء جوارب النايلون بسعر يتراوح بين 1.15 دولار و1.35 دولار للزوج، ولكن ها العرض كان محصورًا فقط على سكان المدينة وفي نهاية اليوم تكون الجوارب قد نفدت من المتاجر تقريبًا.
إنتاج جوارب النايلون على نطاق واسع
بنت شركة DuPont أول مصنع واسع النطاق للنايلون في سيفورد ديلاوير في أواخر عام 1939، وجدير بالذكر أن الشركة قررت عدم تسجيل النايلون كعلامة تجارية وفقًا لدوبونت "اختاروا السماح للكلمة بدخول المفردات الأمريكية كمرادف للجوارب" ويوم طرحها في مايو/أيار 1940 حقق النايلون نجاحًا كبيرًا في صناعة الجوارب وفي السنة الأولى بعيت الشركة مليون زوج من الجوارب المصنوعة من النايلون وفي نفس العام ظهر النايلون في فيلم" ساحر أوز"، إذ تم استخدامه لإنشاء الإعصار الذي يحمل دوروثي إلى المدينة الزمرد.
تأثير ظهور جوارب النايلون على الاقتصاد العام
ظهور جوارب النايلون أحدث تأثيرًا اقتصادياً كبيرًا في صناعة الملابس والاقتصاد العام، إذ ساعد في زيارة الإنتاج والتوظيف لزيارة الطلب على هذا المنتج الجديد وبالتالي تم توفير فرص عمل لصناعة النايلون.
زيادة الإيرادات والأرباح وذلك من خلال الأسعار المعقولة التي كانت للجمهور العالم، وبالتالي تم تحقيق مبيعات كبيرة للشركات تصنيع النايلون ومحلات البيع بالتجزئة.
ساهم ظهور جوارب النايلون في تطوير صناعة المواد الاصطناعية كمنتج اصطناعي رائد ومن خلال ذلك تم تحسين تقنيات الإنتاج وخفض تكالبفه.
وعلى الرغم من أن جوارب النايلون لم تحل محل الحرير بشكل كامل فإن سحبت جزءًا من الطلب على المنتجات الحريرية التقليدية وبالتالي اضطرت الشركات المصنعة للحرير إلى التكيف مع هذا التحول وتحسين جودة منتجاتها وتوفير قيمة مضافة للمستهلكين.
aXA6IDE4LjExOS4xMzMuMTM4IA== جزيرة ام اند امز