معضلة خلافة ميركل.. كواليس أصعب اجتماع للمحافظين منذ 40 عاما
بات ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا (جنوب)، الأقرب لخلافة أنجيلا ميركل، بعد اجتماع للاتحاد المسيحي؛ هو الأصعب منذ 40 عاما.
ويتنافس أرمين لاشيت، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي؛ الضلع الأكبر في تحالف الاتحاد المسيحي، وماركوس زودر، رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي (الأصغر) على بطاقة الترشيح لمنصب المستشار وقيادة التحالف في الانتخابات التشريعية المقررة سبتمبر/ أيلول المقبل.
وفي حين يراهن لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا (غرب)، على دعم الحزب الأكبر وخروج مرشح الاتحاد المسيحي للمستشارية من حزبه تاريخيا، يعول زودر على شعبيته الكبيرة التي فاقت ميركل نفسها في آخر استطلاع للرأي وتأييد قطاع كبير من الكتلة البرلمانية للتحالف له.
وحضر الخصمان، الثلاثاء، اجتماعا للكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي (محافظ) استمر 4 ساعات كاملة، وكان عاصفا إلى حد وصفه في وسائل الإعلام بـ"الأصعب منذ 40 عاما".
وذكرت مصادر لصحيفة بيلد الألمانية (خاصة): "أنصار لاشيت وزودر تصادما بشكل غير مسبوق خلال الاجتماع، لكن الفائز بهذه المرحلة هو زودر".
ووفق المصادر، فإن الاجتماع بدأ بكلمة لرئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، رالف برنكهاوس، الذي تحدث عن ضرورة الوحدة، محذرا من أن حزب الخضر الذي يحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي "يتحرك كوحدة واحدة".
ثم التقط لاشيت الكلمة ووجه هجوما واضحا لزودر، وقال "لا نريد عرض الرجل الواحد هنا"، مضيفا "أي تنوع أو أفكار مختلفة يجب أن تعرض في إطار الاتحاد المسيحي".
وجاء دور حاكم بافاريا الذي تحدث لمدة 20 دقيقة عن "ضعف أداء الاتحاد المسيحي في استطلاعات الرأي".
وقال إن أي خسارة نقطة أو اثنتين أو أكثر في الانتخابات يدفع ثمنها نواب الاتحاد المسيحي الذين يخسرون المقاعد نتيجة هذا التراجع، مضيفا "هذا تهديد وجودي للنواب، وأنا من يستطيع قلب الأمور"، في استدعاء واضح لاستطلاعات الرأي التي تظهر شعبيته الجارفة.
وتابع زودر "سيكون من الضروري أن نلهم القواعد الشعبية والسكان، ونظهر لهم أن لدينا شيئا نقدمه".
وبعد ذلك، بدأت مناقشات النواب، حيث طلب 50 نائبا الكلمة في أولى دقائق المناقشة، وفق صحيفة بيلد.
وفي البداية، تحدثت النائبة سلفيا بانتال، واقترحت إجراء تصويت في الكتلة البرلمانية لاختيار شخص واحد من لاشيت وزودر يكون مرشح التحالف للمستشارية.
لكن نوابا آخرين أثاروا السابقة الوحيدة لإجراء تصويت في الكتلة البرلمانية في عام 1979، وانتهى الأمر بخسارة الاتحاد المسيحي الانتخابات التشريعية في 1980 بعد أن ضرب تصويت الكتلة البرلمانية الوحدة بين طرفيه، وأضعفه كثيرا.
وبعد مرور أكثر من ساعة، كان 16 نائبا ألقوا كلمات بالفعل في الاجتماع، عبر 11 منهم عن دعم واضح لزودر، في حين دعم 5 فقط لاشيت، وفق بيلد.
ونتيجة لخروج نواب عن الحزب الديمقراطي المسيحي عن الصف ودعمهم زودر، تحدث برنكهاوس عن أن نواب الحزب جزء من كتلته، ولا يصح أن يخرجوا عن الحزب، ما بدا تصعيدا كبيرا للتوتر.
وفي هذا السياق، كانت ميركل تجلس في مقعدها صامتة تماما، وتكتفي بكتابة شيء ما على هاتفها الخلوي.
ومع قرب الاجتماع من نهايته، كان واضحا أن زودر هو الفائز بهذه الجولة، فمن بين 66 نائبا تحدثوا أمام الحضور، أيد 44 نائبا حاكم بافاريا، فيما أيد 22 نائبا لاشيت.
وإذا استبعدنا نواب بافاريا وشمال الراين ويستفاليا، تصبح النتيجة أكثر وضوحا: 28 نائبا لصالح زودر، و6 نواب فقط أيدوا لاشيت من خارج الولاية التي يحكمها، وفق الصحيفة ذاتها.
وأعلن زودر في نهاية الاجتماع أنه "تأثر بالكلمات"، مضيفا أنه اتفق مع لاشيت على عقد جلسة ثنائية هذا الأسبوع لحسم اسم المرشح لمنصب المستشار.
ووفق استطلاع أجراه معهد إنسا لقياس اتجاهات الرأي العام (خاص)، يحتل لاشيت المرتبة الـ١٢ بين أكثر السياسيين شعبية في ألمانيا، بعد أن كان في المرتبة الـ٩ في الاستطلاع الماضي.
فيما قفز زودر مركزا واحدا، واحتل المرتبة الأولى في نفس الاستطلاع متفوقا على ميركل، وفق ما نشرته صحيفة بيلد الألمانية الخاصة.
وتترك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحياة السياسية نهائيا بانتهاء الفترة التشريعية الحالية، ولن تقود الاتحاد المسيحي في الانتخابات لأول مرة منذ 16 عاما، ما يفاقم مشاكل التحالف.
وبصفة عامة، تراجع الاتحاد المسيحي من 37% من معدلات التأييد في استطلاعات الرأي، بداية فبراير/شباط الماضي، إلى 25% في استطلاع نُشر قبل أيام، أي أنه خسر 12 نقطة في شهرين.
وخلال الأسابيع الماضية، هزت ألمانيا 5 فضائح فساد مدوية، طالت 4 نواب وسياسيا كبيرا في الاتحاد المسيحي، تتعلق بتلقي رشاوى وعمولات في صفقات أقنعة طبية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ مُني الحزب الديمقراطي المسيحي بنتائج سيئة غير مسبوقة في انتخابات البرلمان المحلي بولايتي بادن-فورتمبيرج وراينلاند-بفالتس التي جرت الشهر الماضي.
وبخلاف الخسائر الانتخابية وفضائح الفساد، يتعرض الاتحاد المسيحي الألماني لانتقادات غير مسبوقة بسبب إدارته السيئة لأزمة كورونا، وتراجع معدلات التطعيم ضد الفيروس مقارنة بدول أخرى مثل بريطانيا والدنمارك.