"خليفة ميركل" يفاقم معاناة اتحادها
بتعثر حسم ملف خلافة أنجيلا ميركل على رأس "الاتحاد المسيحي" في ألمانيا، تسري عدوى التخبط بالتحالف الحاكم إلى ملفات شائكة.
ويعاني "الاتحاد المسيحي" الألماني الحاكم، وهو تكتل من حزبين محافظين، من تراجع شبه يومي في استطلاعات الرأي، وقضايا فساد متتالية تضرب نوابه، وانتقادات بسبب إدارة الحكومة السيئة لأزمة "كورونا" المستجد.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول المقبل، ولن تكون ميركل على رأس بطاقة الاتحاد المسيحي، لأول مرة منذ 16 عاما، لانسحابها الطوعي من الساحة السياسية بنهاية الفترة التشريعية الحالية.
ومنذ عام، يواجه الاتحاد المسيحي صعوبات بالغة في تحديد خليفة للمستشارة لقيادته في الانتخابات وتشكيل الحكومة المقبلة في حال فوز التحالف بأكثرية الأصوات.
ووفق مجلة "دير شبيجل" الألمانية، فإنه في ظل سوء إدارة الحكومة لأزمة كورونا، وقضايا الفساد، والتراجع في الاستطلاعات، تتزايد الضغوط على الحزب الديمقراطي المسيحي، وهو الطرف الأكبر في التحالف، والحزب الاجتماعي المسيحي، لتحديد مرشح الاتحاد لمنصب المستشار في أقرب وقت ممكن.
ورغم ذلك، اتفق رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، أرمين لاشيت، ورئيس الحزب الاجتماعي، ماركوس زودر، على اختيار واحد منهما لقيادة الاتحاد المسيحي في الانتخابات، بالفترة بين عيد الفصح وعيد العنصرة، وهي مدة تبلغ 40 يوما.
وأثار ذلك انتقادات كبيرة داخل التحالف، لأنه يعني تحديد قائد الاتحاد المسيحي بالانتخابات في مايو/ أيار المقبل، أي قبل الاقتراع بـ4 أشهر، وهي مدة غير كافية لتأسيس وإدارة وتوجيه حملة انتخابية على المستوى الاتحادي.
لاشيت بدا مدركا للضغوط والانتقادات، وحاول تدارك الأمر في تصريحات للتلفزيون الألماني قائلا: "من الممكن أن يأتي القرار بعد عيد الفصح بوقت قصير جدا".
بدوره، قال كارستن لينيمان، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، في تصريحات إعلامية: "إذا سألتني شخصيا، فأنا أفضل أن يأتي القرار أقرب لعيد الفصح، وليس بعيدا عنه".
وعبر لينيمان عن دعم لاشيت على حساب زودر، قائلا "لقد أثبت أنه قادر على القيام بمهام المستشار خلال فترة حكمه لولاية شمال الراين ويستفاليا"، أكبر ولايات البلاد.
ورغم أن التاريخ والمنطق يقفان في صف لاشيت باعتبار أنه رئيس الحزب الأكبر في التحالف، فإن ضعف شعبيته وسوء أداء حزبه الديمقراطي المسيحي تحت إدارته يفتحان الباب أمام زودر.
بل إن أعضاء بارزين في حزب لاشيت أعلنوا مؤخرا دعمهم لزودر، حيث قال النائب عن الحزب الديمقراطي المسيحي، وهانس شتاينجر، لـ"دير شبيجل": "علينا الرهان على الشخص الذي يملك فرصا أكبر في استطلاعات الرأي"، مضيفا "وفق هذا، يتقدم زودر بفارق كبير عن لاشيت".
وتابع: "في قاعدتي الحزبية، لا أعرف عمليا أي شخص يؤيد لاشيت"، داعيا "الاتحاد إلى بذل كل ما بوسعه ليفوز بالحكم في الخريف المقبل".
وأردف: "لا أريد أن أقضي أربع سنوات في المعارضة.. العمل ضد إشارة المرور (تعبير يطلق على تحالف حكومي يساري) ليس ممتعا".
فيما قال النائب عن نفس الحزب، رونجا كيمير، إن "زودر الأنسب لقيادة الاتحاد المسيحي في الانتخابات".
وأضاف كيمير: "أظهرت الأيام الماضية أن الثقة الشعبية في الشخصية السياسية، وكيفية تعاملها مع القضايا السياسية المهمة، هما معيار الاختيار".
لكن زعيم الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، رالف برينكهاوس، ركز أكثر على حسم القرار واختيار مرشح المستشارية في أقرب وقت، إذ قال في تصريحات متلفزة، إن "عملية صنع القرار يجب أن تبدأ بسرعة بعد عيد الفصح، ونعلن عن المرشح بسرعة بعد حسمه بالاتفاق المتبادل".
ووفق مراقبين، فإن التوصل لاتفاق بين شخصيتين سياسيتين يتطلعان لنفس المنصب، يعد أمرا في غاية الصعوبة، ومن الطبيعي أن يأخذ وقتا.
وبصفة عامة، تراجع الاتحاد المسيحي من 37% من معدلات التأييد في استطلاعات الرأي بداية فبراير/ شباط الماضي، إلى 25 % في استطلاع جرى نشرته صحيفة "بيلد" الأكبر والأكثر انتشارا في البلاد قبل يومين، أي أنه خسر 12 نقطة في شهرين.
ووفق الاستطلاع، يأتي حزب الخضر في المركز الثاني مسجلا 23 % من تأييد الناخبين، أي على بعد نقطتين فقط من الاتحاد المسيحي.
وحتى في حال بقاء هذه المعدلات على حالها وتوقف انهيار الاتحاد المسيحي وصولا للانتخابات التشريعية في سبتمبر/أيلول المقبل، فسيكون تحالف يساري بقيادة الخضر الأقرب لحكم ألمانيا لأول مرة منذ 16 عاما.
وخلال الأسابيع الماضية، هزت ألمانيا 5 فضائح فساد مدوية تورط فيها 4 نواب وسياسي كبير في الاتحاد المسيحي، ومتعلقة بتلقي رشاوى وعمولات في صفقات أقنعة طبية (كمامات).
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ مُني الحزب الديمقراطي المسيحي بنتائج سيئة غير مسبوقة في انتخابات البرلمان المحلي بولايتي بادن-فورتمبيرغ وراينلاند-بفالتس التي جرت في وقت سابق هذا الشهر.
وبخلاف الخسائر الانتخابية وفضائح الفساد، يتعرض الاتحاد المسيحي الألماني لانتقادات غير مسبوقة بسبب إدارته السيئة لأزمة كورونا، وتراجع معدلات التطعيم ضد الفيروس مقارنة بدول أخرى مثل بريطانيا والدنمارك.