ميركل في روسيا.. الوداع الأخير
تحل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضيفا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الجمعة، في آخر زيارة لها بصفتها الرسمية.
الكرملين أصدر بيانا أوضح فيه مباحثات الجانبان، حيث سيناقشان آفاق تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وكذلك النظر في عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
وقال الممثل الرسمي للحكومة الألمانية، ستيفن سيبرت، إن الرئيس الروسي والمستشارة الألمانية سيتطرقان في موسكو إلى الوضع في أفغانستان وبيلاروسيا، والصراع في دونباس، ومشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2.
وأوضح سيبرت أنه بالإضافة إلى المباحثات مع الزعيم الروسي، تخطط ميركل لوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر بموسكو.
وكانت آخر مرة زارت فيها المستشارة الألمانية موسكو في يناير 2020، فيما ستكون الزيارة الحالية بمثابة "وداع" لميركل، التي ستترك منصبها كمستشارة في الخريف المقبل.
وأنشأ ماضي ميركل التي ترعرعت في ألمانيا الشرقية حالمة بمغادرتها، وبوتين العميل في الاستخبارات السوفيتية في دريسدن أثناء سقوط جدار برلين، علاقة متقلبة بين الزعيمين.
ومنذ العام 2005، تواجهت ميركل وبوتين، اللذان يتحدث كل منهما لغة الآخر، في الكثير من المواضيع، من أوكرانيا إلى سوريا مرورا بالهجمات الإلكترونية التي نسبتها برلين إلى موسكو وعملية تسميم المعارض أليكسي نافالني الذي عولج في مستشفى في برلين.
لكن رغم ذلك، لم ينقطع الحوار تماما بين هذين السياسيين المحنكين اللذين يفصل بينهما كل شيء، باستثناء ماضيهما المشترك على الجانب نفسه من الستار الحديدي.
كلب بوتين
توقع فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة "راشا إن غلوبال أفيرز"، أن يرحب بوتين، الزعيم الوحيد في مجموعة العشرين الذي كان في منصبه عند وصول ميركل إلى المستشارية، "ترحيبا حارا" بها.
عندما التقيا للمرة الأولى في موسكو العام 2006، قدّم لها دمية قماشية على شكل كلب صغير لونها أبيض وأسود.
وخلال اجتماعهما الثاني في روسيا، الذي عقد في مقر إقامة بوتين الصيفي في سوتشي، دخل كلب بوتين وهو من فصيلة لابرادور يدعى "كوني" واقترب من المستشارة ملامسا إياها.
وبدا عدم الارتياح على ميركل ليعلّق بوتين ساخرا: "لا أظن أن الكلب سيخيفك"، لكن المستشارة تعرضت في الماضي لعضة كلب وتشعر بـ"قلق معين" عندما يقترب منها كلب.
وقالت لصحيفة "تسودويتشه تسايتونغ": "أظن أن الرئيس الروسي كان يعلم جيدا أنني لم أكن أتطلع فعلا إلى مقابلة كلبه، وأحضره معه يمكنكم أن تتخيلوا كيف كنت أحاول أن أبقى شجاعة، وأنظر في اتجاه بوتين وليس باتجاه الكلب".
ومنذ ذلك الحين، كانت هذه طريقة المستشارة الألمانية للتعامل مع الرئيس الروسي: انفصال بارد رغم الانزعاج، ممزوج أحيانا ببعض المرح، من أجل المضي قدما في بحث المواضيع المطروحة.
الصمود
اكتسبت المستشارة البالغة 67 عاما سمعة أنها قادرة على الصمود في وجه الزعيم الروسي ومواقفه القوية.
في العام 2012، هاجم بوتين صحفيين خلال حدث مشترك، وقالت ميركل: "لو كنت انفعالية بهذا الشكل، لن أستمر ثلاثة أيام في منصب المستشارة".
وفي العام 2016، عبّر فلاديمير بوتين عن احترامه لميركل وقال: "أنا أثق بها، إنها شخص منفتح جدا"، معتبرا أن الزعيمة "تبذل جهودا صادقة لحل الأزمات".
لكن ميركل لم ترد المجاملة. حتى إنها عبّرت عن استيائها في مايو/أيار بعد قضية تجسس جديدة نسبت إلى روسيا.
وقالت: "أستطيع أن أقول بصراحة إن هذا يؤلمني. أحاول كل يوم بناء علاقة أفضل مع روسيا، ومن ناحية أخرى، هناك دليل لا يمكن دحضه على أن القوات الروسية هي التي تقوم بذلك".
وتستعد ميركل للتقاعد من الحياة السياسية نهائيا، بعد قرارها الطوعي بعدم خوض الانتخابات التشريعية المقررة 26 سبتمبر/ أيلول المقبل، والاكتفاء بأربع ولايات على رأس حكومة ألمانيا.