انبعاثات الميثان تُشعل حرارة الأرض.. هل تنجح جهود المناخ للحد منها؟
لإبطاء تغير المناخ يجب الحد من غاز الميثان حيث يمكنه احتجاز حرارة تعادل 80 مرة مقارنةً بحرارة ثاني أكسيد الكربون في أول 20 عامًا من انبعاثه. .
إن الحد من التلوث بغاز الميثان هو الطريقة الأكثر فعالية لإبطاء معدل الاحتباس الحراري العالمي على المدى القصير، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ذلك "إن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أمر مهم لصحة المناخ على المدى الطويل، كما أن الحد من تلوث غاز الميثان الآن سيؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية عما نتوقع أن نشاهده في العقد المقبل".
دور الميثان في أزمات تغير المناخ
الميثان هو أحد الغازات الدفيئة القوية، ويأتي في المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون في مساهمته الإجمالية في أزمات تغير المناخ، وهو المسؤول عن حوالي ثلث ظاهرة الاحتباس الحراري الحالية؛ حيث ارتفعت انبعاثات غاز الميثان من قطاع الطاقة العالمي -منفردًا- إلى ما يقرب من 135 مليون طن في عام 2022، وهو ارتفاع طفيف عن الكمية في عام 2021؛ إذ تُعد عمليات الفحم والنفط والغاز الطبيعي مسؤولة عن حوالي 40 مليون طن من الانبعاثات وما يقرب من 5 مليون طن من التسربات في النهاية، فضلًا عن أن قطاع الطاقة مسؤول عما يقرب من 40% من إجمالي انبعاثات غاز الميثان التي تُعزى إلى النشاط البشري.
ويوضح أحدث تقرير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن مستويات الميثان وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق وأعلى بكثير من مستويات الانبعاثات المتوافقة مع الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى هدف 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس.
إن إبطاء معدل الاحترار العالمي غير المسبوق اليوم يمكن أن يساعد في تجنب المخاطر المناخية الأكثر حدة، بما في ذلك فقدان المحاصيل، وحرائق الغابات، والطقس المتطرف، وارتفاع منسوب مياه البحر.
- الحد من الميثان.. ضيف جديد في معادلة المناخ
- أخطر من الكربون 80 مرة.. ما هو الميثان ولماذا يجب التخلص منه أولا؟
خفض الميثان
لسنوات عديدة، تم تجاهل غاز الميثان في المحادثات المتعلقة بتغير المناخ. ولكن العلماء وصناع السياسات يدركون على نحو متزايد أن خفض انبعاث غاز الميثان يشكل أهمية بالغة.
ويُعُّد الحد من انبعاثات غاز الميثان أحد أسرع الطرق وأكثرها فعالية لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، هناك حاجة إلى بيانات دقيقة على مستوى المصدر عن انبعاثات غاز الميثان من البلدان والصناعة في جميع أنحاء العالم لتحقيق تقدم ملموس.
الاتحاد الأوروبي نموذجًا
رحبت المفوضية الأوروبية بالاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بين البرلمان الأوروبي والمجلس بشأن لائحة الاتحاد الأوروبي الجديدة لتقليل انبعاثات غاز الميثان في قطاع الطاقة في أوروبا وفي سلاسل التوريد العالمية. إذا إن الاتفاقية تُعد بمثابة فرصة حاسمة لتنفيذ الصفقة الخضراء الأوروبية وخفض صافي انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 55٪ على الأقل بحلول عام 2030.
وسوف تلزم صناعة الغاز الأحفوري والنفط والفحم بقياس انبعاثات غاز الميثان ومراقبتها والإبلاغ عنها والتحقق منها بشكل صحيح وفقًا لأعلى معايير المراقبة، فضلًا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها.
وتهدف اللائحة المتفق عليها اليوم إلى وقف إطلاق غاز الميثان الذي يمكن تجنبه في الغلاف الجوي وتقليل تسرب غاز الميثان من قبل شركات الطاقة الأحفورية العاملة في الاتحاد الأوروبي. وهذا الأمر يتطلب من المشغلين تقديم تقارير منتظمة إلى السلطات المختصة حول القياس الكمي وقياسات انبعاثات الميثان على مستوى المصدر، بما في ذلك الأصول غير المشغلة؛ كما أنه يُلزم شركات النفط والغاز بإجراء عمليات مسح منتظمة لمعداتها للكشف عن تسرب غاز الميثان وإصلاحه في أراضي الاتحاد الأوروبي ضمن مواعيد نهائية محددة؛ ويحظر التنفيس والحرق الروتيني في قطاعي النفط والغاز ويقيد التنفيس والحرق غير الروتيني في الظروف التي لا يمكن تجنبها، على سبيل المثال لأسباب تتعلق بالسلامة أو في حالة عطل المعدات؛ وأخيرًا، فهو يحد من التنفيس من مناجم الفحم الحرارية اعتبارًا من عام 2027، مع بدء تطبيق شروط أكثر صرامة بعد عام 2031.
ومن ثمَّ، يتطلب الأمر من الشركات في قطاعات النفط والغاز والفحم إجراء جرد للأصول المغلقة وغير النشطة والمسدودة والمهجورة، مثل الآبار والمناجم، لمراقبة انبعاثاتها واعتماد خطة للتخفيف من هذه الانبعاثات في أقرب وقت ممكن.
وستضع المفوضية أيضًا أداة عالمية لرصد انبعاثات غاز الميثان وآلية إنذار سريع للأحداث ذات الانبعاثات الفائقة، مع معلومات عن حجم وتكرار وموقع مصادر انبعاث غاز الميثان العالية داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه. وكجزء من هذه الأداة، ستتمكن اللجنة من طلب معلومات سريعة عن الإجراءات المتخذة لمعالجة هذه التسريبات من جانب البلدان المعنية.
وعليه، فقد التزمت أكثر من 150 دولة بخفض انبعاثات غاز الميثان من خلال التوقيع على التعهد العالمي لغاز الميثان بهدف خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030، وستساعد هذه الأداة في العمل مع الشركاء لتحقيق الأهداف المرجوة.
ما هي التحديات؟
هناك فرصة كبيرة لخفض انبعاثات غاز الميثان من قطاع الطاقة. تشير التقديرات إلى أنه يمكن تقليل حوالي 70% من انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن عمليات الوقود الأحفوري باستخدام التكنولوجيا الحالية. وفي قطاع النفط والغاز، يمكن تقليل الانبعاثات بنسبة تزيد عن 75% من خلال تنفيذ تدابير معروفة مثل برامج كشف التسرب وإصلاحه وتحديث المعدات المتسربة. وفي قطاع الفحم، يمكن خفض أكثر من نصف انبعاثات غاز الميثان من خلال تحقيق أقصى استفادة من استخدام غاز الميثان من مناجم الفحم، أو من خلال تكنولوجيات الحرق أو الأكسدة عندما يكون استرداد الطاقة غير قابل للتطبيق.
وفي حين أن انبعاثات الميثان منتشرة ومتغيرة إلى حد كبير، مما يجعل حجم الانبعاثات غير مؤكد، فإن تكنولوجيات التخفيض معروفة إلى حد معقول. ويتمثل التحدي في تحفيز نشر تقنيات التخفيض هذه عبر وسائل طوعية أو تنظيمية.
aXA6IDE4LjIxNy4xNDAuMjI0IA== جزيرة ام اند امز