خبير يكشف لـ«العين الإخبارية» طريقة صنع صمامات مجدي يعقوب الثورية
يبدو أن العالم بات قريبا من تحقيق اختراق طبي غير مسبوق يتمثل في إنتاج صمامات قلبية دائمة لا تحتاج إلى الاستبدال بشكل دوري.
وذلك بعد أن أظهرت التجارب ما قبل السريرية نجاح الصمامات التي قاد جراح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب فريقا بحثيا بريطانيا لتصميمها باستخدام تكنولوجيا النانو.
وأظهرت التجارب الحيوانية، التي نشرت نتائجها في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز بيولوجي"، نجاح هذه الصمامات، ويستعد الدكتور يعقوب للإشراف على تجارب سريرية ستشمل من 50 إلى 100 مريض، من بينهم أطفال.
وفي حال نجاح هذه التجارب، يكون جراح القلب العالمي قد حقق واحدا من أهم أحلامه، كما يقول الدكتور إبراهيم الشربيني، المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو بمدينة زويل ومدير مركز أبحاث علوم المواد بالمدينة، الذي شارك يعقوب في عدة أنشطة بحثية.
ويقول الدكتور الشربيني لـ"العين الإخبارية": "الدكتور يعقوب ليس مجرد جراح قلب ماهر، لكنه أيضا عالم مبتكر لا يتوقف عقله عن التفكير، وكانت هذه الصمامات واحدة من أهم أحلامه".
ويعتمد تطوير هذه الصمامات على التقدم في علم "هندسة الأنسجة"، وهو مجال متعدد التخصصات يجمع بين الهندسة وعلم الأحياء والكيمياء الحيوية لتطوير أنسجة حيوية جديدة أو إصلاح الأنسجة التالفة في جسم الإنسان.
ويشرح الدكتور الشربيني أن هناك طريقتين في هندسة الأنسجة: إما بناء العضو خارج الجسم في بيئة تحاكي الظروف البيولوجية داخل الجسم، أو تحفيز نموه داخل الجسم نفسه، وهي الطريقة التي اعتمدها الدكتور يعقوب وفريقه البحثي.
وفي الطريقة الأولى، يتم الحصول على الخلايا من المريض (مثل الخلايا الجذعية أو الخلايا المتخصصة) المناسبة لنوع النسيج المطلوب هندسته، ثم يتم إنشاء هيكل ثلاثي الأبعاد ليعمل كسقالة تزرع عليها الخلايا. يجب أن تكون السقالة مصنوعة من مواد متوافقة حيويًا، بعد ذلك، يتم زرع الخلايا المعزولة على السقالة لتبدأ في الانتشار والنمو على الهيكل، و توضع الخلايا والسقالة في بيئة خاصة تحاكي البيئة الطبيعية للجسم، حيث يمكن توفير المغذيات وعوامل النمو وإمدادات الدم لتحفيز الخلايا على النمو والتمايز، وبعد اكتمال نمو النسيج، يتم زرعه في المريض لإصلاح أو استبدال الأنسجة التالفة.
أما الطريقة الثانية، التي استخدمها الدكتور يعقوب وفريقه، فتبدأ بتصنيع السقالة من مواد متوافقة حيويا وقابلة للتحلل، بحيث تتحلل تدريجيا بعد أن تنمو الخلايا وتتشكل الأنسجة الجديدة، وتصمم السقالات لتكون ملائمة لنوع النسيج المطلوب، وتزرع السقالة في الموقع المصاب داخل الجسم، وفي هذه المرحلة، تعمل السقالة كإطار مؤقت لتوجيه نمو الخلايا، وتحتوي السقالة على مواد تحفز الجسم على إرسال الخلايا المناسبة إلى الموقع، وقد تضاف إليها جزيئات إشارات بيولوجية أو عوامل نمو لجذب الخلايا المناسبة، مثل الخلايا الجذعية، وبمجرد وصول الخلايا إلى السقالة، تبدأ في الانتشار والنمو داخل البيئة الطبيعية للجسم، حيث تساعد الأوعية الدموية والمغذيات في نمو الخلايا بشكل طبيعي، وتتحلل السقالة تدريجيا بمرور الوقت، تاركة وراءها نسيجا طبيعيا يتكامل مع الأنسجة المحيطة.
يقول الدكتور الشربيني إن لهذه الطريقة مزايا عدة، منها أن نمو الأنسجة في بيئتها الطبيعية يسمح بتفاعل أكثر تكاملا بين الخلايا والأنسجة المحيطة، مما يساهم في نمو أكثر طبيعية، كما أنها تقلل التكاليف والوقت، فبدلا من تحفيز الأنسجة خارج الجسم في ظروف مخبرية معقدة، يمكن تحفيز النمو مباشرة داخل الجسم، مما يقلل من الوقت والتكاليف، وأخيرا، تقلل الحاجة إلى زرع خلايا خارجية، حيث يعتمد هذا الأسلوب على خلايا الجسم الذاتية، مما يقلل من احتمالية رفض المناعة ويحد من الحاجة لاستخدام أدوية مثبطات المناعة التي توصف عادة لمرضى زراعة الأعضاء.