قلق أوروبي وعدم يقين أمريكي.. هل تبقى جبهة الغرب لدعم أوكرانيا موحدة؟
تواجه جبهة الغرب في دعمها لأوكرانيا، خطر الانقسام، بعد ثمانية أشهر على الحرب التي أدخلت أوروبا والولايات المتحدة في اختبار التماسك، خصوصا مع انتظار نتائج انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس الأمريكي.
ورغم بوادر الانقسام الواضحة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي فيما بينهم، والولايات المتحدة، بشأن التعامل مع روسيا، التي تخوض العملية العسكرية في أوكرانيا، إلا أن الانتخابات التشريعية الجزئية بالولايات المتحدة، التي قد تفرز أغلبية للحزب الجمهوري، ما قد يغير موقف واشنطن من دعم أوكرانيا.
هذا الأمر يثير الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة، إزاء الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وعيونهم على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، المقررة في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، حيث من المنتظر أن يفقد الحزب الديمقراطي الذي تنتمي إليه إدارة الرئيس جو بايدن، الأغلبية اللازمة لتمرير المشاريع، خاصة المصادقة على التمويلات الخارجية.
هذا الوضع المهدد للتماسك نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، التي قالت إن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا يشعرون بقلق متزايد من أن الجبهة الموحدة التي شكلها الغرب ردا على الحرب الروسية في أوكرانيا قد تتفكك سريعا إذا فاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية الأسبوع المقبل.
وخلال الأشهر الثمانية الماضية منذ بدأت العملية الروسية في أوكرانيا، ساد مستوى نادر من الإجماع على الحاجة لدعم أوكرانيا. وتعهد حلفاء أوكرانيا بشكل جماعي بتقديم أكثر من 93 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية، حيث وعدت الولايات المتحدة بنصيب الأسد من ذلك.
"لا شيك على بياض" لأوكرانيا
لكن منذ التعليقات التي أدلى بها زعيم الأقلية في مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي بشأن أن مجلسا يسيطر عليه الجمهوريون لن يواصل إصدار "شيك على بياض" لتمويل أوكرانيا، بدأ المسؤولون في كييف وأوروبا يتساءلون عما إن كان بإمكان كييف مواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة.
وحظيت جهود الرئيس جو بايدن لمساعدة أوكرانيا حتى الآن بدعم حزبي واسع النطاق، وتظهر استطلاعات الرأي العام دعما قويا لاستمرار المساعدات الأمريكية، حيث قال 72% من المشاركين في استطلاع الأسبوع الماضي إنهم يدعمون إرسال أسلحة إضافية ومساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، بما في ذلك 68% من الجمهوريين.
لكن مجرد الإشارة إلى احتمال تراجع الولايات المتحدة دق نواقيس الخطر في العواصم الغربية؛ فقد قال توبياس إلوود، الذي يترأس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني، إن أوكرانيا ببساطة لم تكن لتجبر روسيا على التقهقر لولا الكمية الهائلة من الأسلحة الأمريكية التي تدفقت على البلد منذ فبراير/شباط، ومن شأن أي تباطؤ أن "يغير قواعد اللعبة"، وقد يحول مجرى الحرب لصالح روسيا.
غير أن ما يقلق الأوروبيين أكثر هو أن سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا لن تبقى على ما هي عليه، بغض النظر عن من يفوز في انتخابات التجديد النصفي، فالديمقراطيون أيضا يودون مراجعة "الكرم" الأمريكي تجاه كييف.
فقد أوردت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الديمقراطيين الليبراليين كانوا بصدد إرسال خطاب إلى بايدن، يحثونه فيه على إعادة النظر في السياسة بشأن أوكرانيا.
وأضافت الصحيفة أن التجمع التقدمي في الكونغرس، سحب الخطاب الذي وقع عليه 30 ليبراليا في مجلس النواب وأرسل إلى البيت الأبيض، الإثنين الماضي، وقد حث الرئيس بايدن على التفاوض مباشرة مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وجاء هذا السحب بعد يوم على إثارة الخطاب، بقيادة براميلا جايابال رئيسة التجمع التقدمي بالكونغرس، ردود فعل عنيفة من عديد من الديمقراطيين.
وأدى إصدار هذا الخطاب إلى انقسام بين الديمقراطيين، حيث دفع بعضهم بأنه من غير المنطقي التفاوض مع بوتين؛ كما شعر المسؤولون الأوكرانيون بالقلق إزاء احتمال أن يضع الخطاب مزيدا من الضغط على بايدن بينما يحاول الحفاظ على الدعم الداخلي للجهد الحربي، في وقت تتجه فيه المنطقة إلى شتاء صعب وتهديد الجمهوريين بقطع المساعدات إلى أوكرانيا حال استعادتهم للكونغرس.
تخبط أوروبي وخذلان
وفي دليل على التخبط الأوروبي بشأن أوكرانيا، واحتمال انفراط عقد الإجماع، رأت عالمة السياسة الألمانية كاثرين كلوفر أشبروك أن أي تقليص في المساعدات الأمريكي قد يكون بمثابة تنبيه للعديد من الدول في أوروبا التي ما زالت تتأخر في الوفاء ببعض الالتزامات الدفاعية والمالية التي قطعتها في أعقاب الحرب.
وأشارت إلى أن ألمانيا على سبيل المثال لم تتخذ بعد خطوات لزيادة إنفاقها الدفاعي، بما يتماشى مع التعهد التاريخي الذي قطعه المستشار أولاف شولتز فور بدء العملية الروسية في فبراير/شباط الماضي، ووعد الاتحاد الأوروبي بـ11 مليار يورو مساعدات مالية إلى أوكرانيا، لكن لم يدفع سوى حوالي 3 مليارات من ذلك.
وبالرغم من شعور المسؤولين الأمريكيين بالقلق في كثير من الأحيان حيال تمزق الوحدة الأوروبية مع ارتفاع أسعار الطاقة التي ضربت المستهلكين الأوروبيين بقوة بشكل خاص بسبب اعتماد القارة على الطاقة الروسية، لكنها صمدت حتى الآن بشكل جيد، بحسب دبلوماسيين.
وهناك انقسام بين الأوروبيين بشأن عدة قضايا، تتراوح من كيفية مشاركة عبء الطاقة وحتى الحاجة لالتزامات دفاعية أكبر. لكن فيما يتعلق بمسألة الوقوف في وجه روسيا، ظلت العزيمة الأوروبية ثابتة، بحسب مسؤول أوروبي، طلب عدم كشف هويته، مضيفا: "لا أحد يقول لا، على أي شيء. وبالرغم من الاختلافات بشأن التفاصيل، لا أحد يحجم أو يتباطأ".
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA= جزيرة ام اند امز