"المهاجرون في ليبيا".. الضلع الأضعف أمام جرائم المليشيات
"العربية لحقوق الإنسان" في ليبيا تقول: "إن أعداد المهاجرين تجاوزت ٧٠٠ ألف وتزداد بشكل يومي بين ٣٠٠٠ و٤٠٠٠ شخص".
فتح استهداف المليشيات لمركز إيواء المهاجرين في مدينة تاجوراء غرب ليبيا ملف أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في البلاد، والانتهاكات التي يتعرضون لها.
والتقت "العين الإخبارية" بالدكتور عبدالمنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، لمعرفة أوضاع اللاجئين غير الشرعيين في ليبيا.
يقول الدكتور عبدالمنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا: "إن أعداد المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا تجاوز ٧٠٠ ألف مهاجر وطالب لجوء، وفق آخر تقدير من قبل منظمة iom".
وأشار "الحر" إلى أن ليبيا بها 20 مقر احتجاز للمهاجرين، ويدخل إلى هذه المراكز العديد من المهاجرين وطالبي اللجوء بشكل يومي ما بين ٣٠٠٠ و٤٠٠٠ شخص.
مراكز احتجاز أم إيواء؟
وأوضح "الحر" أن ليبيا لديها ٢٠ مركز (احتجاز) للمهاجرين وطالبي اللجوء تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بوزارة الداخلية، إضافة إلى العديد من المعتقلات والسجون التابعة لشبكات تهريب البشر والمليشيات.
وأشار "الحر" إلى أن الـ20 مركزا الموجودة في ليبيا هي مراكز احتجاز وليست مراكز إيواء، باعتبار أن المهاجر لا يستطيع الخروج والعودة من المركز، وأن التوصيف الصحيح مهم في إطار القانون الدولي والأمور المترتبة عليه.
وأوضح "الحر" أن مراكز المهاجرين غير آمنة، ويتعرض كثير منهم لعدة انتهاكات، مشيرا إلى أن كثيرا منهم يتعرض للعمل القسري والاغتصاب والتحرش والمعاملة المهينة للكرامة الإنسانية والتعذيب، بالإضافة إلى القتل مقابل الفدية من قبل المهربين.
وفيما يخص الإجبار على أعمال حربية والمشاركة في القتال أو اتخاذ مقار الإيواء مراكز لتخزين السلاح والمهاجرين كدروع بشرية، أفاد "الحر" أن بعض التقارير المتواترة تفيد بإرغام وإجبار المهاجرين على القيام بمهام ذات طابع عسكري لوجيستي.
غياب الأمن والتحديات
يؤكد الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا أن مراكز الإيواء غير مؤمنة بشكل كافٍ، وتتعرض لعمليات استهداف مثل مركز عين زارة الذي تعرض للقصف والتدمير، وتم نقل من فيه إلى مركز ثانٍ لا يقل خطورة عنه.
كما تعرض مركز قصر بن غشير لهجوم مسلح استخدم فيه الرصاص والقذائف من قبل المجموعات المسلحة التي كانت تسيطر على المكان حسب شهادات المهاجرين وطالبي اللجوء، كما جرح عدد من المحتجزين ولا يزال مصير بعض الجرحى وعدد من القتلى مجهولاً حتى الآن بعد أن تم نقل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى مركز احتجاز "شهداء النصر" بمدينة الزاوية.
وأوضح "الحر" أن من أكبر التحديات التي تواجه ملف الهجرة في ليبيا هو عدم كفاية التشريعات مع الهجرة المختلطة النظامية وغير النظامية، إضافة إلى عدم ملاءمتها وحساسيتها لاحتياجات اللاجئين للحماية.
مسارات الهجرة والتهريب
يندفع اللاجئون بحسب "الحر" للسفر إلى ليبيا لعدة أسباب، أهمها إلى جانب كونها دولة ممر للدول الأوروبية، تتوفر فيها خدمات المهربين وشبكات التهريب، وكونها بلدا غنيا ولديه قلة في الأيدي العاملة، ما يعني توفر فرص العمل برواتب مرتفعة نسبيا.
وكشف "الحر" مسارات الهجرة إلى ليبيا التي تتخذ 3 مسارات أساسية من الشرق، يقدم اللاجئون من الصومال ثم إثيوبيا أو إريتريا إلى السودان ومنها إلى ليبيا أو من الجنوب من جانبي النيجر وتشاد أو عبر الجزائر من جهة الغرب.
ويقول "الحر": "إن أخطر مهربي البشر متمركزون في مدينتي صبراتة والزاوية، وأسماؤهم موجودة على قائمة العقوبات الدولية بمجلس الأمن الدولي، وكذلك هم مطلوبون من قبل مكتب النائب العام الليبي".
وتضمنت هذه الأسماء (مليشيات أحمد الدباشي الشهير بالعمو، ومليشيات مصعب أبو قرين ومليشيات الحسن الدباشي) بصبراتة، و(مليشيات إبراهيم الحنيش ومليشيات أبو عبيدة الزاوي) بمدينة الزاوية، وجميعهم يقاتلون الآن في صفوف مليشيات "الوفاق" ضد الجيش الوطني الليبي بطرابلس.
وأوضح "الحر" أن دولا أوروبية وعلى رأسها إيطاليا تورطت في علاقات مع مهربي البشر، لتحقيق مصالحها الخاصة، مشيرا إلى أن إيطاليا دعمت "العمو الدباشي" بمبلغ ٥ ملايين يورو لمنع تدفق المهاجرين إليها.
كاشفا أن طائرة هيلوكبتر حطت بمدينة صبراتة لتسلم "الدباشي" المبلغ بعد تكليفه من قبل حكومة الوفاق –غير الدستورية- كآمر لحرس السواحل الليبي بالمنطقة الغربية، ولكنه اتضحت حقيقته وهاجمه الجيش الليبي وحرر ما يزيد على ٣٠٠٠ مهاجر من معتقلاته.
ليبيا شماعة فشل أوروبا
وأوضح "الحر" أن الهجرة غير النظامية في ليبيا هي نتيجة تحديات إقليمية ودولية، جعلت من ليبيا ضحية لتلك الظاهرة، لتصبح ليبيا شماعة يعلق عليها الاتحاد الأوروبي إخفاقاته وعجزه في معالجة ملف الهجرة غير النظامية.
وحول تقييمه للموقف الأوروبي بالتعاون مع ليبيا في ملف الهجرة، أشار "الحر" إلى أن أجهزة إنفاذ القانون بليبيا تمكنت منذ شهر مارس/آذار 2017 وحتى شهر مارس/آذار الماضي من إنقاذ 80000 ألف مهاجر لم يتم ترحيل سوى 20000 ألف مهاجر، وفقا لمبدأ الطوعية من قبل منظمة الهجرة الدولية.
وأكد "الحر" أن ملف الهجرة مشكلة إقليمية وحلولها يجب أن تكون إقليمية، وأن الحلول الأمنية وحدها من الممكن أن تحد من تدفق المهاجرين، ولكن يبقى ذلك غير كافٍ لمعالجة الظاهرة بشكل كامل، وأنه يجب أن يكون هناك تعاون إقليمي بين المنظمات الإقليمية والدول المعنية، سواء الدول المصدرة أو دول العبور.
وأشار "الحر" إلى أن ليبيا لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة عام ١٩٥١المعنية باللاجئين، بما يعني أنها لا تقبل طلبات لجوء، ولا يمكن اللجوء لها وفقا للاتفاقية وأنها دولة عبور.
وشدد "الحر" على أن إيطاليا بإعادتها للمهاجرين إليها إلى ليبيا تخالف قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.