كورونا ينشر البؤس.. مليون إيطالي يتجرعون طعم الفقر لأول مرة
مع الكثير من الخجل والشعور بالعار يصطف إيطاليون من الطبقات الكادحة أمام الجمعيات الخيرية للحصول على طعام مجاني بعد أن تجرعوا الفقر
مع الكثير من الخجل والشعور بالعار يصطف إيطاليون من الطبقات الكادحة أمام الجمعيات الخيرية للحصول على طعام مجاني، بعد أن تجرعوا الفقر المدقع لأول مرة في حياتهم، التي ربما جاوزت الخمسون عاما.. إنه أثر كورونا البائس.
وتقول نقابة "كولديرتي" الزراعية في إيطاليا أن عدد الأشخاص المعتمدين على المساعدات الغذائية زاد بأكثر من الثلث ليبلغ 3,7 مليون شخص، أي أن هناك زيادة بأكثر من مليون شخص وصفتهم النقابة بـ"الفقراء الجدد".
- فقراء جنيف والطعام المجاني.. كورونا يكشف وجها آخر لأغلى مدن سويسرا
- الدول "الأكثر فقرا" تحتاج إلى 6.7 مليار دولار لمواجهة كورونا
وحسب فرانس برس، دخلت إيطاليا فترة ركود تاريخية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن تداعي اقتصادها أمام جائحة كورونا، التي وجدت في إيطاليا أرضا خصبة مع اقتصاد ضعيف وانعدام المساواة ودين عام كبير وبطالة بمعدل 9% وعمل غير قانوني على نطاق واسع خصوصا في الجنوب.
"آنا" عاملة تنظيف من سكان روما، من "الفقراء الجدد" في إيطاليا بعدما حرمت من مصدر رزقها بسبب تفشي كوفيد-19 وأرغمت على الاعتماد على المساعدات الغذائية، وتخفي هويتها لكنها تقول إنها "تشعر بالعار".
وتقول الخمسينية التي عبرت المدينة للحصول على حصة غذائية توزعها جمعية "روندا ديلا سوليداريتا" في وسط روما التاريخي، "من حين لآخر آتي إلى هنا عندما تكون الأمور صعبة جدا. وأشعر بالعار".
وتسعى آنا للتوفير في الطعام لتتمكن من دفع إيجارها.
والمشكلة عالمية بحسب منظمة "أوكسفام" غير الحكومية، التي تقول إن 500 مليون شخص في العالم يعيشون في الفقر بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.
وفي بريطانيا طلب مليون شخص تقريبا أي 10 أضعاف أكثر من الأوقات العادية، مساعدة من الحكومة.
وفي الولايات المتحدة بلغ عدد العاطلين عن العمل 20 مليون نسمة.
لكن إيطاليا تدفع ثمنا باهظا من الناحيتين الإنسانية مع أكثر من 30 ألف وفاة، واقتصاديا. وكانت مناطقها الشمالية الأغنى تؤمن 45% من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد، وهي الأكثر تضررا بالوباء.
وفي أبريل الماضي حذرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من أن 27% من الإيطاليين قد يعيشون تحت عتبة الفقر في حال لم يحصلوا على راتب لمدة ثلاثة أشهر.
وقدرت صحيفة "لا ريبوبليكا" ب11,5 مليون عدد الأشخاص الذين فقدوا مدخولهم أي نصف القوة العاملة في البلاد.
وفي 28 مارس أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي "لا نريد التخلي عن أحد لن نترك أحد يدبر أموره لوحده". وكان في حينه قد أعلن تخصيص 400 مليون يورو لقسائم لشراء سلع أساسية.
لكن الوعود سيصعب الوفاء بها بما في ذلك لموظفين ظنوا بانهم في منأى من الأزمة.
وتقول ماريا لوبريتي (65 عاما) التي جاءت تطلب المساعدة من مركز توزيع تديره جمعية كاريتاس في ضاحية ميلانو "أشعر بخجل كبير".
وقبل فيروس كورونا المستجد كانت لوبريتي تعمل في غرفة جمع المعاطف في مسرح لاسكالا، ما كان يسمح لها بالعيش إذ كانت تخصص راتبها التقاعدي كأرملة لدفع الإيجار و60 يورو شهريا لشراء الأدوية.
لكن مسرح الأوبرا الشهير في ميلانو أغلق أبوابه واستغنى عن خدماتها.
وتضيف المرأة المتطوعة في جمعية تساعد المشردين "أجد نفسي اليوم في وضع هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة".
وتقول "قلت دائما لنفسي يا إلهي ما عساهم يشعرون؟ والآن أشعر أنا بهذا الألم. إنه أمر يجرح كرامتكم كإنسان".
ومنذ تسريحه من وظيفته كطاه قبل عام، كان أنطونيو دي غريغوريو (64 عاما) يؤمن معيشته من خلال العمل كسائق لدى مسنين.
وهو أب لفتاة في التاسعة من العمر، وبات يعيش من الحد الأدنى للدخل الذي تؤمنه الدولة للمحتاجين وقدره 400 يورو. ويقول "بحلول منتصف الشهر يتبخر المبلغ".
ويؤكد دي غريغوريو أنه رأى أشخاصا يسرقون الطعام في متاجر في ميلانو وهي ظاهرة سجلت أيضا في الجنوب الفقير. ويقول "على عجلة الاقتصاد أن تتحرك مجددا وإلا سنشهد حربا أهلية لأن الأشخاص يائسون".