عصابات "تعدين بيتكوين" تستنزف كهرباء ليبيا.. وخبير يكشف الأسباب

بلد يعيش على وقع أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، وما إن حاول الخروج منها، حتى تلقفته عصابات التعدين، لتجهز على كل أمل في النهوض.

الخبير الاقتصادي والمهندس الليبي عيسى رشوان، كشف عن عصابات للتعدين، اتخذت من حالة الفراغ السياسي في ليبيا مأوى لها، فأدخلت معداتها، وباتت تستنزف الطاقة الكهربائية -والتي تعاني ليبيا ندرة فيها-، وسيلة لتعدين العملات المشفرة.

وأوضح الاقتصادي الليبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن انقطاعات الكهرباء التي يعاني منها المواطنون في ليبيا، كان أحد أسبابها الرئيسية مزارع البيتكوين، التي ضبطت 5 منها في الأيام الماضية.

الأرخص عالميا

وتمكنت السلطات الليبية، من ضبط مزرعة في بنغازي يديرها مواطن فلسطيني، عثرت فيها على 180 جهاز تعدين، بعضها يعمل على تيار كهربائي قدرته 220 فولت، بحسب رشوان، الذي قال إنه تم تركيب منظم جهد للحفاظ على استقرار التيار، فضلا عن مد كابل كهربائي عن طريق عناصر بشركة الكهرباء، وتأجير خط فايبر من شركة هاتف ليبيا وتوصيله لمزرعة البيتكوين.

• هذه أسباب انهيار بيتكوين دون 40 ألف دولار.. فتش عن "شيا"
• أسعار العملات الرقمية اليوم.. بيتكوين وأخواتها في مستنقع الخسائر

وأشار إلى أن ليبيا التي تعد الأولى عربيًا –وفقًا لأرقام ومؤشرات غربية- تنتشر فيها المعامل السرية لتعدين عملة البيتكوين، كونها بين الأرخص عالميًا في تعدين عملة بتكوين، معتمدين على الكهرباء التي يقطعوها عن المصالح الحكومية والمستشفيات الليبية وسيلة لاستمرار نشاطهم.

وبحسب أرقام شبه رسمية، فإن أقل استهلاك يومي للكهرباء مقدر في ليبيا، بلغ 131 ميجاوات، فيما كان أكبر استهلاك يومي مقدر في ليبيا 2364 ميجاوات.

رشوان أشار إلى دراسة نشرتها جامعة كامبريدج أشارت فيها إلى أن ليبيا تمتلك 0.12% من إجمالي التعدين الذي يستهلك كهرباء عالمية قدرت بـ10.33 جيجاوات، كانت حصة ليبيا فيها 12.4 ميجاوات.

مزارع سرية

ونشر صورًا لبعض التوصيلات الكهربائية لأحد مزارع البتكوين السرية التي قال إنها صغيرة جدًا في ليبيا، مشيرًا إلى أن مؤشر استهلاك عملة بيتكوين الواحدة تستغرق 1544 كيلو وات في الساعة لإكمالها.

وأكد أن معاملة البيتكوين ستولد أكثر من 200 دولار من فواتير الطاقة واجبة الدفع لشركة الكهرباء، متسائلا: ماذا لو أراد ألف ليبي في عموم ليبيا تعدين عملة بيتكوين في نفس الوقت، فكم من الكهرباء سيستهلكون؟

وحول الجانب القانوني في عمليات تعدين عملة البيتكوين في ليبيا، قال رشوان إن الدولة الليبية لم تشرع هذا النشاط التجاري، أو تسمح به، مشيرًا إلى أن كل من يتعامل بتعدين العملات الافتراضية، داخل الأراضي الليبية، يعتبر مخالفًا للقانون الليبي

وأكد أن من حق الأمن الليبي بجميع فروعه القبض على من وصفهم بـ"المجرمين" والتحفظ على جميع أجهزة الحواسيب التي لديهم، وخصوصا المحال التي تبيعه.

غير قانونية

ووفقًا لبيان صادر عن المصرف الليبي المركزي في وقت سابق، فإن العملات الافتراضية مثل "البيتكوين" ونحوها، غير قانونية في ليبيا ولا توجد أي حماية قانونية للمتعاملين بها.

وحذر مصرف ليبيا المركزي في البيان الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، جميع المواطنين والمؤسسات والشركات من المخاطر الأمنية والاقتصادية للتعامل بالعملات الافتراضية والتي قد تستغل للقيام بأنشطة إجرامية ومخالفة للقوانين مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأكد أنه يجب الحصول على ترخيص وإذن مسبق من مصرف ليبيا المركزي للقيام بأية أنشطة أو تقديم خدمات مصرفية أو مالية سواء أكانت تتعلق بالعملات الافتراضية (مثل بيتكوين) أو غيرها.

انتشار التعدين

وبحسب مراقبين، فإن انتشار تعدين العملات الرقمية في ليبيا، يأتي نتيجة لرسوم التيار الكهربائي شبه المعدومة، بالإضافة إلى الفوضى الأمنية التي تعم البلد الأفريقي.

• ليبيا تنفي تصدير الكهرباء لتونس: "أخبار تسعى لتأجيج الرأي العام"

وتعاني ليبيا بدورها من تردي قطاع الكهرباء ويشكو مواطنوها من كثرة الانقطاعات، وهو ما أثار الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر انتشار مزاعم عن تصدير الكهرباء الليبية إلى تونس، والتي نفتها شركة الكهرباء.

انقطاعات مستمرة

وفي سياق متصل، انتقد رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة، أول أمس الجمعة، مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، بعد الانقطاعات المستمرة، قائلًا: "خذلتموني بعد أن راهنت عليكم"، مطالبًا إياهم بضرورة التوصل إلى حل لمشكلة انقطاع الكهرباء.

وقال الدبيبة، خلال لقاء مع مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، إن الشعب لا يزال لديه مطالب كبيرة، فيما الأخيرة لم تفعل شيئًا، ما يظهر في انتقادات الناس في الشوارع وفي مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكد الدبيبة أن الحكومة أعطت أكثر من فرصة لشركة الكهرباء، التي أطلقت وعودًا دون تحقيق أي منها، وخاصة في فصل الصيف الحار غير المسبوق الذي يمر به الليبيون منذ سنوات.

وأمهل الدبيبة مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، أسبوعين لحل أزمة الانقطاعات وطرح الأحمال التي زادت خلال الفترة الماضية.