تركيا تعزف على وتر "نشاز" في ليبيا.. ومحللون: "نوايا استعمارية"
تصريحات تركية لا تفوت مناسبة إلا استغلتها، لمحاولة تثبيت اتفاقية أبطلها البرلمان الليبي، لكن أنقرة ترفض الخروج إلا بحصة من الكعكة.
آخر ذلك إطلالة وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات التركية خلوصي أكار، في تصريحات صحفية، مساء السبت، قائلا: إن الجنود الأتراك يواصلون أنشطتهم في ليبيا بدعوة من الحكومة وبالتالي هم ليسوا أجانب على أرض ليبيا.
الوزير التركي، أشار في سياق إضفاء شرعية على قوات أنقرة هناك، إلى أنه ينبغي على الجميع إدراك وجود تعاون عسكري وتعليمي واستشارات تقدمها أنقرة لصالح الحكومة الليبية، وفقًا للاتفاقات بين الطرفين.
اتفاقية باطلة
تصريحات الوزير التركي تشير للاتفاقية التي وقعتها حكومة فايز السراج في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حول التعاون الأمني والعسكري الموسع، والذي أرسلت بموجبه أنقرة نحو 20 ألف مرتزق سوري و10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى إلى طرابلس، فيما أبطلها مجلس النواب الليبي.
كما أن اتفاقًا لوقف إطلاق النار وقعته اللجنة العسكرية، في أكتوبر/تشرين الأول 2020 في جنيف، قضى بضرورة ترحيل المرتزقة والأجانب من ليبيا في غضون 3 أشهر من توقيعه، وهو ما لم يحدث، حتى بعد عقد اجتماع برلين 2 في يونيو/حزيران الماضي، وما تلاه من جلسة لمجلس الأمن أكدت على المخرجات ذاتها.
وتمهد التصريحات التركية، -بحسب محللين- بألا تشمل مناقشة ملف خروج القوات الأجنبية من ليبيا، القوات التركية، والتي جاءت في إطار اتفاقية أبطلتها السلطات التشريعية في ليبيا.
سياسة متعجرفة
وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن التصريحات تأتي في إطار السياسة التركية التي وصفها بـ"المتعجرفة" و"المصممة" على التدخل السلبي في الشأن الليبي.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن تركيا لم ولن تنصاع للقرارات الدولية، سواء مخرجات برلين الأول أو الثاني، أو قرارات مجلس الأمن المختلفة، والتي كان آخرها في يوليو/تموز الماضي، والتي حثت على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة.
وأشار إلى أنه مع تواصل هذه التصريحات، فإن المجتمع الدولي أصبح في موقف محرج؛ كونه يرى كل هذه الخروقات ولا يحرك ساكنًا، مؤكدًا أن قراراته أصبحت محل سخرية، لأن هناك دولة ترفض تنفيذها، وتصر على تفسيرها على هواها، ما يعقد العملية السياسية في ليبيا، وقد يفسد الفرصة الذهبية لإجراء انتخابات ديسمبر.
تعقيد الأزمة
وأكد المحلل السياسي الليبي،خالد الترجمان أن المجتمع الدولي لم يتخذ أي موقف ولم يتخذ أي ردود فعل جادة تجاه تركيا، فلم يصدر بيانًا يدين فيه بشكل مباشر التصريحات التركية، أو يلوح بعقوبات من شأنها ردع أنقرة، مطالبًا بموقف من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي لتجنيب تعقيد الأزمة الليبية بشكل أكبر، ما قد يؤثر على كل الجهود الرامية لحل الأزمة، ومواصلة السير في طريق الحل السياسي.
المحلل السياسي قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الوزير التركي يتحدث عن مقاطعة وولاية من الولايات التركية، ليس أكثر من ذلك، مشيرًا إلى أن أموال وموارد الليبيين أصبحت في قبضة أنقرة.
وأشار إلى أن تركيا تسيطر على غرب ليبيا ومقدرات الشعب الليبي، فيما المجتمع الدولي غائب عن المشهد، تاركًا الليبيين يدورون في فقاعات إلى ما لا نهاية.
لا انتخابات
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن تركيا لا تريد انتخابات في ليبيا؛ فهي تعمل عبر المرتزقة والمليشيات التي تسيطر عليها على إفشال أي خطوة لإجراء الانتخابات، مفضلة الإبقاء على الأمور على ما هي عليه والتي يتيح لها تهريب للسلع الأساسية والمشتقات النفطية، والسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، متسائلا: "عن أي انتخابات يتحدث العالم وأردوغان يسيطر على ليبيا؟!".
أوروبا "تلجم" أردوغان بليبيا.. اتفاقية لتأمين الحدود وحظر التسليح
وقال ترجمان إن "تركيا تحاول –بمساعدة المرتزقة والمليشيات- تفتيت الجيش الليبي وهزيمته، إلا أن الأخير عقيدته هي تحرير الوطن، .... القوات المسلحة الليبية التي أعلنت أنها ستظل وفية لتحرير ليبيا حتى آخر شبر منه، قادرة على هزيمة مخططات أردوغان والمرتزقة".
انتهاك صارخ
المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح، يقول في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن هذه التصريحات ليست الأولى، فلطالما صرح وزير الدفاع التركي في كل مناسبة، بمثل هكذا تصريحات، في محاولة من أنقرة لتثبيت أن القوات التركية الموجودة في ليبيا ليست أجنبية وليست معنية بالخروج من الأراضي الليبية، ما يعد انتهاكا صارخا للسيادة الليبية، وعدم احترام للسلطات الموجودة حتى المتورط منها في التعامل مع تركيا.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن تزامن التصريحات مع زيارة لرئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى تركيا، هي محاولة من تركيا، لإثبات استثناء هذه القوات من أي مطالبات، حتى تلك الصادرة عن مجلس الأمن، التي أكدت على تنفيذ بنود اتفاق جنيف.
حرج كبير
مفتاح أشار إلى أن هذه التصريحات وضعت الحكومة الحالية في حرج كبير، لا سيما وأنها لم تكن واضحة في تصنيف تلك القوات، مؤكدًا أن الإصرار على بقاء القوات التركية في ليبيا، سيؤثر بشكل سلبي على انتخابات ليبيا.
مصير اتفاقيات السراج وأردوغان بعد السلطة الليبية الجديدة
وأوضح أن القوات التركية جاءت بالأساس لتثبيت طرف معين، (الممثل للمصالح التركية في ليبيا)، ما يعني أن أي عملية سياسية ستؤدي إلى خروج هذا الطرف، فإن تركيا ستتدخل بشكل سلبي عن طريق قواتها ضد ظهور أي طرف سياسي يحد من تواجدها في ليبيا، أو يمثل خطرا على مصالحها.
تخريب المصالحة
كامل المرعاش المحلل السياسي الليبي، قال إن هذه التصريحات تؤكد عزم تركيا على تخريب أي محاولة للمصالحة الوطنية، وإعادة البلاد إلى شبح الحرب، أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي أصبح مشاركًا في استمرار الفوضى في ليبيا.
مأساة المهاجرين.. بين الغرق بالمتوسط ونار مليشيات ليبيا
وأوضح المرعاش، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الادعاء التركي بأن جنوده ليسوا أجانب في ليبيا، يعكس النوايا الاستعمارية العثمانية في ليبيا.
وتوقع المحلل السياسي الليبي، تأثيرًا قويًا لهذه التصريحات على عرقلة ملف الانتخابات المقبلة، وهو هدف رئيس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ البداية، في اقتطاع شمال غرب ليبيا، بـ"تواطؤ من الخونة والعملاء".
aXA6IDMuMTMzLjE0MC44OCA= جزيرة ام اند امز