بعد 60 عاما من «صدام كوبا».. روسيا وأمريكا على حافة «أزمة نووية»
تصعيد كلامي مستمر منذ أسابيع بين روسيا والولايات المتحدة ومن خلفها حلف شمال الأطلسي، لكنه وصل عتبة "النووي" الخطرة.
إذ قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مقابلة مع وكالة الإعلام الرسمية، إن موسكو قد تتخذ خطوات في مجال الردع النووي إذا نشرت الولايات المتحدة صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا وآسيا.
وأضاف لافروف "لا نستبعد اتخاذ خطوات إضافية في مجال الردع النووي، لأن مراكز قيادتنا ومواقع قواتنا النووية ستكون في مرمى الصواريخ الأمريكية المنتشرة في الخارج".
وتفسيرا لهذا التهديد "المشروط"، ذكرت الوكالة الروسية أن الأمر يتعلق بالخطط الأمريكية التي تم الإعلان عنها، في أبريل/نيسان الماضي، لنشر صواريخ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ردا على ما تعتبره واشنطن "إضفاء من الصين للطابع العسكري على المنطقة بشكل متزايد".
لكن مثل هذا النشر المحتمل للصواريخ كان محظورا في السابق بموجب معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، والموقعة عام 1987 بين الولايات المتحدة وروسيا، التي انسحبت منها واشنطن رسميا عام 2019، بعدما قالت إن موسكو تنتهك الاتفاق، وهو اتهام نفاه الكرملين في حينه.
كما حذرت موسكو مرارا من أنها ستلغي تعليق نشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، الذي اقترحته بعد انسحاب واشنطن من المعاهدة، إذا مضت الأخيرة قدما في خططها لنشر مثل هذه الصواريخ في آسيا وأوروبا.
رد بالمثل
وعند سؤاله حول الخطوات المتوقع أن تتخذها موسكو في هذا الصدد، أجاب رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، بأن الخطوات الروسية "دائما تخضع لقاعدة الرد بالمثل".
وأوضح "نظريا، يمكن لروسيا نشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في مقاطعة كالينينغراد، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الروسية لكنها تقع في قلب أوروبا".
و"بذلك قد تشكل (روسيا) خطرا مماثلا في حال أقدمت الولايات المتحدة على نشر أسلحة أو صواريخ قصيرة أو متوسطة المدى في إحدى الدول الحليفة لها بالقرب من الحدود مع روسيا". وفق القليوبي.
العالم يتذكر الدرس
لكن القليوبي لا يتوقع تطور الأمر من الردع إلى المواجهة، ويقول إن العالم ليس على حافة مواجهة نووية لعدة أسباب.
واستطرد "أولا لأن السلاح النووي تم تطويره في الأساس كسلاح ردع وليس كسلاح للاستخدام، وفعليا هذا السلاح تعتمد عليه الدول العظمى حتى تضمن التحصين من أن يفكر أي طرف المساس بمصالحها الحيوية".
وتابع "ثانيا قبل أكثر من نصف قرن كان العالم على عتبة حرب نووية وقت أزمة الكاريبي، لكن بعد ذلك حدثت فترة من التهدئة، ودروس هذه الأزمة لا تزال راسخة في عقول الحكام سواء في روسيا أو في الغرب".
ويقصد القليوبي بأزمة الكاريبي أزمة الصواريخ الكوبية بين واشنطن والاتحاد السوفياتي، التي وضعت القوتين على حافة مواجهة نووية في الستينيات، إثر الكشف عن نشر روسيا صواريخ نووية متوسطة المدى في الأراضي الكوبية ردا على خطوة أمريكية مماثلة في تركيا وإيطاليا.
وانتهت الأزمة باتفاق بين القوتين على تفكيك متبادل لمنصات الصواريخ، بعد أزمة هي الأقوى في فترة الحرب الباردة.
لذلك، يقارن القليوبي الماضي بالحاضر، ويقول "كلما نرى اقترابا من هذه الحافة الخطرة نرى تهدئة أيضا".
aXA6IDMuMTMzLjE0OC43NiA= جزيرة ام اند امز