الحراك الإعلامي للمعتدلين لا يزال في طور النمو، حيث لم يخرج بعد من فكرة الرد على الادعاءات والتهم التي تكال إليه من هنا وهناك
لطالما كان الإعلام الديني محركاً أساساً في عملية تشكيل الفكر الديني للشباب، وقد ساهمت المحاضرات التي كانت توزع عبر الأشرطة في المساجد والمكتبات في توسيع دائرة التأثر، في ظل انحسار المعلومة واحتكارها.
ومع مرور المنطقة العربية بأحداث سياسية غيرت وجه التاريخ والجغرافيا، تغير شكل الإعلام الديني، وتضخمت القنوات وتضاعفت لتفوق 100 قناة ساهمت جلها في تعزيز الصراع الطائفي، إضافة إلى مواقع الإنترنت والحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي التي اكتظت بالمغردين والأتباع.
حان الوقت للوصول إلى خطاب إعلامي يتجاوز الخلافات الطائفية ويبني مجتمعاً يقوم على التكامل بين كافة الأطياف ويقدر المشتركات العديدة ويجفف منابع الإرهاب التي تعتمد على تأويل نصوص من القرآن والسنة بحسب الأهواء الحزبية والطائفية.
إن الإعلام صورة المجتمع في تموجاته وسكناته، لكن لا يمكن الحكم على الإعلام الديني بذلك كونه مر بظروف أدت إلى توجيهه وعدم عكسه الحقائق على الأرض، فالإعلام كتجارة يعتمد على مقدار الدعم المادي الموجه له، وقد سعت الأحزاب الدينية في استغلال الدين لتوجيه الجماهير عبر قنوات التلفزيون الخاصة ونشر الفكر المتشدد، من أجل نيل أكبر نسبة من المتابعين بتخويفهم وترهيبهم بشتى الطرق ما أدى إلى أزمة إعلام ديني جاءت من فهم غالط لمكانة ووظيفة الدين، من جعله فكرة تختزل في كلمات، والبدء في تحشيد الأتباع وأعضاء الفريق ثم الرد والهجوم على الآخر المختلف، وهذا ما جعل الإعلام الديني رأس حربة الجماعات المتطرفة وسبيلها لترويج أفكارها.
وهنا يحق التساؤل حول موقع الفكر المعتدل في العملية الاتصالية، ودور المسلمين المعتدلين في تعريف الناس برسالتهم وتقريب الصورة لهم في ظل الهجوم المتنامي عليهم بزعم تمييع الدين، والابتعاد عن جوهره بسبب نأيهم عن الصراعات الضيقة وابتعادهم عن السعي في الحصول على كرسي الحكم.
إن الحراك الإعلامي للمعتدلين لا يزال في طور النمو، حيث لم يخرج بعد من فكرة الرد على الادعاءات والتهم التي تكال إليه من هنا وهناك بعد سنوات من الركود، إلا أنه يتقدم بشكل واضح مع وجود حاجة من الشباب المتعطش للمعين الروحي، ولا شك أن الوقت قد حان لإتاحة المجال لصوت الاعتدال ودعم وسائل الإعلام التي تدعو إلى التسامح لملء فراغ القنوات الحزبية التي انكشفت أمام الملأ بعد عدة أزمات فضحت ازدواجية الخطيب والخطاب.
لقد عملت دول عربية على محاربة الفكر المتشدد المؤدي إلى الإرهاب بإيجاد استراتيجية شاملة وبتجفيف المنابع الفكرية والثقافية التي تغذي التطرف وتحرض على الكراهية وقد حان الوقت للوصول إلى خطاب إعلامي يتجاوز الخلافات الطائفية ويبني مجتمعاً يقوم على التكامل بين كافة الأطياف ويقدر المشتركات العديدة ويجفف منابع الإرهاب التي تعتمد على تأويل نصوص من القرآن والسنة بحسب الأهواء الحزبية والطائفية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة