محمد البساطي.. 7 سنوات على رحيل "راوي القرية المصرية"
معظم أعمال الروائي المصري محمد البساطي تدور في جو الريف المصري من خلال التفاصيل الدقيقة لحيوات أبطاله المهمشين في الحياة.
تمر، الأحد، 7 سنوات على رحيل الأديب المصري محمد البساطي، الذي غيبه الموت في 14 يوليو/تموز عام 2012، بعد أن ترك بصمته الواضحة في مسار السرد الروائي العربي المعاصر.
انشغل البساطي في أعماله بـ"الحرية" التي بدت هدفًا أساسيًا لجميع شخوصه الروائية باختلاف تصوراتها ورؤاها حول وجودهم، كما تميزت كتاباته منذ صدور روايته الأولى "المقهى الزجاجي" وحتى روايته الأخيرة "وسريرهما أخضر" بالعبارة القصيرة النافذة التي تصيب هدفها سريعًا.
وتدور معظم أعمال البساطي، الذي وُلد في 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1937، في جو الريف المصري من خلال التفاصيل الدقيقة لحيوات أبطاله المهمشين في الحياة الذين لا تهمهم سطوة السلطة أو تغيرات العالم من حولهم.
وهناك خاصية أسلوبية تتعلّق بالاستهلال السردي في نصوص البساطي، تذكرنا بما قاله الفرنسي ميشيل ريفاتير حول مفهوم الأسلوب بوصفه "قوة ضاغطة تتوجه نحو حساسية القارئ ولها قدرة على النفاذ إلى سيكولوجيته"، فمحمد البساطي لا يبدأ البدايات التقليدية التي تتوخى الجمل الطويلة المسكونة بزوائد مجانية أحيانًا، لكنه يعرف الطريق إلى قارئه جيدًا، فيصل إليه عبر أقصر الطرق وبأكثر العبارات إيجازًا، وذلك بحسب ما ورد في كتاب "الرواية المصرية: سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد" للدكتور يسري عبدالله.
وتميز صاحب "صخب البحيرة" بتقديم الروايات القصيرة (النوفيلا)، كما أنه أبرز من تناول عالم السجن بحكم خبراته كمراجع لحسابات السجون المصرية، وهي خبرة مكنته من إظهار تناقضات هذا العالم وإبراز قسوته في عوالم تجمع بين الفانتازيا والواقعية.
وتعد رواية "جوع" واحدة من أشهر أعمال البساطي، كما أنها وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية عام 2009، وتُشكل عرضاً للواقع الاجتماعي، الذي تعيش الأسرة في إطاره، حيث يسود التخلف فيها على غير صعيد، وبجوارها أسرة ميسورة ويحاول الكاتب أن يقدم مقارنة بين حياة الفقراء والأغنياء، من خلال الأسرتين في البلدة، وتعتبر صرخة مدوية في وجه القهر الذي يلاحق الإنسان.
وفسر البساطي، في حوار صحفي له، علاقته بالقرية وارتباطه الكبير بها وتأثيرها عليه، موضحًا: "القرية طفولتي وصباي، والطفولة والصبا زمنان يترسخان في العقل والوجدان، حتى عندما نكبر ونشيب يظلان فاعلين، وعندما كتبت لم أغادر القرية في كتاباتي، هي المحيط الذي عرفته وفهمته كلًا وجزءًا، ولكن ذلك لم يمنع أن أتجرأ وأكتب عن عالم المدينة".
وأضاف: "القرية هي المنطقة والعالم التي تجد لمحاتها حاضرة حتى الآن في حياتي، وتجد علاقة وثيقة بين الريف والأعمال الإبداعية كلّها ما عدا (ليلة أخرى) فهي الرواية التي كتبت عن فترة السبعينيات في أوساط مثقفي القاهرة".
وفاز البساطي بعدة جوائز منها جائزة أفضل رواية التي قدمها معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1994، عن روايته "صخب البحيرة"، وحصل على جائزة سلطان العويس الثقافية في القصة والرواية لعام 2011 مناصفة مع السوري زكريا تامر.
وفي عام وفاته 2012 منحته الدولة جائزتها التقديرية تكريمًا لمنجزه الإبداعي في القصة والرواية، كما وصلت روايته "جوع" للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2009، وهي الدورة التي ذهبت فيها الجائزة لرواية "عزازيل" التي كتبها الدكتور يوسف زيدان.
وله العديد من المجموعات القصصية، منها: الكبار والصغار، حديث من الطابق الثالث، أحلام رجال قصار العمر، هذا ما كان، منحنى النهر، ضوء ضعيف لا يكشف شيئاً، ساعة مغرب، محابيس، الشرطي يلهو قليلاً، ومن أبرز رواياته: التاجر والنقاش، المقهى الزجاجي، الأيام الصعبة، ويأتي القطار، ليال أخرى، فردوس، أوراق العائلة، الخالدية.
aXA6IDE4LjExOS4xMTMuNzkg جزيرة ام اند امز