وزير بوتفليقة "المتمرد" على نظامه رئيسا لسلطة الانتخابات
محمد شرفي وزير العدل الأسبق في عهد بوتفليقة وصفه المراقبون بـ"إحدى ضحايا الفساد" في عهده، وأول رئيس للسلطة الوطنية للانتخابات بالجزائر
انتخب، الأحد، الأعضاء الـ50 للسلطة الوطنية المستقلة لانتخابات الجزائر محمد شرفي، وزير العدل الأسبق في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، أول رئيس لأول هيئة انتخابية تشرف على جميع مراحل العملية الانتخابية منذ إقرار التعددية السياسية في الجزائر عام 1989.
- محمد شرفي وزير العدل الأسبق رئيسا للسلطة الوطنية للانتخابات بالجزائر
- مهلة تحديد موعد الانتخابات.. هل الجزائر جاهزة لتجاوز عهد بوتفليقة؟
وبموجب قانون للسلطة الانتخابية، فإن ولاية "شرفي" على رأس السلطة الانتخابية الجديدة تدوم 3 أعوام.
وسيكون محمد شرفي وبقية أعضاء اللجنة أمام مهمة صعبة، بحسب المراقبين، كونها ستشرف على أول انتخابات بعد استقالة بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان الماضي، وعقب حراك شعبي ما زال جزء منه يرفض إجراء الانتخابات بوجود رموز نظام بوتفليقة.
كما أن السلطة الانتخابية الجديدة أقرت للمرة الأولى نظاماً انتخابياً مختلفاً عما كان معمولاً به منذ أول انتخابات رئاسية تعددية في البلاد عام 1995؛ إذ منحها القانون جميع صلاحيات وزارتي الداخلية والعدل والمجالس المحلية والمحافظين في مراقبة وتنظيم الانتخابات.
ويبدأ عمل السلطة الانتخابية مباشرة بعد استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة والنهائية للانتخابات، كما يعهد لها الإشراف على قوائم الناخبين التي لطالما كانت محل جدل بين السلطة والمعارضة بالجزائر.
بالإضافة إلى "الفصل في النزاعات الانتخابية وعمليات التصويت والفرز"، حيث ستكون الجهة الوحيدة المخولة بتلقي احتجاجات الأحزاب السياسية والمرشحين، على أن تتخذ جميع الإجراءات.
كما يشترط قانون الانتخاب الجديد على المرشحين تسليم ملفات ترشحهم في الانتخابات الرئاسية للسلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات بدلاً من وزارة الداخلية، على أن تقوم السلطة الجديدة بمراجعة الملفات وتسليمها للمجلس الدستوري للبت في مطابقتها للإجراءات القانونية في ظرف 10 أيام.
وشكّل انتخاب محمد شرفي مفاجأة غير متوقعة عند كثير من المتابعين، كونه من وجوه نظام بوتفليقة؛ إذ كان واحداً من مستشاريه في بدايات حكمه وتولى حقيبة وزارة العدل مرتين، وكان ذلك عامي 2002 و2012.
غير أن شرفي أدلى، بعد إقالته سنة 2013، بتصريحات مثيرة عن خفايا قضايا الفساد التي شهدها عهد بوتفليقة والضغوط التي واجهته، ما دفع المراقبين إلى وصفه بـ"الوزير المتمرد على نظام بوتفليقة".
من هو محمد شرفي؟
محمد شرفي الرئيس الجديد للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر، صاحب الـ73 عاما، يعد من رجال القضاء الذين بدأوا مسيرتهم في عهد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين (1965 – 1962).
إذ ينحدر "شرفي" من محافظة الراحل بومدين نفسها وهي "قالمة" الواقعة شرق الجزائر، والتي ولد بها في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1946.
يعد شرفي من القانونيين والسياسيين الجزائريين الذين تخرجوا في "المدرسة الوطنية للإدارة" عام 1970، ليتولى بعد تخرجه مباشرة مناصب عدة في العدالة من قاضي تحقيق ونائب عام في عدة محاكم في البلاد من 1972 إلى 1989.
عينه الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد (1979 – 1992) أميناً عاماً لوزارة العدل عام 1989 إلى 1991، ثم مستشاراً في المحكمة العليا التي تعد أعلى محكمة قضائية في الجزائر من 1991 حتى 1997.
ومع مجيء عبدالعزيز بوتفليقة إلى الحكم سنة 1999 عيّنه مستشاراً له ووزيراً للعدل سنة 2002 حتى 2003، ليغيب بعدها عن الأنظار، قبل أن يعيده بوتفليقة إلى المنصب نفسه سنة 2012 وزيراً للعدل حافظاً للأختام لسنة واحدة أيضا.
أول وزير يخرج عن واجب التحفظ
نادرون هم المسؤولون السابقون في عهد بوتفليقة الذين خرجوا عن صمتهم وانتقدوا سياسات الرئيس السابق في وقتها، وقد كان محمد شرفي واحداً من أولئك الذين قُوبل طلبهم بتعديل قانون الفساد برفض من المحيطين ببوتفليقة كما ذكرت عدة مصادر إعلامية جزائرية.
ففي تصريحات مفاجئة ومثيرة له في فبراير/شباط 2014 وعشية الانتخابات الرئاسية التي فاز بوتفليقة بها، كشف محمد شرفي عن "ضغوط" مورست عليه من قبل الأمين العام الأسبق للحزب الحاكم عمار سعداني "لإخفاء ملف تورط شكيب خليل وزير الطاقة الأسبق في تهم فساد كبيرة".
واتهم وزير العدل الأسبق عمار سعداني صراحة بـ"بمساومته وابتزازه لإسقاط شكيب خليل من قضية سوناطراك 2 وتبرئته مقابل الاحتفاظ بالمنصب الوزاري".
وخاطب شرفي الأمين العام الأسبق للحزب الحاكم، في أحد تصريحاته المثيرة، قائلاً: "ألم تطلب منّي وديا إبعاد اسم الوزير السابق للطاقة عن التحقيق القضائي الذي مسّ سوناطراك مقابل احتفاظي بمنصبي في الحكومة كوزير للعدل؟".
ونفى شرفي أن خضوع جهاز العدالة في عهده لأوامر "جهاز المخابرات" الأسبق الذي كان يقوده الفريق المتقاعد محمد مدين، واعتبر حينها أن إصدار مذكرة التوقيف الدولية ضد شكيب خليل وفتح ملف الفساد في عملاق النفط الجزائري كان "قراراً مسؤولاً".
ولم يخف الرئيس الجديد للسلطة الجزائرية للانتخابات سنة 2014 معارضته لما سماه "تفشي الفساد في كثير من القطاعات في البلاد"، وهي التصريحات التي فُسرت بأنها كانت سببا وراء إقالته من منصبه، كونه فتح ملف فساد لأكثر الشخصيات المقربة من بوتفليقة.
غير أن اللافت هو غياب محمد شرفي عن الواجهة منذ تلك التصريحات المثيرة، وكان الوزير الوحيد للعدل في عهد بوتفليقة الذي خرج "عن واجب التحفظ" الذي يلزم القانون الجزائري به "جميع كبار المسؤولين" من ورؤساء حكومات ووزراء.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjE0MyA= جزيرة ام اند امز