محمد بن زايد يجري "زيارة دولة" لعُمان.. رسائل ودلالات
يبدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الثلاثاء المقبل، "زيارة دولة" لسلطنة عمان، تتوج العلاقات المتنامية بين البلدين.
الزيارة التي تستمر يومين تأتي تلبية لدعوة من السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
قيام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة دولة إلى سلطنة عمان، التي تعد أرفع أنواع الزيارات الرسمية، يحمل رسائل ودلالات حول قوة ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين التي تستمد جذورها من التاريخ المشترك وحسن الجوار وعمق صلات المودة ووشائج القربى التي تجمع بين شعبي البلدين.
وتعد تلك هي أول "زيارة دولة" يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى دولة عربية وخليجية منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي.
وتعكس الزيارة حرص البلدين الشقيقين المشترك على التشاور المستمر فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تطويرها ودفعها إلى الأمام على المستويات كافة .
كما تجسد تلك الزيارة حرص قيادة البلدين على التواصل والتشاور، وبحث التحديات المختلفة من أجل بناء موقف متسق تجاهها يخدم مصلحة البلدين من ناحية ويصب في مصلحة أمن المنطقة واستقرارها من ناحية أخرى ويدعم التضامن الخليجي والعربي أيضا.
ويعد اللقاء المرتقب بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأخيه سلطان عمان هيثم بن طارق هو الثاني خلال 4 شهور بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة سلطان عمان إلى الإمارات مايو/أيار الماضي، لتقديم التعازي بوفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
كما تعد تلك ثاني زيارة دولة يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد توليه مقاليد الحكم بعد زيارته الدولة التي قام بها لفرنسا في يوليو/ تموز الماضي، وحظي خلالها بحفاوة استثنائية وترحيب كبير.
وتعد "زيارة الدولة" التي يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لسلطنة عمان الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها، حيث تعد أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، الأمر الذي يعبر عن حجم المكانة التي يحظى بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى السلطنة قيادة وشعبا.
و"زيارة الدولة" لا تتم إلا بدعوة رسمية من رئيس الدولة المضيفة لنظيره رئيس الدولة الزائر، فيكون فيها ضيفه شخصيا ويسكن في أحد مقرات إقامته الرسمية طوال فترة الزيارة.
يومان
ويقوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بعد غدٍ الثلاثاء بزيارة دولة إلى سلطنة عمان الشقيقة تستمر يومين تلبية لدعوة من أخيه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
وتأتي هذه الزيارة انطلاقاً من العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة التي تربط البلدين وتعزيزاً لأواصر المحبة ووشائج القربى التي تجمع الشعبين الشقيقين.
ويبحث القائدان خلال الزيارة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية ودفعها إلى الأمام بما يلبي تطلعات البلدين ويحقق أهدافهما إلى التنمية المستدامة.
كما يناقش الجانبان مجمل التطورات الخليجية والعربية والقضايا محل الاهتمام المشترك، وجهود البلدين في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
حفاوة كبيرة
تنطوي "زيارة دولة" على معنى سياسي كبير، وتسودها أجواء احتفالية وشرفية كبيرة -على صعيديْ الاستقبال والتوديع- تنظمها الدولة المضيفة للرئيس الزائر، ويراعى فيها التقيد التام بجميع إجراءات البروتوكول بعد التوافق عليها بين الطرفين قبل بدء الزيارة.
وتستوجب "زيارة دولة" عادة تنظيم حفل غداء أو عشاء يكون فيه الرئيس الزائر "ضيف شرف"، مع وضع برنامج مباحثات وزيارات منوعة لبعض الأماكن والمعالم.
كما تشمل إطلاق 21 طلقة بندقية في الهواء ترحيبا بالزائر إن كان رئيسا، و19 طلقة إن كان برتبة رئيس حكومة.
وقد يُدعى الضيف إلى زيارة الهيئة التشريعية (البرلمان)، وربما سُمح له بإلقاء خطاب فيه.
وفي العادة يكون طول "البساط الأحمر" الذي ينزل عليه رئيس الدولة الزائر 50 مترا.
إضافة لزيارة الدولة، توجد أنواع أخرى من الزيارات بين قادة الدول وكبار مسؤوليها -بحسب تقارير إعلامية- من بينها زيارة العمل أو "الزيارة الرسمية"، وهذا النوع من الزيارات الحكومية له مراسم محددة لكنها لا تصل إلى مستوى بروتوكول كامل في الاستقبال والتوديع كما يوجد في "زيارة دولة"، رغم أنها مثلها تكتسب أهمية سياسية كبيرة.
وتتميز "زيارة العمل" بكونها مصممة لهدف محدد وبرنامج رسمي عملي، يتضمن مباحثات ولقاءات عمل وتوقيع اتفاقيات ثنائية، في حين تستوجب "زيارة دولة" عادة تنظيم حفل غداء أو عشاء، يمكن تجاوز ذلك خلال "زيارة العمل".
ولا يوجد في زيارة العمل طلقات مدفعية، وقد يُستقبل الرئيس الضيف في المطار بمستوى أقل من رتبة رئيس الدولة المضيفة، وكذلك في الوداع. وفيها يكون طول "البساط الأحمر" الذي ينزل عليه رئيس الدولة الزائر 25 مترا.
وهناك أيضا الزيارة الخاصة، وهي زيارة يقوم بها رئيس دولة أو رئيس حكومة أو وزير بهدف شخصي قد يكون عملا خاصا أو علاجا أو سياحة، أو بهدف زيارة سفارة بلده لأمر ما.
وليس لهذا النوع من الزيارات مراسم بروتوكولية أو تشريفات لافتة في معظم جوانبها، ففيها مثلا يكون طول "البساط الأحمر" الذي ينزل عليه رئيس الدولة الزائر عشرة أمتار فقط.
علاقات تاريخية
وتتوج تلك الزيارة العلاقات التاريخية بين البلدين، التي أسسها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي عمل مع أخيه سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد، على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما وتطويرها في إطار من المبادئ والأهداف المشتركة.
ومنذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971، حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على التأسيس لعلاقات قوية وراسخة مع سلطنة عُمان الشقيقة، وكان لدى المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، الرغبة نفسها في أن تكون العلاقات الإماراتية - العُمانية نموذجاً يُحتذى به على الصعيدين الخليجي والعربي، بل والدولي أيضاً.
وقد شكلت الزيارة التاريخية للشيخ زايد إلى سلطنة عمان في عام 1991 منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تم على أثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام البطاقة الشخصية "الهوية" بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة.
كما تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية بينهما، معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.
مستقبل زاهر
وازدادت العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين تماسكاً ورسوخاً في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الراحل، وسلطان عمان هيثم بن طارق.
وتأتي زيارة الدولة التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى سلطنة عمان لتؤكد حرصه على اتباع نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في تنمية العلاقات مع سلطنة عُمان الشقيقة.
زيارة تحمل رسالة هامة مفادها بأن العلاقات الإماراتية - العُمانية لن تظل قوية فحسب بل ينتظرها مستقبل زاهر، ستمضي خلاله إلى آفاق أرحب على مختلف الأصعدة، تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وأخيه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان.
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لسلطنة عمان على مستوى العالم، فهي أكبر مصدّر إلى عُمان وأكبر مستورد منها، وتستحوذ على أكثر من 40% من مجمل واردات عمان من العالم فيما تستأثر بنحو 20% من صادرات عمان إلى الأسواق العالمية.
وقد بلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2021 أكثر من 46 مليار درهم بنمو 9% عن 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10%. وفي المقابل تعد سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات وتستحوذ على 20% من إجمالي تجارتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وعلى صعيد الاستثمار تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي وثالث أكبر مستثمر عالمي في سلطنة عمان وتساهم بأكثر من 8.2% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان. وبلغت القيمة الإجمالية للاستثمارات المتبادلة بين البلدين 15 مليار درهم تشمل كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية تقريباً.
وتجمع البلدين الشقيقين علاقات اجتماعية وثقافية تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة التي أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدماً.
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز