تقرير رسمي يكشف فسادا في حكومة الوفاق الليبية
"العين الإخبارية" اطلعت علي تقرير ديوان المحاسبة عام 2017، الذي يكشف فساد حكومة الوفاق وإنفاقها 256 مليار دينار، دون تقدم اقتصادي ملموس
استياء ورفض شعبي أثاره تقرير ديوان المحاسبة بطرابلس لعام ٢٠١٧، والذي كشف عن إهدار حكومة الوفاق وعلي رأسها رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج للمال العام، رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
وسلط التقرير، الصادر خلال اليومين الماضيين، واطلعت عليه "العين الإخبارية"، الضوء علي إنفاقات كبيرة من قبل بعض المسؤولين الليبيين في أوجه إنفاق ليست ضرورية، ولا يستفيد منها المواطن الليبي، معتبرا ذلك "إسرافا في الإنفاق من أموال الدولة بما لا يتناسب مع العسر المالي الذي تواجهه البلاد".
فساد إداري متجذر
وكان من تلك الإنفاقات، وصول قيمة تجهيزات الجناح الرئاسي إلي ٤٦٤.٧ ألف دينار (نحو ٣٤١.٥ ألف دولار) ، وتخصيص ٢٥٠ مليون دينار (١٨٣.٩ مليون دولار) لشراء أثاث فاخر لمقر إقامة غير معروف.
التقرير أشار أيضا إلي فساد نواب السراج، موضحا أن تكلفة تجهيز مكتب أحد نواب رئيس المجلس الرئاسي، بلغت نحو 923 ألف دينار ( ٦٧٩ ألف دولار)، وأن تجهيزات مكتب نائب آخر بلغت 632.4 ألف دينار (٤٦٥ ألف دولار) ، و335.7 ألف دينار (٢٤٦.٥ ألف دولار) لنائب ثالث.
وبناء عليه، انتقد التقرير، المجلس الرئاسي، معتبرا إياه "لا يعي أن للمال العام حرمة مقدسة، فلا يجوز قانونا التصرف فيه بالمجان أو الاستهتار في إنفاقه".
وتوضيحا لمظاهر الفساد المتغلغلة في المجلس الرئاسي، قال تقرير ديوان المحاسبة إن عدد مستشاري بعض أعضاء المجلس الرئاسي بلغ ١٠- ١٢ مستشارا ممن "ليس لديهم خبرة في مجال الوظيفة العامة".
ورغم ذلك، تقاضي هؤلاء المستشارون مرتبات مرتفعة، بل ووصل إجمالي التزامات مجلس الوزراء تجاههم نحو ٣.٦ مليون دينار ( نحو ٢.٤ مليون دولار) حتي ٢١ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وفقا لما ذكره التقرير.
وفي هذا السياق، لفت التقرير إلى أوجه أخري متعددة من الفساد، مثل هدر أكثر من 80 مليار دينار (قرابة 58.7 مليار دولار) منذ عام 2010 حتى الآن، لمسؤولي ومشرفي مشروعات تنموية، وذلك "دون تحقيق أي تنمية"، بالإضافة إلى وجود نحو 1.8 مليون موظف عمومي لا يتعدى معدل إنتاجيتهم نحو ربع ساعة، ما يؤكد تفشي "الوساطة والمحاباة والرشى والإهمال".
ديوان المحاسبة أشار أيضا في تقريره إلى "ازدواجية الإنفاق في المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء، بما يخالف الاتفاق السياسي ودون إقرار هيكلية إدارية"، وما ترتب على ذلك من ندب المجلــس الرئاسي لـ 33 موظفا، بمرتبات بقيمــة 2.5 مليون دينار (١.٨ مليون دولار) ليؤدوا نفس المهام التي ينفذها موظفو ديــوان مجلس الوزراء.
فضلا عن ذلك، استمرار تسييل نحو 2447827 دينار (1796459.41 دولار) من مرتبات موظفين انتهت علاقتهم الوظيفية (لوفاة أو إنهاء خدمة أو تقاعد)، وذلك بدلا من إرجاعها لوزارة المالية، ناهيك عن ارتفاع الإنفاق على بند الإقامة في الفنادق والتي تجاوزت 4972008 دينار (نحو 3648955.00 دولار) .
إهمال مدن الحروب
فساد حكومة الوفاق لم يتوقف على النواحي الاقتصادية والإدارية فقط، وإنما تعدى إلى إهمال المدن التي تعرضت للحروب، مما أثر سلبا علي المواطن الليبي في تلك المدن.
وأكد التقرير أن الحكومة لم تهتم بمـدن سـرت وبنغـازي وإعـادة إعمـارهما بعد تحريرها من التنظيمات الإرهابية، ولم تهتم بتقديم الـدعم الكامـل لهما.
وتابع ديوان المحاسبة أن الدولة تعانى من عدة مشاكل مالية واقتصادية علـى كل المستويات مثل تدهور قيمة الدينار الليبي، وتضخم بالأسـواق، وزيادة مستويات الفقر والبطالة، وتدني الخدمات.
كما عاب التقرير على حكومة الوفاق عدم إعارتها أي اهتمام للسياسة المالية وعدم تحديدها أي أهداف اقتصادية تصبو نحو تحقيقها؛ حيث لم تقم "الوفاق" بدراسة الوضع الاقتصادي من الأساس.
رفاهة المسؤولين على حساب المواطنين
ورصد ديوان المحاسبة في تقريره ٢ مليون دينار (نحو ١.٤ مليون دولار) صرفت " دون وجه حق" علي فنادق وتذاكر لأشخاص ليست لهم علاقة وظيفية بالمجلس الرئاسي.
كما أنفق المجلس الرئاسي مبلغ 401,862 دينـارا (٢٩٥.٦٦٠ دولارا) الى أكاديمية "اسرتي"، التي تقول عنها وسائل إعلام ليبية إنها مؤسسة تقدم دورات من قبيل (تعليم إتيكيت الروح، تعليم الحرية النفسية والسلام الداخلي ، ممارسة اليوجا).
وأفادت وسائل الإعلام أيضا أن من يشغل منصب رئيس مجلس إدارة هذه الأكاديمية هي شقيقة رئيس هيئة الشباب والرياضة بحكومة الوفاق زياد قريرة.
ردود أفعال حازمة
وعلي أثر تقرير ديوان المحاسبة وما شمله من حجم إنفاق كبير من قبل حكومتي الوفاق الوطني والموقتة، والذي بلغ 278 مليار دينار (قرابة ٢٠٤.٥ مليار دولار) خلال 5 سنوات في الفترة من 2012 إلى 2017، تعالت ردود الأفعال بمحاسبة المسؤولين عن ذلك الفساد.
وفي هذا السياق، دعا برلمانيون ليبيون، اليوم، مكتب رئاسة مجلس النواب الليبي لعقد جلسة عاجلة لمناقشة ما جاء في التقرير، وذلك للتحقق من صحته ومحاسبة من تثبت عليه المخالفات.
كما طالب محافظ مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، الصديق الكبير، المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام ورئيس اللجنة المالية بمجلس النواب ورئيس الرقابة الإدارية بفتح تحقيق بشأن ما عرض في تقرير ديوان المحاسبة.