4 أشهر على إجراءات قيس سعيد.. تونس "تتطهر" من الإخوان
4 أشهر مرت على قرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية التي دفعت التونسيين إلى الخروج إلى الشارع احتفالاً بسحب بساط السلطة من تحت الإخوان.
قرارات سعيد الاستثنائية جاءت بعد أزمة سياسية وصحية واقتصادية خانقة، دفعته للأخذ بزمام الأمور بنفسه من خلال إعفاء رئيس الحكومة وتجميد البرلمان لتصحيح مسار سياسي فاشل.
التعامل الفاشل لحكومة هشام المشيشي مع جائحة كورونا ووفاة الآلاف، دفع سعيد لأخذ المبادرة بتكثيف تحركاته الدبلوماسية الناجعة لجلب المساعدات الطبية خاصة في ظل وضع اقتصادي صعب لإنقاذ أرواح التونسيين.
تعامل قيس سعيد مع الأزمة الصحية يعتبر من أكبر الإنجازات بعد 25 يوليو/تموز إضافة إلى بداية تعافي أغلب القطاعات وأولهم القضاء بعد التخلّص من القبضة السياسية للمنظومة السابقة بقيادة حركة النهضة.
تطويق إخوان تونس
25 يوليو/تموز كان اللحظة التي فاض فيها الكيل، ودفعت قيس سعيد لإنهاء عقد من حكم الإخوان مسنودا بتأييد شعبي دون الخروج عن نص الدستور، وبما يسمح به الفصل 80 لوجود خطر داهم.
قيس سعيد يعمل على اجتثاث عميق ولو كان بطيئاً لبراثن الإخوان من جميع هياكل الدولة، بقطع الطريق أمام كل مخططات التمكين القائمة منذ عشر سنوات، وتحويل حركة النهضة لكيان متصدع من الداخل ومعزول.
الرئيس وحكومته انطلق باجتثاث دعائم الإخوان في أكبر وزارة تعنى بالأمن وهي الداخلية، حيث شرع في تضييق الخناق على جهاز الأمن الموازي الذي شكله إخوان تونس وذلك في إطار مساعٍ حكومية لتطهير وزارة الداخلية من أذرع هذا الأخطبوط .
وأحال وزير الداخلية توفيق شرف الدين منذ أسبوع نحو 20 قياديا أمنيا ممن تقلدوا مناصب عليا بالوزارة، إلى التقاعد الوجوبي، وذلك لعلاقتهم بحركة النهضة الإخوانية، بعد انطلاقه في حملة تطهير للوزارة من المحسوبين على الإخوان.
قيس سعيد يعمل على تفكيك استراتيجية التمكين التي عملت على تثبيتها الحركة خلال العشر سنوات.
وفي بداية سبتمبر/أيلول الماضي، شدد الرئيس سعيد في حديثه بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لإنشاء الحرس الوطني على أهمية وحدة الدّولة قائلا إنه سيتمّ التّصدي بالقانون لكل محاولات التّسلل إلى أجهزة الأمن الحيوية في الدولة، وتوظيفها لخدمة مصالح جهات معينة، في إشارة لإخوان تونس وحلفائهم.
تطهير القضاء
انطلق قيس سعيد في مساع لتطهير قطاع القضاء الذي كان تحت سيطرة الإخوان، حيث تعهد الرئيس التونسي بمكافحة الفساد في كل قطاعات الدولة، مؤكدا أن قراره نحو محاربة الفساد والمفسدين لن يتوقف عند حد معين.
وشرع القضاء في فتح أكبر الملفات التي تسترت عليها حركة النهضة منذ 2012، وهو ملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، وتم القبض على مسؤولين سابقين في الداخلية والخارجية والعدل من بينهم قنصل في سوريا.
وبعد أفول كابوس الإخوان عاد القضاء لفتح ملفات الاغتيالات الإخوانية التي طالت العديد من القيادات المعارضة مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض.
فتح ملف الاغتيالات السياسية ابتداء من قضية اغتيال السياسي التونسي لطفي نقض في 2012 بعد سنوات من الانتظار ما يمثل مؤشرا على تعافي المنظومة القضائية بالبلاد بعدما عملت الإخوان على تطويعها لسنوات طويلة واستغلالها كغطاء سياسي لخدمة مصالحها وأجنداتها داخليا وخارجيا.
وأدانت المحكمة متهمين اثنين بتهمة القتل العمد ينتميان لحركة النهضة الإخوانية في قواعدها السرية وسجن كل واحد منهما مدة 15 عاما.
فتح القضاء تحقيقا مع 3 أحزاب سياسية، وهي "النهضة"، و"قلب تونس"، و"عيش تونسي"، للاشتباه في تلقيها أموالا أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019.
وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لسنة 2019، رصدت محكمة المحاسبات أن حركة النّهضة "تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار".
وتمّ تجديد هذا العقد من 16 يوليو/تموز 2019 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، وهو ما اعتبرته المحكمة "شبهة تمويل أجنبي".
وتفعيلا للقرارات المعلنة في 25 يوليو/تموز الماضي، يسعى الرئيس قيس سعيّد لإجراء إصلاحات على النظام السياسي ، خصوصا في ظل وجود نظام شبه برلماني فشل في توحيد المواقف السياسية وخلق مشهد منقسم.
ويعمل قيس سعيّد على ضبط جدول زمني لإدخال تعديلات على النظام السياسي بما يستجيب لمطالب التونسيين"، حيث سيتم وضع خطة لتنظيم استفتاء إلكتروني حول تعديل الدستور، على أن تتولى لجنة في مرحلة لاحقة تجسيد مطالب التونسيين ضمن دستور حقيقي".
محاسبة المرزوقي
وفي بداية الشهر الجاري، أصدر القضاء التونسي مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، عقب اعترافاته بمساعيه لإفشال القمة الفرانكوفونية المقررة بجزيرة جربة التونسية، رداً على التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في يوليو/تموز.
وجاءت تصريحات المرزوقي بعد قرار المنظمة بالفعل بتأجيل القمة إلى عام 2022.