"30 دقيقة" ترفع منسوب التوتر بين المغرب وإسبانيا
أبدت المملكة المغربية استغرابها من تعامل الدبلوماسية الإسبانية مع سفيرة الرباط لدى مدريد، وذلك على خلفية أزمة مُتصاعدة بين الطرفين.
ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، كشف في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، نشرته على مراحل، أن إسبانيا منحتها 30 دقيقة للحضور إلى مقر خارجيتها.
غير مألوف
وعلق الوزير المغربي على هذا التصرف بكونه "عملاً غير مسبوق" و"غير مألوف في العلاقات بين دول جارة ونادر في الممارسة الدبلوماسية".
وفي إشارة إلى انزعاج المملكة من الطريقة التي تعاملت بها إسبانيا مع السفيرة كريمة بنيعيش، قال بوريطة إن "سفيرة جلالة الملك لا تتلقى تعليمات سوى من بلدها".
وأكد الوزير أن الاستدعاء كان بصلة مع الأزمة التي تعود إلى منتصف شهر أبريل، والتي تتمثل في استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، والذي لم يتلق المغرب بعد أي توضيحات أو ردود فعل بشأنه، بحسب تعبيره.
محاولة للتغطية
وفي أعقاب ذلك، انتقل زعيم الدبلوماسية المغربية، إلى الحديث عن الأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينتا الفنيدق وسبتة، من محاولات جماعية للهجرة، مؤضحاً أن إسبانيا تحاول استغلال هذه الأحداث كـ”مطية للهروب من النقاش الحقيقي” حول الأزمة المغربية- الإسبانية المتعلقة باستقبال مدريد للمدعو إبراهيم غالي (زعيم جبهة البوليساريو)، المتابع مع ذلك، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والاغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ونبه المتحدث إلى أن “سجل المغرب في محاربة الهجرة السرية معروف”، مؤكدا أن "ما حدث في ثغر سبتة المحتل يأتي للتذكير أولا بالتكلفة التي تتحملها المملكة للحفاظ على حسن الجوار".
واستعرض الوزير جهود بلاده في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مُشددا على أن "المغرب لا يحتاج إلى تقييم من إسبانيا ووسائل إعلامها”، مذكرا في هذا السياق بأن المغرب أجهض 13 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ 2017، وفكك 4163 شبكة تهريب وسجل 48 محاولة اقتحام لسبتة.
أرقام
وأكد أن “هناك حقيقة، هناك أرقام تستحق الاعتراف”، مشيرا إلى أن ما حدث في الثغر المحتل يذكّر أيضا بـ “التكلفة المالية التي يتحملها المغرب لحسن الجوار، والتي أساء البعض استغلالها في الأيام الأخيرة”.
وعبر بوريطة عن رفضه اتهامات إسبانيا للمغرب بالابتزاز، خاصة وأنه "يعبئ قواته الأمنية ويدفع من ميزانيته للحفاظ على جواره”، مردفاً بالقول إن “أوروبا لا تمنحنا حتى 20 في المائة من التكلفة التي يتحملها المغرب في محاربة الهجرة غير الشرعية”.
وأضاف أن الأحداث التي وقعت خلال الأيام الأخيرة أظهرت أن 99% من جهود المكافحة يقوم بها المغرب مقابل “لا شيء من الجانب الآخر”.
- سبتة.. مدينة في قلب الأزمة المغربية الإسبانية
- الأزمة الدبلوماسية.. لماذا لا تتحمل ألمانيا خسارة المغرب
وأكد أن المغرب ليس دركيا لكنه يظل دائما فاعلا مسؤولا في محاربة الهجرة غير الشرعية، مشددا على أن من حق المملكة أيضا أن تطالب شراكاءها بنفس المسؤولية ونفس الالتزام ونفس الثقة.
وقال إن “حسن الجوار والشراكة ليسا مجرد شعارات. بل يجب أن نجسدها. وللأسف فإن ما حصل عليه المغرب منذ 17 أبريل/نيسان ليس دليلا على حسن الجوار أو الشراكة. فمغرب اليوم لم يعد يقبل هذا النوع من ازدواجية الخطاب.
واعتبر بوريطة أن إسبانيا تجعل أوروبا تدفع ثمن رعونتها ويجب أن تشرح لأوروبا كيف تسمح دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بدخول أشخاص يحملون هويات مزيفة إلى الأراضي الأوروبية.
جرائم
وانتقل الوزير إلى الحديث عن زعيم البوليساريو والجرائم التي تُلاحقه لدى القضاء الإسباني، وشدد على أنه يتعين على مدريد أن تشرح أيضا لنظرائها الأوروبيين كيف يمكنها إيواء شخص فوق التراب الأوروبي متابع بتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وأكد أن المناورات الإسبانية تهدف إلى جعل المسؤولين عن هذه الأزمة بمثابة ضحايا، مذكرا بأنه إذا كانت هناك أزمة بين المغرب وإسبانيا، فإن ذلك يعود إلى كون مدريد عمدت بشكل سيادي، إلى المناورة مع أعداء المملكة وأن تستقبل على أراضيها شخصا “يعمل يوميا على محاربة المغرب”.
وأضاف أن إسبانيا تصرفت في هذا الصدد بشكل يثير الكثير من التساؤلات تجاه دولة جارة تحظى بالاحترام، من خلال قبول الدخول في كل هذه المناورات، مشيرا إلى أن بداية الأزمة تعود إلى 17 أبريل الماضي، ومنذ ذلك الحين فضلت إسبانيا وعدالتها غض الطرف عن وجود شخص على أراضيها وهو متهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم اغتصاب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بل ذهبت إلى حد منحه هوية مزورة.
وأبرز الوزير أن كافة المناورات الإسبانية من أجل تحويل الانتباه عن الجذور الحقيقية لهذه الأزمة “لا تنطلي على أحد، وعلى كل حال فهي لا تنطلي على المغرب ولا تفاجئه”.
شفافية
ونبه بوريطة في هذا الإطار، إلى أن السلطات الإسبانية “يجب أولا أن تكون شفافة مع الرأي العام والقوى الحية في إسبانيا”، مؤكدا أن هذه الحقيقة لا يمكن أن تحجبها الروبورتاجات والشتائم والقصف الإعلامي.
وشدد على أن “المغرب سيواصل طلب توضيحات، وسيستمر في اعتبار ذلك هو أصل الأزمة”، مسجلا أن منطق الإنسانية لم يعد يخدع أحدا.
ولفت بوريطة إلى أن العمل الإنساني لم يفرض أبدا ممارسة المناورة، كما أنه لا يمارس في جنح الظلام، داعيا إسبانيا إلى الاعتراف وتحمل مسؤولية “مواقفها الخطيرة” وتجنب “ازدواجية الخطاب”. وأضاف أن المغرب لا يلجأ إلى الابتزاز. فالمغرب واضح في مواقفه، وعمله.
وأدان بوريطة “العداء الإعلامي غير المسبوق” الذي تشنه إسبانيا ضد المغرب، مضيفا “أننا نشهد توظيفا وتعبئة لجميع وسائل الإعلام بعبارات صادمة وغير مقبولة تصدر أحيانا عن مسؤولين رفيعي المستوى”.
واعتبر أن المصطلحات المستخدمة في هذه الحملة، من قبيل “الابتزاز” أو “الاعتداء” أو “دولة نامية”، تدل على أن “بعض الأوساط في إسبانيا مطالبة بتحيين معلوماتها حول المغرب”.
وشدد الوزير على أن “مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. فالمغرب ليس لديه عقدة“، مضيفا أن العدوانية الإعلامية خلال الأيام الأخيرة تظهر أن العقدة تجاه المغرب توجد في إسبانيا.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز