خبراء لـ"العين": أزمة الحكومة المغربية تنتظر سيناريوهات حل جديدة
أزمة تشكيل الحكومة المغربية الجديدة وسيناريوهات الحل التي يمكن الوصول إليها من وجهة نظر الخبراء
رغم فوز حزب العدالة والتنمية المغربي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن أمينه العام ورئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران يواجه فشلاً في تشكيل حكومته الجديدة.
ويرى مراقبون أن استبعاد حزب الاستقلال من مشاورات تشكيل الحكومة المغربية سينهي مأزق ابن كيران المستمر منذ أكثر من 3 أشهر، وسيمهد الطريق أمام انطلاق الحكومة الجديدة.
وما زال التعثر يلاحق مشاورات ابن كيران، بعد أن فشل في إقناع حلفائه في الحكومة المنتهية ولايتها (حزبا التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية) بالالتحاق فرادى إلى الحكومة الجديدة، وإصرار هذين الأخيرين على ربط مشاركتهما بمشاركة حزبي الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، بحجة رغبتهما في تشكيل تحالف حكومي قوي يستجيب لتطلعات المرحلة.
وأمام رغبة أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، كما جاء في بيان حمل توقيع الأحزاب الـ4، في العمل المشترك لأجل الوصول إلى ائتلاف حكومي، أشهر ابن كيران، البطاقة الحمراء في وجه حزبي الأحرار والحركة الشعبية، باعتبارهما المعنيين بمشاوراته، في بلاغ رسمي صدر الأحد الماضي، أعلن فيه ابن كيران انتهاء الكلام مع رئيسي الأحرار والحركة، مغلقاً بذلك باب التشاور معهما، لتدخل مشاورات تشكيل الحكومة نفقاً مسدوداً.
وفي الوقت الذي اكتفى فيه عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بالقول، رداً على بلاغ "انتهى الكلام"، "إنه وبإشهار ابن كيران البطاقة الحمراء، لم يعد لنا الحق في الدخول للملعب للتفاوض وتشكيل الحكومة"، اعتبر محند العنصر، رئيس الحركة الشعبية، أن ابن كيران له الحق في أن يستمر في المشاورات أو ينهيها وقت ما يشاء؛ لأنه المسؤول الأول والأخير عنها.
وأكد لعنصر أن موقف حزبه لم يتغير ويظل ثابتاً بعد بلاغ ابن كيران، الذي وضع نقطة نهائية مفاوضات شاقة مع عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، مبرراً سبب عدم تعليقه على الموضوع بالقول: "أنا كزعيم حزب سياسي لا يمكن لي القول إنه ليس لابن كيران الحق في وقف المفاوضات أو إعادة إطلاقها؛ فهو المسؤول عنها".
في سياق آخر، يرى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بن كيران، مطالب بكشف ما بعد بلاغ "انتهى الكلام".
وكشف الاتحاد الاشتراكي مؤخراً عن أن الخلاف يتمثل في كون "ابن كيران يقترح أغلبية ضعيفة، قد تسقط في أي لحظة"، بينما تقترح الأحزاب الأخرى، حسب الاتحاد الاشتراكي، "أغلبية مريحة، قادرة على تشكيل حكومة قوية".
وبحسب صحيفة الاتحاد الاشتراكي، فإن "هذا الخلاف لا يبرر إنهاء الكلام"، من قبل ابن كيران في موضوع المشاورات الحكومية.
من جانبه، اعتبر رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية، أن قرار رئيس الحكومة المغربية المكلف، الذي وضع فيه "نقطة النهاية" لمفاوضات تشكيل الحكومة، "كان الهدف منه خروج ابن كيران من الزاوية الضيقة التي وضع نفسه فيها، عبر رمي الكرة للملك"، متوقعاً أن تحسم أمور تشكيل الحكومة بتحكيم ملكي، بناء على الفصل 74 من الدستور المغربي.
وحمل لزرق مسؤولية "الانسداد الحكومي" إلى الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، مشيراً إلى أنه تمت ممارسة ضغوط على ابن كيران من طرف صقور حزبه، "الذين جعلوا من مفاوضات تشكيل الحكومة وسيلة لتصفية الحسابات السياسية".
وفي الوقت الذي لم يتضح فيه بعد احتمال استعمال الملك سلطته التقديرية للتحكيم بين الأحزاب المتفاوضة، استبعد لزرق اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية، معتبراً أنها "تشكل خطراً على المؤسسات؛ لأنها لا تكون إلا في المراحل الاستثنائية التي تمر بها الدول بمراحل مصيرية، والمغرب لم يصل إلى هذه المرحلة بسبب الانسداد الحكومي"، حسب تعبيره.
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي المغربي مصطفى يحياوي، إنه إذا لم يتدخل الملك محمد السادس من أجل تليين مواقف الأطراف المعنية؛ فإن الحل لتجاوز الوضعية السياسية الحالية يقتضي الإعلان عن أزمة، والتي سيكون حلها بيد الملك، وذلك عبر حل مجلس النواب والإعلان عن انتخابات مبكرة أو الذهاب في اتجاه إجراء تعديل دستوري للفصل 47".
وأشار يحياوي إلى أن ما وقع منذ يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اليوم يحيل على "أننا إزاء مشروع سياسي منظم ودقيق الأهداف والغايات تريد عبره قوى من داخل المشهد الحزبي ومن خارجه تحجيم مفعول الانتخابات الأخيرة في الحكومة المقبلة، إما بانصياع ابن كيران لرغبتهم في ضبط تركيبتها الحزبية، وإما بدفعه إلى الإعلان عن انتهاء مشاوراتها والرجوع للملك لإخباره بفشله في تشكيل الحكومة".
بدوره، اعتبر أحمد بوز، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، أن السيناريو الأقرب، هو الانتخابات السابقة لأوانها؛ وهو ما يقتضي حل البرلمان باستعمال الملك لصلاحياته الدستورية، دون أن يخفي ذات المتحدث، أن الانتخابات يمكن ألا تكون هي الحل؛ لكونها غالبا ستعيد الخريطة نفسها التي جاءت بعد 7 أكتوبر.
وأوضح بوز، أن ما يعزز ضرورة الذهاب إلى الانتخابات هو رفض قياديي العدالة والتنمية لأي تعيين جديد لأحد أعضاء الحزب مكان عبد الإله بن كيران الأمين العام للحزب؛ وهو الحل الذي اقترحته العديد من الأصوات، مسجلاً "أنه في هذه الحالة لا يمكن أن يأتي أي منهم مكان ابن كيران".
يذكر أن نمط الاقتراع في المغرب لا يمنح الأغلبية لأي حزب، مما دفع حزب العدالة والتنمية، الحاصل على المركز الأول في انتخابات 7 اكتوبر بـ125 مقعداً، إلى البحث عن أحزاب أخرى لإتمام الأغلبية في مجلس النواب وتشكيل الحكومة، إذ يحتاج لـ3 أحزاب أخرى، على الأقل، لتشكيل أغلبية مريحة.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OCA= جزيرة ام اند امز