"ميد كوب المناخ" في المغرب يمهد لـCOP28.. تمويل واقتصاد أزرق
دعا مؤتمر "ميد كوب المناخ " في المغرب بمشاركة أكثر من 1500 خبير وباحث إلى تقديم تمويلات جديدة للبلدان النامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
احتضنت مدينة طنجة (شمال المغرب) على مدى يومين الدورة الثالثة لمنتدى المناخ المتوسطي حول قضايا مناخ البحر الأبيض المتوسط للعمل المناخي "ميد كوب المناخ".
المؤتمر منظم بمبادرة من مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ودار المناخ المتوسطية حول شعار "ميد كوب" المنعقد تحت رعاية الملك محمد السادس.
وشهد المؤتمر الذي يعتبر انطلاقة إلى "كوب 28 دبي بالإمارات العربية" حضور أزيد من 1500 مشارك من خبراء وباحثين أكاديميين مغاربة ودوليين في قضايا المناخ، إلى جانب مسؤولين حكوميين وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وناقش المشاركون عدة مواضيع من قبيل "النظم الغذائية المستدامة" و"المدن والأقاليم المتكيفة مع تغير المناخ"، و"الإدارة المستدامة للموارد المائية والاقتصاد الأزرق"، و"الانتقال الطاقي"، و"النساء والمناخ"، "تمويل مشاريع المناخ" و"الحلول القائمة على الطبيعة"، و"الهجرة المناخية"، و"السلام والأمن والتعاون اللامركزي".
مطالب بمنح تمويلات جديدة
ودعا المشاركون في مؤتمر "ميد كوب"، إلى تقديم تمويلات عمومية جديدة وإضافية للبلدان النامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية، ومساعدتهم على التكيف والتخفيف منها.
وحث المشاركون على توفير "تمويل إضافي للبلدان النامية، إلى جانب التمويلات الموجودة من طرف "صندوق المناخ الأخضر" و"المساعدة العمومية على التنمية"، شريطة أن لا يؤثر ذلك على تمويل العمل الدولي في إطار الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية.
وحسب ربيع الخمليشي، عضو اللجنة المنظمة والمدير العام للمصالح بالمجلس لجهة طنجة تطوان الحسيمة، لـ "العين الإخبارية"، أن تنظيم مؤتمر "ميد كوب المناخ"،، يندرج في سياق عالمي يشهد توترات مزمنة على مستوى العالم، زاد تفاقمها بسبب الحرب في أوكرانيا، التي كانت لها تداعيات وخيمة على الاقتصاد العالمي وأيضا على الاقتصادات المحلية.
وأكد الخمليشي، أن تنظيم هذا المؤتمر يعتبر محركا للعمل المناخي في منطقة البحر الأبيض المتوسط على المستويين المحلي والجهوي، مشيرا إلى أنه حظي بالدعم والمساندة من قبل عدد من المنظمات الدولية والقطاعات الوزارية.
ومن جهة أخرى، أفاد عضو اللجنة المنظمة"، أنه في ظل هذه الظروف العصيبة التي يعيشها العالم ، وتعافيه من مخلفات أزمة كوفيد-19، فإن تغير المناخ لا يعتبر فقط تحديا يجب أخذه بعين الاعتبار بسبب الاضطرابات المتواترة والمتزايدة الشدة التي يتسبب فيها فحسب، بل أصبح الأمر يتطلب معالجة ملتزمة على المدى القصير والمتوسط والطويل من طرف جميع الفاعلين والأطراف المعنية عبر العالم".
دور الحكومات الإقليمية
افتتح المؤتمر الوزيرين المغربين نزار بركة، وزير التجهيز والماء، ووزيرة الانتقال الطاقي والبيئة اللذان ركزا على دور الفاعل الترابي وانخراطه في تفعيل التدابير المسطرة لمكافحة التغيرات المناخية.
وعلى صعيد أخر، شدد المشاركون على تشجيع وضع رؤية بعيدة المدى وتخطيط متوسط المدى، وتقوية دور الحكومات الإقليمية والمجالات الترابية في العمل المناخي، من خلال وضع برامج مناخية محلية تأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي، وذلك من خلال الحاجة إلى تحسين استجابة الحكومات المحلية والإقليمية للطوارئ المناخية.
كما طالبوا الحكومات المحلية والجهوية بمنح الأولية للحلول القائمة على الطبيعة في إطار استراتيجياها لتدبير الفضاءات الحضرية والطبيعية، داعين في الوقت نفسه إلى ملاءمة السياسات المحلية مع الأجندات المناخية الوطنية والدولية، وتشجيع الحلول المحلية لتجنب وتقليل المجبرين على النزوح بسبب الكوارث والتغيرات المناخية، بفضل تقوية المرونة وخفض المخاطر.
ومن جهة أخرى، دعا المؤتمر، إلى وضع مخططات وبرامج التكيف على مستوى البلدان المتوسطية، ضمن مقاربات وطنية، تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع والمساواة والشفافية، وتراعي خصوصيات الجماعات والمنظومات الهشة.
وشدد المشاركون على أهمية وضع أدوات عملية لتيسير ولوج النساء إلى التمويل المناخي وتقوية الريادة النسائية، بغاية جعل تدبير الموارد والمبادرات ذات الصلة بالبيئة وبمخاطر الكوارث أكثر فعالية.
يشار إلى أن المؤتمر حظي بدعم ومساندة من طرف عدد من المنظمات الدولية والقطاعات الوزارية، حيث ناقش خلال 16 جلسة بحضور فاعلين وخبراء في مجال المناخ، ومسؤولين حكوميين وممثلي مؤسسات خاصة.
ولتثمين أشغال هذا الحدث الدولي المهم والارتقاء بمستواه وتأثيره الإيجابي اقترح وزير الماء المغربي العمل على جعل هذا المؤتمر موعدا يعقد بانتظام لمناقشة ومعالجة قضايا التغير المناخي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وتوفير الآليات الضرورية لضمان استمراريته.
واقترح خلق هيئات فرعية على شاكلة هيئات مؤتمر الأطراف، تشتغل بكيفية مستمرة حول الإشكاليات المشتركة بين دول الحوض المتوسطي، وذلك من أجل بلورة خطط عمل أو برامج خاصة بالحوض المتوسطي، ودعم المؤتمر بالإطار العلمي المناسب عبر خلق تكتل علمي يضم من بين مكوناته الجامعات والمعاهد والهيئات المختصة، وإنشاء هيئة لتنسيق مبادرات دول البحر المتوسط ومساعدتها على إعداد ملفات المشاريع، التي تهدف للحد من التغيرات المناخية، تكون مقبولة وجاهزة للتمويل الأخضر.
المساواة بين الجنسين
عقد ممثلو جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في مجال حماية حقوق المرأة والعمل المناخي (40 مشارك)، على هامش "ميد كوب المناخ"، من أجل نقاش قضايا تتعلق بمعاناة النساء من آثار تغير المناخ، وكذلك من أجل بحث تفعيل شبكة النساء المتوسطيات في مواجهة تغير المناخ.
وفي هذا السياق، أكدت نزهة بوشارب، نائبة رئيس دار المناخ المتوسطية ورئيسة مؤسسة "كونيكتين غروب الدولية"، في حديث لـ "العين الإخبارية، أنه من الضروري توحيد جهود الجمعيات من أجل ترسيخ القيادة النسائية وتمكين المرأة من الوصول بشكل أفضل إلى مناصب صنع القرار والولوج إلى الموارد الطبيعية والمالية.
وأشارت بوشارب إلى أن اللقاء شكل فرصة لتسليط الضوء على الحاجة إلى وضع تدابير مشتركة يمكن أن تعمل على تقريب عمل الجمعيات النشطة في حقوق المرأة، مؤكدة على أهمية تطوير آليات ووسائل لتعزيز الوصول إلى التمويل.
كما اعتبرت نائبة رئيس دار المناخ، أن المساواة بين الجنسين في السياسات العمومية ضرورية لتحقيق عمل مناخي مستدام يسمح بالتخفيف من آثار تغير المناخ.
دعوة إلى وضع سياسة ترابية مناخية.
وأصدرت فعاليات المجتمع المدني المشاركة في المؤتمر المتوسطي للمناخ والمتمثل في الائتلاف المغربي للمناخ والتنمية المستدامة، مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، وجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، والمرصد الجهوي للحكامة الترابية، والجمعيات الحاضرة والخبراء والباحثين.
وسجلت فعاليات المجتمع المدني تقصير بلدان شمال المتوسط وجميع الفاعلين والمتدخلين في القطاعين العام والخاص، في التزاماتهم المرتبطة باتفاق باريس، مع ما يترتب عن ذلك من تعرض منطقة المتوسط وشعوبها إلى المزيد من عواقب التغيرات المناخية.
وأكد المجتمع المدني ضعف التعاون والتضامن بين ضفتي شمال وجنوب المتوسط، وتبادل التجارب في مجالات نقل الخبرات والتكنولوجيا والتمويل وتقوية القدرات، مسجلا أن التغيرات المناخية تهدد الأمن المائي والغذائي والصحي ومختلف عناصر المنظومات البيئية، مما يتسبب في تفاقم ظاهرة الهجرة وهشاشة الاستقرار. وتلاحظ قصور انخراط الفاعلين الترابيين، في التصدي لآثار التغيرات المناخية.
ومن جهة أخرى، دعت فعاليات المجتمع المدني وضع سياسة ترابية مناخية تشرك كل الفاعلين حكوميين وغير حكوميين، في بناء البرامج والمشاريع المحلية المناخية، مع دعم أكبر للمجتمع العلمي والمدني والإعلامي وتبني سياسة قوية للتربية على المناخ والتربية على الانتقال المنصف والعادل وتقوية قدرات النساء والشباب على التكيف والصمود.
7 اتفاقيات شراكة لتعزيز كفاءة الطاقة
شهد المؤتمر توقيع 7اتفاقيات شراكة بهدف تعزيز كفاءة الطاقة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وتحسين الحوكمة الترابية وتعزيز مشاركة المواطنين، تمت بين وزارة الانتقال الطاقي وبين مؤسسات وطنية ودولية تعمل في مجال الطاقة والنجاعة الطاقية
وتم توقيع الاتفاقية الإطارية الأولى المتعلقة بإزالة الكربون عن الصناعات في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بين وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وبيت البحر الأبيض المتوسط للمناخ والمدن المتحدة والحكومات المحلية في إفريقيا.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى التعاون من أجل إزالة الكربون من الوحدات الصناعية العاملة في المناطق الصناعية، وأيضا تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتعزيز التنمية المستدامة وتحسين القدرة التنافسية للمشغلين الصناعيين.
وتهدف مذكرة التفاهم الثانية بشأن التعاون في مجال كفاءة الطاقة الموقعة بين الوكالة المغربية لكفاءة الطاقة إلى تحسين كفاءة الطاقة وعقلانية استهلاك الطاقة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. وبناء القدرات والمهارات في مجال الطاقة والمناخ، وتعبئة وزيادة الوعي بين الشركاء والجهات الفاعلة والمواطنين لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل البصمة الكربونية.
يضاف إلى ذلك اتفاقية إطارية تتعلق بالتعاقد مع البلديات التي ستؤوي مراكز العمل المستقلة، التي تم توقيعها بالأحرف الأولى بين بلديات طنجة وشفشاون وتطوان والحسيمة والقصر الكبير والمضيق وملوسة. تتمثل أهداف هذه الاتفاقية في التعاقد مع البلديات الثماني المختارة لتحديد شروط الشراكة بين الموقعين لتحقيق وتشغيل واستدامة مراكز العمل.
أما بالنسبة لاتفاقية الشراكة الرابعة، فهي تتعلق بتنفيذ "مؤشر الديمقراطية التشاركية من أجل مشروع انتقال أخضر ومرن وشامل"، وهو جزء من برنامج "دعم مشاركة المواطنين"، ثمرة شراكة استراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وتهدف هذه الاتفاقية، الموقعة بين التحالف المغربي للمناخ والتنمية المستدامة (AMCDD)، وبيت المناخ المتوسطي، ومبادرة IMAL للمناخ والتنمية، ومنظمة UCLG-Africa، إلى تجميع جزء من خبرات الشركاء وقدرتهم على التعبئة، والموارد المالية لتطوير مشاريع لتعزيز قدرات المجتمع المدني وتحسين الحوكمة الإقليمية، والمساهمة في تحسين وتعزيز مشاركة المواطنين، وتحسين الحوكمة الإقليمية لتنفيذ خطة عمل.
أما في ما يتعلق بمذكرة التفاهم الخامسة، الموقعة بالأحرف الأولى بين برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) ومؤسسة بيت البحر الأبيض المتوسط للمناخ، فإنها تهدف إلى تعزيز حماية البيئة، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها والقدرة على التكيف مع تغير المناخ والإنجاز، وتبادل النماذج المبتكرة للتمويل ودعم العمل المناخي.
وتهدف مذكرة التفاهم السادسة بشأن إنشاء برنامج تعاون بين المجلس الإقليمي TTA وموئل الأمم المتحدة، من جانبها، إلى دعم المجلس الإقليمي في التخطيط الإقليمي، وإدماج أهداف التنمية المستدامة وتوصيات جدول الأعمال الحضري الجديد، الدعم الفني والاستراتيجي لـ CRTTT في هيكلة المشاريع، وتعزيز القدرات الفنية والإدارية للمديرين التنفيذيين والمسؤولين المنتخبين في المجلس الإقليمي ودمج مشاركة المواطنين من النساء والشباب والفئات السكانية الضعيفة في المشاريع في المنطقة.
أما بالنسبة لمذكرة التفاهم السابعة بين صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية (UNCDF) ومنطقة TTA، فهي تهدف إلى تحديد المستويات المحتملة لتحسين الطاقة على مستوى الإضاءة العامة في المدن في المنطقة، وتحديد أهداف كفاءة الطاقة التي يجب أن تكون في هذا القطاع على المستوى الإقليمي، وتقييم المعايير من حيث الآثار الاجتماعية والاقتصادية وتحديد الجهات المانحة.