باحثان مغربيان لـ"العين": صراع الأحزاب يؤخر تشكيل الحكومة

أرجع باحثان مغربيان، لبوابة "العين"، أسباب تأخر تشكيل الحكومة الحالية إلى عدم تمكن بنكيران من التوصل لاتفاق مع الأحزاب السياسية سواءً بالموافقة على المشاركة في الحكومة أو الرفض.
أثار تأخر تشكيل الحكومة المغربية الجديدة، بقيادة عبدالإله بنكيران جدلا واسعا، حيث إنه من الواضح أنها أصعب من الحكومة التي قام بتشكيلها عام 2012، على الرغم من تصدر حزبه الانتخابات منذ شهر واحد.
وأرجع باحثان مغربيان، لبوابة "العين"، أسباب تأخر تشكيل الحكومة الحالية إلى عدم تمكن بنكيران من التوصل لاتفاق مع الأحزاب السياسية سواءً بالموافقة على المشاركة في الحكومة أو الرفض والانضمام إلى المعارضة، وأكدا أن الخاسر الأكبر في هذه العملية هو الشعب المغربي.
وقال عبدالسلام المساتي، الباحث السياسي المغربي، إن الواقع السياسي في المغرب أصبح ضبابيا وغير مفهوم بعدما انتجته انتخابات السابع من أكتوبر والتي تصدرها حزب العدالة والتنمية بـ125 مقعدا، إلا أنه وبرغم عدم حسمه بعد أمر التحالفات التي ستشكل حكومته ليس لأن الأحزاب رفضت دخول تحالفه بل لأن أغلبها يريد دخول هذا التحالف.
وأضاف المساتي، في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، أن التوقعات تشير إلى تحالف كلاسيكي ومن المؤكد أن يتجه حزب الأصالة والمعاصرة نحو المعارضة برفقة الاتحاد الاشتراكي، في حين سيتوجه إخوان بنكيران نحو تجديد تحالفهم مع حزبي التقدم والاشتراكية ما داموا قد أظهروا استعدادهم لتجديد هذا التحالف، موضحا أن هناك توقعات بالتحالف مع حزب الاستقلال ما دام قد راجع نفسه وتخلص من تنسيقه مع الأصالة والمعاصرة، لكن مؤشرات كثيرة تقول إن مصير حزب الاستقلال قد يكون في خانة المعارضة، حيث إن هذا ما ترجحه كواليس المشاورات التي يجريها بنكيران لتشكيل حكومته وما تؤكده الوقائع الأخيرة من الخطاب الملكي واشتراط عزيز أخنوش على بنكيران عدم تواجد حزب الاستقلال إذا أراد مشاركة التجمع الوطني بهذه الحكومة.
وأكد أن اللعبة بأكملها يتحكم فيها إلياس العماري، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، الذي سبق ودعا لمصالحة وطنية مجرد تنويم سياسي حتى لا يظهر العماري في صورة المدبر للعوائق التي سيواجهها بنكيران في تشكيل حكومته وحتى بعد مرحلة التشكيل ما يعنى أنه قرر الثأر لنفسه من حميد شباط وحزبه بقراره المشاركة في تحالف بنكيران منقلبا بذلك الاتفاق المسبق بين الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وأحزاب أخرى يقضي برفض المشاركة في الحكومة حتى يجد بنكيران نفسه وحيدا دون استطاعته على جمع التحالف المطلوب، إلا أن شباط فاجأ إلياس وشركاءه بموافقته على دخول الحكومة انتقاما لنفسه من الأصالة والمعاصرة الذي خذله في الانتخابات الجهوية والجماعية، ما يعني أن الشعب المغربي هو الخاسر الوحيد.
وأشار إلى أن بنكيران قد يجد نفسه مضطرا للخضوع لشروط التميع الوطني إذا أراد تشكيل حكومته، وأن هذه الضبابية جعل من الملك يتدخل عبر خطابه رافضا لمنطق تشكيل الحكومة من خلال تقسيم الغنيمة بين الأحزاب وزعمائها، وبعيدا عن منطق الترضيات الذي لن يخدم المغرب.
وأوضح أن الشارع المغربي منشغل جدا بشأن تشكيل الحكومة من عدمه لأن جزء كبير من هذا الشارع صار يعي حقيقة تسيير الشأن المغربي، فالحكومة مجرد واجهة قراراتها ليست بيدها أو كما يسميها الشعب "حكومة محكومة"، متوقعا أن تتشكل الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، وقد تتكون من خمسة أحزاب هي العدالة والتنمية، الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية.
من جانبه، قال يحيى شوطي، الباحث بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، إنه من الصعب القول بأن بنكيران فشل، حيث إن هذا التوصيف لا يعكس حقيقة الواقع ولا يعكس حقيقة الأشياء كما هي بارزة، والذي حدث أن الملك عين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لانتخابات السابع من أكتوبر كما ينص عليه الدستور المغربي.
وأضاف شوطي، في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، أن بنكيران قام بما تفرضه عليه طبيعة المهمة المنوطة به وتواصل مع الأحزاب وعقد معها لقاءات أولية لتبادل وجهات النظر حول تشكيل الحكومة ومواقف هذه الأحزاب، الطبيعي بعد هذه الخطوة هو أن تتدارس الأحزاب عرض بنكيران في هيئاتها السياسية والتقريرية ثم تقرر إما أن تشارك في الحكومة أو تنضم للمعارضة ولكن هذا لم يحدث، مشيرا إلى أن الأحزاب السياسية بدأت في تعويم النقاش من خلال قول أشياء غير مفهومة وغير منسجمة مع طبيعة الفرز السياسي المترتب عن نتائج 7 أكتوبر، حيث طالب حزب التجمع الوطني للأحرار طالب مهلة إلى حين عقد مؤتمر استثنائي لإعادة انتخاب رئيسا له وعقب الانتخاب عقد لقاء مع رئيس الحكومة وربط مشاركته بمشاركة حزب آخر وهو حزب الاتحاد الدستوري، أما الحركة الشعبية فقالت إنها ستعقد مجلسها الوطني الذي لم يخرج بأي قرار محدد والذي قيل أنه فوض الأمين العام للتفاوض برفقة المكتب السياسي وبعدها ربط مشاركته بالأحرار.
وتابع أن الحزبين الوحيدين اللذين حسما موقفها هما التقدم الاشتراكية الذي حسم منذ اليوم الأول موقفه بالمشاركة في الحكومة وهذا ينسجم مع الاتفاق الذي ابرم قبل الانتخابات مع العدالة والتنمية، والحزب الآخر هو حزب الاستقلال الذي حسم موقفه من خلال اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب وهو الذي زكاه المجلس الوطني للحزب، مشيرا إلى أن هذا الواقع يبرز بجلاء أن الذي فشل في الحقيقة هي هاته الأحزاب التي لم تمتلك الشجاعة وتخرج للمواطنين لإعلان موقفها سواء المشاركة في الحكومة أو الانضمام للمعارضة.
وبشأن مدة تشكيل الحكومة قال شوطي، إن الدستور المغربي لم ينص على مدة محددة مشيرا إلى أن مدة شهر تبقى مقبولة شريطة ألا يستمر الأمر أكثر من هذا.
وأوضح أن الشارع المغربي من الصعب أن يتوحد على رأي واحد، ولكن أغلبية المحللين السياسيين يستنكرون الاصطفافات الفارغة للأحزاب المغربية التي لا تمت للحياة السياسية ولا لأخلاقياتها بصلة ويجب أن تتسم مواقفها بالشجاعة والوضوح، موضحا أن الشارع المغربي صوت للعدالة والتنمية من خلال تصويت سياسي جعله يحصل على الأغلبية بنسبة مهمة للغاية وفاقت نتائجه في عام 2011 حيث حصل حينها على 107 مقاعد والآن حصل على 125 مقعدا.
وقال إنه توجد زيادة في المواد النفطية بالمغرب، والذي تسبب في هذا قرار اتخذته الحكومة المغربية سابقا وهو قرار تحرير سوق المحروقات وجعل السوق في يد شركات قليلة تعمل في هذا المجال مما فسح لها المجال للاحتكار وللهيمنة على السوق.
وأكد أن الملك قام بدوره وعين رئيسا للحكومة من الحزب الأول، ودوره سيأتي في مرحلة أخرى حينما يقدم إليه بنكيران تشكيل حكومته فسيكون له الحق في التفاعل مع التشكيلة وربما يكون له ملاحظات، لكن انسجاما مع روح دستور 2011 وطبيعة التركيبة المؤسساتية التي أفرزها هو احترام سلطة رئيس الحكومة في تشكيل حكومية سياسية قوية ذات صلاحيات حقيقية بجانب سلطات الملك وبقية السلطات الأخرى.
aXA6IDMuMTQ3LjY3LjM0IA== جزيرة ام اند امز