كيف تحولت الموصل إلى مدينة الرعب والظلام الداعشي؟
تحوّلت مدينة الموصل العراقية إلى مدينة الرعب والظلام بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي عليها بعد أن كانت المدينة العراقية الأكثر تعددية ثقافية بالعراق
قبل عامين ونصف العام من استيلاء تنظيم داعش الإرهابي عليها، وانحدارها إلى الخوف والجوع والعزلة، كانت الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، المكان الأكثر تعددية ثقافية في البلد، حيث كانت تضم أغلبية سنية عربية، بالإضافة إلى أقليات من الأكراد والشيعة والمسيحيين واليزيديين، شكل كل هؤلاء معا هوية الموصل المميزة من أكلات وحياة فكرية واقتصاد، لكن حوّل تنظيم داعش المدينة إلى مكان "مظلم" حرفيّا وروحيّا.
بدأ داعش فرض سيطرته في الموصل بوعود زائفة بإحلال النظام فيها وتحويلها إلى مدينة دينية فاضلة، الأمر الذي راق إلى البعض، لكن مع مرور الوقت، أصبحت ميليشيات التنظيم الإرهابي أكثر وحشية، وتعثر الاقتصاد تحت وطأة الحرب، وبات الآباء خائفين من غسل أدمغة أبنائهم وانضمامهم إلى التنظيم الإرهابي، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية اعتمدت فيه على روايات عشرات الأشخاص الذين غادروا الموصل منذ بدء القوات العراقية في معركة استعادتها.
فرض داعش تطبيقا صارما ومتطرف للشريعة الإسلامية في المناطق التي سيطر عليها، لا سيما الملابس، لدرجة أن مصنّعي الملابس كانوا يتسلمون المقاسات المحددة من مكاتب تابعة للتنظيم، فضلا عن إجبار السيدات على تغطية وجهوههن وارتداء ملابس سوداء فضفاضة حتى أصابع أقدامهن.
ومن يخالف ذلك، يدفع غرامة قدرها 25 ألف دينار، ومن يكرر الخطأ يتم جلده، ليس هذا فقط، بل وابتكر التنظيم وسيلة تعذيب أخرى عبارة عن جهاز يحتوي على أسنان معدنية "لعض السيدات اللاتي يرتدين ملابس غير شرعية، عضات قوية وعميقة". ولفتت الوكالة الأمريكية أن هذه العقوبات عادة ما تكون أمام العامة أو في ميدان عام ليظهر داعش للجميع عاقبة مخالفة أوامره وعصيانه.
من ناحية أخرى، كانت تحصّل ميليشيات داعش على حصة من جميع الأعمال التجارية، في المدينة، وحتى من الباعة الجائلين، في صورة غرامات أو ضرائب أو رسوم.
وفي مدارس داعش، كانت الدروس حول الأسلحة والطائرات الحربية، ومنع التنظيم استخدام علامة الزائد في مادة الرياضيات لأنها تشبه الصليب. وبالرغم من أن المدارس كانت مجانية للجميع، أصبحت الآن تتضمن رسوما، ما دفع كثير من العائلات إلى التوقف عن إرسال أبنائهم إلى المدارس للتعلم.
أما مكتبات الموصل فتم نهبها وإشعال النيران فيها للتخلص من كتب العلوم والثقافة. ومنذ منتصف 2014، أصبح الدخل الشهري الثابت الوحيد عن طريق الانضمام إلى صفوف داعش. فضلا عن قتل التنظيم معظم قوات الشرطة أو الجنود التابعين للدولة بالمدينة، بعض الأهالي يقدرون عددهم بـ30 ألف شخص، للتخلص من أي شخص يمكن أن يشن حربا ضده.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، فهو يعاني من سلسلة من الصفعات بدأت بقطع حكومة بغداد تدفق الأموال الخاصة بالموظفين الحكوميين في الموصل، علاوة على أن الغارات الجوية ضد داعش اقتطعت من عائدات البترول والاحتياطات النقدية للتنظيم، إلى جانب تدهور البنية التحتية والخدمات وانقطاع الاتصالات والتيار الكهربي الذي دفع سكان الموصل إلى الاعتماد على لمبات الجاز.
وحتى الغذاء لم يتبق منه سوى الخبز والبصل، ومع نقص الطعام وندرة العمل، بدأ الأهالي يبيعون أي شيء قيّم يمتلكونه، بحسب روايات سكان الموصل لأسوشيتد برس.
وفي النهاية، وبينما تطوّق القوات العراقية الموصل، بدأ داعش في تنفيذ إعدامات ضد من يشتبه في أنهم جواسيس، وتم عزْل سكان المدينة عن العالم. لكن تعلم أهالي المدينة تعقّل جميع أنواع الأحكام المفروضة من داعش، والعثور على طرق للاعتراض عليها. وبالرغم من كل ذلك، تصر دعاية داعش على أن كل الأمور على ما يرام داخل الموصل، كما قالت الوكالة الأمريكية.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز