البلدة القديمة بالموصل.. حصار وحرب نفسية ضد فلول داعش
القوات العراقية بدأت التقدم ناحية المدينة القديمة، الحصن الأخير لداعش، فسقوطها يعني بداية النهاية لفلول داعش بالعراق.
يبدو أن نهاية "داعش" الإرهابي بمدينة الموصل العراقية تقترب، فمع مواصلة القوات العراقية وقوات البشمركة وعناصر الشرطة الاتحادية التوغل داخل الأحياء المتبقية تحت سيطرة داعش، والتقدم ناحية البلدة القديمة، غربي الموصل، يزداد الخناق على فلول التنظيم والخلايا الإرهابية النائمة التي تتحصن بالمدينة القديمة والمنطقة القريبة من الجامع النوري الكبير، عقب استعادة الجيش العراقي أحياء الزنجيلي والشفاء خلال الأيام الماضية.
وفي تمام الساعة السادسة، من صباح الأحد الماضي، بدأت القوات العراقية التقدم ناحية المدينة القديمة شمال العراق، الحصن الأخير لداعش، فسقوطها يعني نهاية لفلول داعش بالعراق بعد 3 أعوام من سقوط المدينة تحت سيطرة التنظيم.
الجدران.. طريق داعش للهروب
"الفصل الأخير من حملة وخطة استعادة مدينة الموصل"، كان هذا أول تعليق صدر من قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الغني الأسدي، الذي يقود الهجوم بالمعقل الأخير لداعش بالموصل، معلنًا أن المدينة القديمة، ورغم صغر حجمها، إلا أن استعادتها والسيطرة عليها يمثل تقدما كبيرا بالمعركة، ليتبقى أمام القوات تمشيط الشوارع والأزقة بالجانب الغربي من خلايا داعش النائمة.
واعتمدت قوات الشرطة الاتحادية والجيش العراقي المدعومة من قوات التحالف الدولي خطة لتضييق الخناق والحصار على داعش، ما دفع عناصر التنظيم إلى التحرك خلسة عبر أزقة وشوارع ضيقة، والتنقل بين المنازل عبر الجدران، وفتح ممرات وقنوات للهروب والمرور من منطقة لأخرى، خوفًا من تتبع طيران التحالف والجيش العراقي لتحركاتهم.
ومع كثافة القصف الجوي واشتداد القتال البري، أكد قائد قوات النخبة الثانية بقوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن سامي العارضي، أن القتال يدور من منزل لآخر داخل أزقة خلفية ضيقة، خاصة مع هروب عناصر داعش عبر الجدران، ما يصعب المهمة أمام القوات العراقية لطرد نحو 300 مسلح وهو العدد المتبقي من أصل 6 آلاف مقاتل تم حصرهم في المدينة منذ بدء معركة شرق الموصل في الـ 17 من أكتوبر/تشرين الأول 2016.
الحرب النفسية.. خطة الحصار
ومنذ أكثر من 7 أشهر، حرصت القوات المشاركة في القتال ضد داعش على وضع خطة وتكتيك لحصار التنظيم، ومنعه من التمدد والانتشار في مدن عراقية أخرى أو عبر الحدود السوريةـ ليستكمل الجيش العراقي في اليومين الثاني والثالث للقتال، بفرض حصار على مناطق تواجد داعش، مع إلقاء منشورات على معسكرات ومناطق تواجد المسلحين.
وتعد هذه المنشورات بمثابة حرب نفسية واضحة يمارسها التحالف الدولي ضد "داعش"، نظرًا لمحتوى هذه المنشورات وأعدادها، فضلًا عن إلقائها على مقرات ومعسكرات العناصر المسلحة يعنى المعرفة الكاملة للجيش العراقي بمناطق تواجدهم، ما يضيق الخناق عليهم وينزع من روحهم المعنوية أثناء المعارك والاشتباك المشتركة.
وفي يوم 19 من يونيو/حزيران الجاري، تولت وحدات العمليات النفسية بالتنسيق مع القوات الجوية العراقية مهمة إلقاء المنشورات، لتنشر ما يقرب من 500 ألف منشور بسماء الموصل وفوق مناطق اختباء الخلايا النائمة، مع إذاعة رسائل موجهة ومباشرة للعناصر الإرهابية.
وبالقرب من المسجد النور الكبير حيث وقف زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي ليعلن سيطرته على الموصل في يونيو/حزيران 2014، خيرت قوات الشرطة الاتحادية " الرد السريع" عناصر داعش بين أمرين "الاستسلام أو الموت"، بجانب رسائل تهديدية تبث الرعب والخوف بين صفوف المسلحين كجزء من الخطة والحرب النفسية التي أنتهجتها القوات لدعم القوات البرية وتسهيل المهمة على جهاز مكافحة الإرهاب في اقتحام المدينة القديمة.
الحصار من 4 محاور.. الفرار ممنوع
وفي الوقت نفسه، لم تتخل القوات المتحالفة ضد داعش عن الخطة البرية، معلنة أن اقتحام المدينة يصبح في أكثر من اتجاه ومحور، مع مراعاة ألاعيب داعش الدنيئة التي تسعي من ورائها لتعطيل المعركة والتقدم الفعلي التي تحققه القوات العراقية، بداية من إغلاق المداخل مرورًا بتلغيم بعض المنازل والشوارع وصولًا لزرع العبوات الناسفة.
لتتمركز القوات وآليات ومركبات "هامفي" الثقيلة بالقرب من المسجد النوري الكبير من ناحية، ومن ناحية المدينة القديمة، ومن الجزء الشرقي المحرر من ناحية ثالثة، محذرة عناصر داعش عبر المكبرات الصوتية من اللجوء إلى السيارات المفخخة.
ومع محاصرة قوات الشرطة الاتحادية للجانب الآخر من نهر دجلة، تشير المعركة إلى نهايتين فقط لعناصر داعش أم الموت أو الاعتقال والحصار، وتؤكد أن سيناريو فرار داعش إلى أجزاء أخرى خارج الموصل باتت ضعيفة مع خطة القوات وتكتيك الحصار.
طمأنة المدنيين.. هدف القوات
"نحن قادمون إلى المدينة القديمة، القوات الأمنية على وشك إنهاء معاناتكم، شرق الموصل وغربها سيتحدان قريبًا" كانت هذه الرسالة رسالة طمانة من قادة المعركة للعراقيين العالقين غرب الموصل.
ولم تغفل القوات العراقية أثناء الاشتباكات تواجد 100 ألف عراقي مازالوا عالقين بالجزء الغربي بالموصل، لتلقي الطائرات على المنازل منشورات لطمأنة المحاصرين التي يصل أعداد الأطفال بينهم إلى 50 ألف طفل يعانون من نقص بالغذاء والمياه، ومخاطر المعركة والاشتباك.
وتسعي القوات في الوقت نفسه لتأمين الطريق لنزوح الأعداد المتبقية داخل المدينة، وخلال الـ 7 أشهر الماضية فر أكثر من 800 ألف مدني من شرق وغرب الموصل، متوجهين إلى مخيمات حكومية وأممية.