عيد الأم في لبنان.. معايدات بـ"الفيديو" بعد هجرة الأبناء
لا تقوى هلا هاشم فارس على حبس دموعها وهي تتحدث عن ولديها اللذين هاجرا إلى فرنسا بحثا عن مستقبلهما قبل أن تضطر هي وزوجها للهجرة أيضا.
يأتي ذلك في محاولة منهما للمحافظة على عملهما في التجارة، ما اضطر هلا كذلك إلى ترك والدها الثمانيني ووالدتها السبعينية، بمفردهما في لبنان، رغم أنها ابنتهما الوحيدة والمعيلة لهما، وبالتالي بات أفراد العائلة موزعين في 3 دول.
وها هو عيد الأم يمرّ هذا العام على هلا البعيدة عن والدتها وعن ابنيها، لتكون المعايدة عبر تقنية الفيديو التي باتت الوسيلة الوحيدة التي تجمع معظم أمهات لبنان بأولادهن المهاجرين نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة التي جعلتهم يبحثون عن وطن بديل لتأمين مستقبلهم، بحيث باتت المواساة الوحيدة بالنسبة للأمهات اللبنانيات.
"الحمد لله أن أولادنا بأمان بعيدا عن كل ما يحصل في بلدنا من خطر على مختلف الصعد".. هذا ما تعبّر عنه هلا رغم حزنها وقهرها نتيجة بعدها عن ولديها، وما عبّرت عنه أمهات لبنان، السبت، في مسيرات بمناسبة عيد الأم، وهنّ يحملن شعارات تعكس حزنهنّ نتيجة معاناة أبنائهن الذين سرقت أحلامهم واضطروا للهجرة.
وتقرّ هلا في حديثها لـ"العين الإخبارية" أنها وزوجها خطّطا لولديهما كي يكون مستقبلهما خارج لبنان منذ أن كانا في المدرسة، وتقول: "كل ما استطعنا أن نقوم به هو تأخير قرار الهجرة بحيث يكمل ولدانا دراستهما الجامعية في لبنان.. ابني الأول حصل على الجنسية الفرنسية بينما ننتظر حصول الثاني عليها".
وتضيف: "للأسف نحن الأمهات في لبنان بتنا نفرح بهجرة أبنائنا وحصولهم على جنسية ثانية تؤمن لهم مستقبلا آمنا".
وتقول: "هيّأنا ولدينا منذ أن كانا في المدرسة نفسيا وتربويا أن مستقبلهما ليس في لبنان.. هذا الأمر لا شكّ كان يزعجني وحاولت أن أبقيهما أطول وقت ممكن إلى جانبي عبر تعليمهما في جامعات في لبنان لأنني كنت أعلم أنهما إذا سافرا لن يعودا، لكن بعد حصولهما على شهادة الجامعة غادرا إلى فرنسا وأكملا دراستهما وبدآ بالعمل، علما أنهما من بين الشباب الذين شاركوا في التحركات الشعبية التي كانت في لبنان عام 2015 لإيمانهما بهذا البلد وبإمكانية التغيير لكن من دون جدوى".
وتتابع: "قبل انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 كنا ندرك تماما إلى أين يذهب لبنان وأن الوضع سيئ حيث بدأت بوادر الأزمة قبل ذلك بأشهر ورغم ذلك شاركنا في التظاهرات الشعبية.. كنا نقاوم قرار الرحيل لكن كانت الأمور تتفاقم وتزيد تأزما والمصارف تحجز على أموالنا إلى أن اتخذنا قرار الانتقال إلى بلد آخر في نهاية عام 2020 واخترنا بلدا قريبا للحفاظ قدر الإمكان على عملنا وأن نبقى قادرين على السفر إلى لبنان لرؤية أهلي وليس بعيدا عن فرنسا لرؤية أولادي وإن كان ذلك مرة أو مرتين في السنة".
وتقول هلا: "عندما كنت أشارك في التظاهرات الشعبية كنت أردّد دائما أن مشاركتي هي ضد هذا النظام الذي كان السبب في هجرة أبنائي وابتعادي عنهم".
وتعود هلا بالذاكرة إلى الوراء حيث تقول إنها في عام 2006 وبعد الحرب الإسرائيلية على لبنان فكرت بالهجرة لكنها عادت وتريثت رافضة ترك أهلها، وتتابع: "اليوم لم أعد قادرة على مقاومة القرار وتركت أهلي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول بعدما اطمأننت عليهم وأن هناك من يهتم بهم من أقربائنا إذا احتاجوا لذلك.. لكن في بداية العام مرضت أمي فلم يكن أمامي إلا العودة إلى لبنان لأعتني بها شهرين ثم العودة إلى حيث زوجي".
وتختتم هلا حديثها قائلة: "الوضع مأساوي من الناحية النفسية.. عقلي مع أهلي من جهة ومع أبنائي من جهة ثانية في وقت نبذل جهدا مضاعفا أنا وزوجي لأننا عدنا لنؤسس عملنا من البداية في بلد جديد، إنما الإيجابية الوحيدة تكمن في راحة البال التي نعيشها بأننا في بلد آمن وولدانا كذلك".
aXA6IDMuMTcuMTY2LjE1NyA= جزيرة ام اند امز