رسالة من والدة شهيد فلسطيني لِمادونا: "لا تُشاركي في يوروفيجن إسرائيل"
عدد من الفنانين الفلسطينيين يتظاهر أمام مقر الاتحاد الأوروبي في قطاع غزة، بغية المطالبة بوقف تنظيم المسابقة الفنية في إسرائيل.
وجّه فنانون فلسطينيون، الأربعاء، رسالةً إلى الاتحاد الأوروبي، مطالبين بوقف تنظيم مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" في إسرائيل.
وبعثت والدة شهيد فلسطيني رسالةً إلى المغنية العالمية مادون، حاثةً إياها على عدم المشاركة.
وتظاهر عدد من الفنانين الفلسطينيين أمام مقر الاتحاد الأوروبي في قطاع غزة، عازفين لقيم السلام والمحبة، ولكنهم طالبوا بوقف تنظيم المسابقة الفنية في إسرائيل، نتيجة ما يمارسه الاحتلال من اعتداءات وجرائم ضدّ الإنسانية.
وخلال مؤتمر صحفي ضمن التظاهرة، قال الممثل الفلسطيني نبيل الخطيب، متحدثاً باسم رابطة الفنانين الفلسطينيين: "إن الغناء والموسيقى لغة الإنسانية، وأفضل طريقة للتعبير عن الحب والسلام والتعايش".
وشدّد على أنه "ليس من حق أي جهة استعمال الفن لتكريس الاضطهاد أو غسل جرائم نظام عنصري وحشي، ارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية".
وأضاف أن الفلسطينيين صُدِموا عندما علموا بتنظيم المسابقة الغنائية الأكبر دولياً "يوروفيجن" في تل أبيب هذا العام، معتبراً أن القرار "يساهم في تعزيز ودعم دولة احتلال تقوم على الظلم واضطهاد شعب آخر".
وبرّر طلب إلغاء تنظيم المسابقة في إسرائيل بأن الأخيرة تحرم الفلسطينيين من حقهم في الحياة الطبيعية، بما في ذلك حقهم بالاحتفال والغناء.
ورأى أن إقامة هذه المسابقة الدولية في تل أبيب يعدّ مشاركة أوروبية في التغطية على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.
وقال: "لا يجوز لأوروبا أن تساهم بأي شكل في تبييض جرائم الاحتلال بحق شعبنا، من خلال هذا الحدث الفني".
في السياق ذاته، وجَّهت والدة الشهيد الفلسطيني الصحفي ياسر مرتجى، رسالةً وصفتها بالعاجلة إلى المغنية مادونا ضيف "يوروفيجن" في تل أبيب، تحدثت فيها عن بشاعة قتل جنود الاحتلال لابنها بطريقة مُجرَّدة من الإنسانية، وجرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين.
وذكرت السيدة خيرية مرتجى في الرسالة التي عرضتها وسائل إعلام محلية: "سيدة مادونا.. من المؤكد أنك لا تعرفينني، ولكنك تعرفين ابني ياسر مرتجى، ولقد سمعتِ عنه حتماً في أحد الأخبار أو التقارير المُصوَّرة، وربما لم تصدقي الحكاية، فأنا حتى اليوم لا أصدقها! رغم مرور عام على وفاة ياسر أو على مقتله قتلة شنيعة لا تعرف معنى الإنسانية أو قلب الأم".
وياسر مرتجى صحفي فلسطيني اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلية، خلال تصويره فعاليات مسيرة العودة، يوم 6 إبريل/نيسان 2018.
وأضافت أم الشهيد: "ابني كان مصوراً يحلم بأن يحلق بأحلامه بعيداً، كطائر، كان يحمل كاميراته ليوثّق الانتهاكات الإسرائيلية ضدّ المواطنين العُزّل في قطاع غزة".
وتابعت أن كاميرا ابنها "مرَّت بثلاثة حروب، طحنت فيها إسرائيل غزة على مدار 10 سنوات، كان له السبق في تصوير الدمار، وانتشال الأطفال من تحت الأنقاض، وكان رفيقاً للمُجوَّعين واليتامى، لشدة ما كان يحمل في قلبه من حنان وعطف".
وأوضحت خيرية مرتجى، أنه "في عصر يوم الجمعة السادس من أبريل، كان ياسر كغيره من الصحفيين يحمل كاميراته ويرتدي درعه الواقي، وإسرائيل تعلم تماماً بأنه مصوّر يقف هناك ليلتقط الصورة، ورغم ذلك أطلقت رصاصتها عليه بدون رحمة، رصاصة متفجرة، دخلت إلى جسده فهشمت العظام وفتّت كل الأحلام في طريقها".
وتساءلت مُوجِّهةً حديثها للمغنية العالمية: "هل سمعتِ يوماً عن الرصاص المتفجر؟، إنه رصاص مُحرَّم دولياً، يخترق الجسد ويدور في الأحشاء، ولا يخرج إلا بعد أن يتأكد من القتل.. هكذا فعلت إسرائيل با بنتي".
وخاطبت أم الشهيد، المغنية الشهيرة قائلةً: "لك أن تتخيّلي قبل أن تَصِلي إلى إسرائيل، كيف هو قلب أم رحل ابنها البكر رحيلاً مستعجلاً لأن إسرائيل أرادت أن تنهي حياته، تاركاً وراءه طفلاً رضيعاً وامرأة شابة كانت تحلم إلى جانبه، وبيتاً بارداً يخلو من صوته وضحكته التي يعرفها أصدقاؤه تمام المعرفة".
ودعتها إلى أن تقرأ رسالتها ذاكرةً: "يجب أن تقرئي رسالتي هذه التي يرسلها قلب أم لأم مثلها، فأنت تعرفين معنى أن يكون لديك ولد، وكيف سيكون هو حلمك الذي تعيشين من أجله، وفرحتك التي تسعين لتحقيقها، ثم تُقتَل هذه الفرحة سريعاً".
وأردفت خيرية مرتجى: "ياسر كان شاباً متواضعاً، سلمياً، أعزلاً يحمل كاميرته لينقل إلى العالم الصورة الحقيقية لإسرائيل على حدود غزة، وهي تغتال أحلام الأطفال والشباب، لتقتل الصورة التي ينقلها ياسر، صورة لمطالبة الفلسطيني بحقه الذي سلبته إسرائيل".
وأفادت: "أجل.. قتلت إسرائيل ابني لتقتل الصورة، وابني ببساطة لم يكن يريد الموت، كان يبحث عن الحياة، يحب عمله، ويسعى إلى تربية ابنه، كان يحب وطنه، ولم يكن يريد أن يتركني".
وختمت رسالتها تقول: "سيدة مادونا، هل تعلمين لماذا أكتب لك الآن؟، لأنك قرّرتِ أن تغني على مسرح القاتل، وتنادي بالحب والسلام في دولة لا تعرف المعنى الحقيقي للسلام، ولا تعرف إلا لغة القتل والحرب"، متسائلة: "هل يمكن أن تعيد أغنياتك حق ابني في الحياة الذي سلبته إسرائيل؟"
وتُقام مسابقة "يوروفيجن"، التي ينظمها الاتحاد الإذاعي الأوروبي منذ عام 1956، هذا العام في إسرائيل، بين 14 و18 مايو/أيار الجاري.
وتُعدّ إحدى أكبر المسابقات العالمية فنياً، إذ يُقدَّر عدد مشاهديها بين 100 و600 مليون شخص حول العالم.