حتى لو لم تكن بجانبه.. صوت الأم المسجل يقوي مسارات اللغة في دماغ طفلها

أظهرت دراسة حديثة قادتها جامعة ستانفورد أن الاستماع لصوت الأم يمكن أن يعزز نمو مسارات اللغة في دماغ الأطفال الخدج.
أدمغة الرضع تشبه «تشات جي بي تي».. ما العلاقة؟
نشرت نتائج الدراسة في دورية "فرونتيرز إن هيومان نيوروساينس"، وأظهرت أن الأطفال الذين استمعوا إلى تسجيلات صوتية لأمهاتهم أثناء وجودهم في المستشفى أظهروا، عند فحصهم بواسطة تصوير الرنين المغناطيسي، نضجا أكبر لمسار رئيسي للغة مقارنة بمجموعة الأطفال التي لم تتلقَ هذه التسجيلات. وتعد هذه أول تجربة عشوائية محكومة من نوعها تدرس تأثير التعرض لصوت الكلام على النمو الدماغي في مرحلة مبكرة جدًا من الحياة.
وقالت الباحثة الرئيسية، كاثرين ترافيس، أستاذة مساعدة في ستانفورد ومؤخرًا في كلية وايل كورنيل ومعهد بيرك للأبحاث العصبية:"هذه أول أدلة سببية توضح أن التعرض لصوت الكلام يساهم مباشرة في نمو الدماغ في سن مبكرة جدًا، وهو أسلوب قد يغير طريقة تفكيرنا في رعاية الأطفال الخدّج لتعزيز قدراتهم اللغوية مستقبلًا".
كيف أُجريت الدراسة؟
شارك في التجربة 46 طفلاً وُلدوا قبل 32 أسبوعًا على الأقل، وكانوا بصحة مستقرة عند الانتقال من وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة إلى قسم العناية المتوسطة قبل الخروج من المستشفى.
وقام الباحثون بتسجيل كل أم وهي تقرأ فصلًا من كتاب الأطفال الشهير "بادينجتون بير" بلغتها الأم، ثم عرضوا هذه التسجيلات للأطفال في مجموعة العلاج لمدة 160 دقيقة يوميًا، مقسمة إلى فترات قصيرة أثناء الليل.
تضمن الفحص الدماغي تصوير مسارات الحزمة القوسية العصبية في الدماغ، وهي حزم من الألياف العصبية التي تساعد على معالجة وفهم الصوت، مع تركيز خاص على الجانب الأيسر المتخصص في اللغة. أظهرت الصور أن الأطفال الذين استمعوا لصوت أمهاتهم أظهروا نضجًا أكبر في هذا المسار مقارنة بمجموعة التحكم، بينما تأثر الجانب الأيمن بدرجة أقل، بما يتوافق مع الاختلافات المعروفة بين نصفي الكرة الدماغية في معالجة اللغة.
وقالت د. ميليسا سكالا، أستاذة الأطفال في مستشفى لويسيل باكارد للأطفال والمشاركة في الدراسة: "على الرغم من أن فترة التعرض كانت قصيرة نسبيًا، إلا أننا رأينا فروقًا كبيرة في مسارات اللغة. إنه لأمر مذهل كيف يمكن لتدخل صغير أن يحدث فرقا كبيرا."
أهمية التعرض لصوت الأم
تتطور حاسة السمع لدى الجنين منذ الأسبوع 24 من الحمل، وتزداد قدرة الجنين على سماع صوت الأم وأحاديثها في الأشهر الأخيرة قبل الولادة.
ويشير الباحثون إلى أن هذه التجربة الصوتية الطبيعية تساهم في برمجة الدماغ وتعزيز نمو المسارات اللغوية، وهو ما يمكن تعزيزه للأطفال الخدّج باستخدام تسجيلات صوتية مشابهة لما كانوا سيسمعونه في الرحم.
تشجيع للآباء والأمهات
تشير الدراسة إلى أن التسجيلات الصوتية قد تكون وسيلة لتعويض محدودية الوقت الذي يقضيه الآباء مع أطفالهم في المستشفى، مع التأكيد على أهمية الزيارات المباشرة والاحتضان الجلدي للطفل، لما له من فوائد عصبية إضافية.
وقالت د. سكالا: "حتى لو لم يتمكن الأهل من التواجد باستمرار، فإن صوتهم يصل إلى الطفل ويعزز نمو دماغه، ويمنحهم شعورًا بالمساهمة في تطوير قدراته منذ لحظاته الأولى".
الدراسة تفتح آفاقًا واسعة لاستخدام الصوت كأداة علمية لتعزيز نمو الدماغ وتحسين القدرات اللغوية للأطفال الخدّج، وتضع أساسًا لتدخلات مستقبلية يمكن أن تغير رعاية حديثي الولادة عالميا.