أشباح الماضي تطارد مؤتمر ميونخ.. هل يخمد اللقاء الحرائق الجيوسياسية؟
في إحدى أكبر المدن الألمانية الرابضة بأعماق بافاريا يلتئم أكبر تجمع على هذا الكوكب للرؤساء وكبار الوزراء والدبلوماسيين ومسؤولي الدفاع والمخابرات والأمن.
ومع بلوغ عامه الستين، يجد مؤتمر ميونخ للأمن نفسه أمام أزمات وليدة وأخرى اعتاد عليها منذ سنوات مضت، وسؤال.. هل الممكن القيام بأي شيء لإخماد الحرائق الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم؟
فالمشاركون في الحدث الأمني الأكبر، الذي ينطلق غدا الجمعة، أصبح لديهم لمحة عن المواضيع الرئيسية التي ستكون قيد المناقشة، مع فارق بنك الأزمات والقضايا والتصريحات المثيرة المستجدة.
وإلى جانب استحضارهم الذكرى الثانية للحرب الأوكرانية، ستحمل كلمات المشاركين، سواء في الجلسات العلنية أو وراء الكواليس، تداعيات الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما أنتجته من مخاوف اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وكذلك الأزمة في البحر الأحمر على وقع هجمات الحوثيين.
وفي أروقتهم ستعلو أحدث صيحات حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانتخابية، والتي يقول مراقبون إنها هزت الثقة في التزام واشنطن بتحالف الدفاع الأطلسي.
وأمس الأربعاء، هدد ترامب بعدم الدفاع عن الحلفاء الأوروبيين في حال تعرضهم لهجوم من روسيا.
ويشكل هذا حجر الزاوية في المعاهدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي، والتي اكتسبت أهمية إضافية منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.
ولا يزال التمويل الأمريكي الإضافي للقتال في أوكرانيا متوقفا في الكونغرس، حيث اصطف الجمهوريون في مجلس النواب خلف ترامب، الذي يعارض المساعدات العسكرية.
وصف الرئيس جو بايدن تصريحات ترامب بشأن الناتو بأنها "خطيرة" و"غير أمريكية"، مستغلا تعليقات الرئيس السابق لأنها تثير الشكوك بين الشركاء حول موثوقية الولايات المتحدة في المستقبل على المسرح العالمي.
أشباح ماضي ميونخ
وينعقد مؤتمر ميونخ، وسط مخاوف واسعة النطاق بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تكون قادرة على الاستمرار في تقديم مليارات الدولارات كمساعدات دفاعية لأوكرانيا، وبشأن زيادة العزلة الأمريكية بسبب دعمها للحرب الإسرائيلية في غزة.
ويرى مراقبون أن التطورات المتلاحقة بشكل متزايد في أوكرانيا وغزة، إلى جانب تصريحات ترامب التحريضية، "تعني أن الحدث قد تطغى عليه أشباح ماضي ميونخ غير المرغوب فيها -الاستبداد والاسترضاء ومعاداة السامية-، بدلا من أن تهيمن عليه النظرة المتفائلة للمستقبل، حسب تقرير لشبكة "أي بي سي نيوز" الأمريكية.
وتشتهر العاصمة البافارية بالعديد من الأشياء الإيجابية، لكن التطورات الأخيرة في أوروبا والشرق الأوسط والوضع السياسي الأمريكي المضطرب اجتمعت لتعيد إلى الأذهان تاريخ ميونخ، باعتبارها مسقط رأس الحزب النازي في عشرينيات القرن الماضي، والاسترضاء الأوروبي لأدولف هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي. وواقعة مقتل رياضيين إسرائيليين خلال دورة الألعاب الأولمبية في ميونخ عام 1972.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يشيد المشاركون، بما في ذلك نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بالقيادة الأمريكية، فإن المؤتمر سوف يستمع إلى أسئلة حول التحديات غير المسبوقة للقواعد واللوائح العالمية التي دافع عنها خلال وجوده الذي دام 60 عاما.
وقال البيت الأبيض، أمس الأربعاء، إن هاريس ستستغل ارتباطاتها في ميونخ للتأكيد على أن إدارة بايدن لا تزال تدعم بقوة حلف شمال الأطلسي، وهو تناقض حاد مع ترامب، المرشح الأوفر حظا لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 2024.
بدوره، وصف مستشار الأمن القومي لبايدن جيك سوليفان التحالف الدفاعي بأنه "أقوى وأكثر حيوية مما كان عليه منذ 75 عاما".
وأشار أيضا إلى أنه منذ أن تولى بايدن منصبه ارتفع التحالف من تسعة أعضاء أوفوا بالتزامهم بإنفاق 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع إلى 18 هذا الشهر.
وسينقل بلينكن أيضا هذه الرسالة في ميونخ، وفقا لكبير الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون أوروبا، جيمس أوبراين.
وقال أوبراين للصحفيين إن الإدارات الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري "تعتبر حلف شمال الأطلسي حجر الأساس لأمننا، بالتأكيد في أوروبا ولكنه شريك عالمي بشكل متزايد".
ومع ذلك، لا يزال الزعماء الأوروبيون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي يشعرون بالقلق.
وهاجم المستشار الألماني أولاف شولتز تصريحات ترامب. وقال إن "أي تخفيض نسبي لضمان دعم الناتو هو أمر غير مسؤول وخطير، ويصب في مصلحة روسيا وحدها"، مضيفا "لا يمكن لأحد أن يلعب أو يتعامل مع أمن أوروبا".
أما الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ فأوضح أن "فكرة الناتو بأكملها هي أن الهجوم على حليف واحد سيؤدي إلى رد فعل من الحلف بأكمله، وطالما أننا نقف وراء هذه الرسالة معا، فإننا نمنع أي هجوم عسكري على أي حليف".
وأضاف: "أي اقتراح بأننا لا ندافع عن بعضنا البعض، أو أننا لن نحمي بعضنا البعض، يقوض أمننا جميعا".
aXA6IDMuMTQ3LjczLjg1IA==
جزيرة ام اند امز