متحف المستقبل.. رؤية محمد بن راشد من الفكرة للافتتاح (القصة الكاملة)
"المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيّله وتصميمَه وتنفيذَه، المستقبلُ لا يُنتظَر، المستقبلُ يمكن تصميمهُ وبِناؤه اليوم".
مقولة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تزدان بها واجهة "متحف المستقبل" في دبي، المقرر افتتاحه الثلاثاء.
مقولة تكتسب أهمية خاصة ليس فقط لأنها تعكس رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حول أهمية الاستعداد للمستقبل واستشراف متغيراته وتطوراته، بل لأن تتبع رحلة تلك الجملة، يكشف قصة حلم ورؤية وطموح قائد لبلاده وللإنسانية.. حلم يتجسد على أرض الواقع اليوم عبر صرح علمي وحضاري بمقاييس عالمية، لدراسة المستقبل وتصميم أفكاره وتوجهاته تحت اسم "متحف المستقبل".
"العين الإخبارية" تكشف في التقرير التالي قصة تلك الجملة، والتي كانت المحطة الأولى في قصة إنشاء "متحف المستقبل".
المحطة الأولى.. الفكرة
"نفتتح اليوم متحف المستقبل.. والمستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه.. المستقبل لا ينتظر.. المستقبل يمكن تصميمه وبناؤه اليوم".. بتلك الجملة افتتح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قبل نحو 7 سنوات وتحديدا في 8 فبراير/ شباط 2015 فعالية "متحف المستقبل"، إحدى الفعاليات الرئيسية المصاحبة للقمة العالمية للحكومات.
فعالية تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، أقيمت لاستشراف المستقبل في جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، ومنها انطلقت فكرة "متحف المستقبل"، لتتبلور سريعا إلى خطوات وقرارات تستهدف إنشاء متحف، يكون بمثابة منصة علمية عالمية تجمع المفكرين وحاضنة للأفكار ووجهة للمخترعين والرواد من جميع أنحاء العالم.
المحطة الثانية.. بدء تنفيذ الفكرة
وبعد أقل من شهر من تلك الفعالية، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في 4 مارس/ آذار 2015 مشروع "متحف المستقبل" الذي يضم مختبرات للابتكار ومتحفا دائما لاختراعات المستقبل.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أثناء إطلاقه للمشروع: "إن متحف المستقبل يمثل أحد أهم طموحاتنا المعرفية في دولة الإمارات وأحد أهم أحلامنا لأبناء الإمارات وأحد أهم ركائزنا الرئيسية لمستقبل دولة الإمارات.. هدفنا بناء أفضل منصة ابتكار في العالم".
وأكد أن "متحف المستقبل سيكون حاضنة للأفكار .. ودافعا للابتكار .. ووجهة للمخترعين والرواد من جميع أنحاء العالم.. نحن نفكر بطريقة مختلفة.. الكثيرون يتنبأون بالمستقبل.. نحن نصنعه".
بتلك الكلمات وضع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حجر الأساس المعرفي لمتحف المستقبل، لتبدأ الخطوات العملية لتنفيذ رؤيته الرائدة بصناعة مستقبل أفضل، عبر إنشاء متحف المستقبل ليكون أفضل بيئة للابتكار على مستوى العالم.
المحطة الثالثة.. قانون المتحف
وفي 8 أغسطس / آب 2015، أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصفته حاكما لإمارة دبي قانون إنشاء متحف المستقبل رقم 19 لسنة 2015 الهادف إلى دعم توجهات الدولة لتعزيز مسيرة الابتكار وتطوير بيئة تحفز على الابتكار تتلاءم مع متطلبات الجيل الجديد في بناء مدن المستقبل الذكية.
ونص قانون إنشاء متحف المستقبل على إنشاء مؤسسة وقف بحثي تعنى بالإشراف على المتحف تسمى "مؤسسة دبي لمتحف المستقبل"، الذي تم تغيير اسمها لاحقا إلى "مؤسسة دبي للمستقبل".
وفي 24 إبريل/ نيسان 2016، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن إطلاق "مؤسسة دبي للمستقبل" كمؤسسة وقف بحثي مستقلة واعتمد "أجندة المستقبل " كاستراتيجية تعمل المؤسسة من خلالها وبالتعاون مع جميع الجهات الحكومية والخاصة في استشراف وصناعة مستقبل القطاعات الاستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد".
وتم الإعلان عن ضم متحف المستقبل لمؤسسة دبي للمستقبل حيث يعتبر المتحف أحد أهم المشاريع التي ستعمل المؤسسة على استكمال تنفيذها، على أن يكون للمؤسسة الجديدة مجلس أمناء برئاسة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي.
اكتمال البنية الهيكلية.. معجزة هندسية
وفي ١٩ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٨، أعلنت مؤسسة دبي للمستقبل عن وضع القطعة الأخيرة في البنية الهيكلية لمتحف المستقبل الذي يمثل أيقونة لمنصات عرض وتجربة مستقبل العلوم والتكنولوجيا والابتكار ووجهة عالمية لتطوير الأفكار الخلاقة.
ومع اكتمال البنية البنية الهيكلية للمتحف الذي صمم مبناه المهندس شون كيلا بدأت تظهر رويدا رويدا ملامح تحفة معمارية ومعجزة هندسية تمتد على مساحة 30 ألف متر مربع وبارتفاع 77 متراً، ويتألف من سبعة طوابق ويتميز بعدم وجود أعمدة داخله، ما يجعل من تصميمه الهندسي علامةً فارقةً في مجال الهندسة العمرانية.
وعكس الهيكل الخارجي الفريد من نوعه لمتحف المستقبل تميزه كأحد أكثر المشاريع العمرانية والمبتكرة تطوراً وطموحاً على مستوى العالم بما يقدمه من تصميم إبداعي لا مثيل له، وهيكل استثنائي يجعله ضمن المباني الأكثر انسيابية على مستوى العالم.
اكتمال الواجهة.. رسائل ملهمة
ومع اكتمال الواجهة الخارجية للمتحف في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، اكتملت 3 جمل تزين واجهته هي عبارة عن اقتباسات من أقوال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تحمل رسائل ملهمة حول فلسفة المتحف وأهدافه، هي: "لن نعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن نبدع شيئاً يستمر لمئات السنين"، و"المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه.. المستقبل لا ينتظر.. المستقبل يمكن تصميمه وبناؤه اليوم"، و"سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية يكمن في كلمة واحدة هي الابتكار".
وأبدع الفنان الإماراتي مطر بن لاحج في تصميم الكتابة على واجهة المتحف، مستخدماً خط الثلث العربي المعروف بجمالياته وروعة حروفه، واستغرق عمل بن لاحج على التصميم أكثر من 4 أشهر، مزج خلالها موهبته الفنية بخبراته في العمارة والتصميم ووعي العلاقة بين الكتلة والفراغ، وخامات البناء من معدن وزجاج.
وشهد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وضع القطعة الأخيرة في واجهة "متحف المستقبل"، إيذاناً بالاستعداد للمرحلة النهائية من تشييد الصرح المستقبلي الذي يجسد مستوى الإبداع الهندسي والعلمي فيه ريادة دولة الإمارات في إبداع وتصميم وصناعة إنجازات هندسية ومعمارية فريدة، وبات معلماً بارزاً يضاف للمعالم العمرانية المتميزة لإمارة دبي.
وتم استخدام الخط العربي في تصميم واجهة متحف المستقبل تمثيلاً لرؤية المتحف في المساهمة النوعية والفاعلة في استئناف الحضارة العربية، في عصرها الذهبي، التي صدرت علومها ومعارفها للبشرية بلغة الضاد.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في هذا الصدد "أن متحف المستقبل يمثل أيقونة معمارية وهندسية عالمية ستسخّر لبناء معجزات بشرية قادرة على استخدام المتحف لبناء مستقبل أفضل"، مشيراً إلى أن المتحف هو قطعة إماراتية من مستقبل هندسة البناء.
ولفت إلى أن متحف المستقبل يتحدث اللغة العربية ويجمع بين أصالتنا العربية وطموحاتنا العالمية، وهو أيقونة هندسية عالمية.
وأضاف: "هدفنا ليس بناء معجزات هندسية.. هدفنا بناء معجزات بشرية تستطيع استخدام المتحف لبناء مستقبل أفضل. ودبي مستمرة في البناء..الإمارات مستمرة في الإنجاز.. العالم مستمر في الحركة والتقدم لمن يعرف ماذا يريد".
وتتألف الواجهة الخارجية الأيقونية للمتحف من 1,024 قطعة هندسية تجتمع معاً كمكونات جمالية عملاقة لتمنح هيكل المتحف شكله الانسيابي الخارجي، ويزين الأفق العمراني لمدينة دبي بمعلم أيقوني متميز، ويشكّل من دولة الإمارات بوابة لاستشراف مستقبل أفضل للإنسانية للسنوات والعقود المقبلة.
وتم تصميم الواجهة الخارجية من الفولاذ وجرى إنتاجها باستخدام أذرع آلية مؤتمتة تعتمد خوارزميات دقيقة لتصميم قوي وانسيابي، وواجهة مصقولة تعكس حرارة أشعة الشمس من جهة وتسمح بدخول الضوء في النهار لتعزيز إنارة المكان عبر تصميم إبداعي مستدام.
ويتألف كل لوح من ألواح واجهة متحف المستقبل من 4 طبقات من المواد عالية الكفاءة والمتانة، فيما تضمنت عملية إنتاج اللوح الواحد 16 خطوة عملية مترابطة تم إنجازها بحرفية عالية وبعمليات مؤتمتة بالكامل توظف معادلات تصميم دقيقة وتحقق دقة متناهية في تجاور الألواح جنباً إلى جنب دون فراغات أو فروقات في السماكة والكثافة، ما جعل مبنى متحف المستقبل تحفة عمرانية ملهمة.
وتم تركيب القطع الـ1,024 للواجهة على مدى 18 شهراً، على امتداد مساحتها الإجمالية البالغة 17,600 متر مربع، فيما تتراص القطع لتجعل من سطح واجهة المتحف بمثابة جوهرة مصقولة عملاقة.
متحف المستقبل الأجمل عالميا
في يوليو/ تموز 2021، اختارت ناشيونال جيوجرافيك متحف دبي المستقبل ضمن أجمل 14 متحفا على مستوى العالم، ما يعكس ريادة دولة الإمارات في الابتكار والإبداع وتصميم وصناعة إنجازات هندسية ومعمارية فريدة.
كما حصد متحف المستقبل جائزة تيكلا العالمية للبناء باعتباره نموذجاً عمرانياً فريداً من نوعه وأيقونة معمارية لا مثيل لها حول العالم، حيث لا يوجد أي مبنى في العالم تم تشييده بناءً على تقنيات مشابهة واعتمد على تقنيات خاصة ميزته عن سائر المباني.
احتضان نوابغ العرب
ومع اقتراب افتتاح المتحف، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 4 يناير/ كانون الثاني الماضي، مبادرة "نوابغ العرب"، ليكون أكبر حراك عربي يقوده متحف المستقبل، لتكون خطوة عملية على طريق تنفيذ رؤية المتحف في المساهمة النوعية والفاعلة في استئناف الحضارة العربية، في عصرها الذهبي.
وسيتولى متحف المستقبل الإشراف على النوابغ المتميزين من أصحاب المواهب الاستثنائية من العلماء والمفكرين والمخترعين والمبتكرين المتميزين والمبدعين العرب في شتى المجالات، ورعايتهم وتمكينهم وتطوير أفكارهم بالتعاون مع أفضل الشركاء العالميين، لتعظيم أثرهم الإيجابي في المنطقة.
وتسعى مبادرة "نوابغ العرب" إلى تحديد أهم 1000 نابغة عربي خلال 5 سنوات في مسارات رئيسية تشمل: الفيزياء والرياضيات، والبرمجيات وعلوم البيانات، والاقتصاد، والجامعات والأبحاث العلمية وغيرها، ودعمهم علمياً وبحثياً.
22-2-2022.. موعد الافتتاح
وفي 3 فبراير/ شباط الجاري أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن موعد افتتاح متحف المستقبل في تغريدة قال فيها :"الإخوة والأخوات.. أجمل مبنى على وجه الأرض ستطلقه الإمارات للعالم في 22/02/2022..عام 2022 سيكون عاماً استثنائياً لدولة الإمارات العربية المتحدة بإذن الله".
رحلة إلى المستقبل
ومع افتتاح المتحف سيكون زواره على موعد مع رحلة ملهمة تمكّنهم من تصوّر المستقبل الذي يتطلعون إليه، وذلك عبر تجربة تفاعلية غير مسبوقة تثري الحواس وتدمج بشكل متكامل العلم مع التكنولوجيا، عبر التعرّف على التجارب الملهِمة غير المسبوقة التي يقدمها لزواره وترسم ملامح مستقبل البشرية ومجتمعات الغد الذكية والمستدامة في المتحف الأول من نوعه على مستوى العالم.
ويمثّل متحف المستقبل معرضاً دائماً لاستعراض جوانب مختلفة من مستقبل البشرية وأهم التقنيات التي تنتظر البشرية في العقود المقبلة، كما يمثل المتحف مركزاً فكرياً عالمياً من نوعٍ جديد، ويجسّد الخيال البشري النشط الذي لا يتوقف عن الإبداع والابتكار، ويكرس المتحف مدينة دبي كمركز عالمي لاختبار وتطوير الحلول المبتكرة التي تخدم الإنسانية وتساهم في بناء مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.