تتميز الموسيقى في منطقة شرق أفريقيا بأنماط وأشكال وإيقاعات وألحان عدة، جعلتها مميزة عن باقي أنحاء العالم، ومن الوهلة الأولى يمكن أن تعرف بأنها تنتمي لمنطقتنا، والتي تتشابه في العديد من العناصر الحية التي جعلتها فريدة من نوعها.
في الوقت الذي كان العالم فيه يتجاهل تلك الرقعة من القارة الأفريقية سلطت القنوات العالمية والمسارح والمهرجانات، الضوء على كبار فناني تلك المنطقة، من خلال إبراز الملامح الفنية لهذه الشعوب، فكانت بعض الجوائز العالمية والدولية التي حصدها كبار الفنانين الإثيوبيين والصوماليين والإريتريين هي الرصيد الذي ما زالت تحتفظ به خزانة المتاحف الفنية في منطقة شرق أفريقيا.
إن السلم الخماسي الذي عُرفت به إيقاعات وموسيقى منطقة شرق أفريقيا، من الصومال مرورًا بالسودان، فجيبوتي فإثيوبيا، باتت أهم سمات موسيقى المنطقة، بالإضافة إلى الأغاني التراثية التي تعكس في مجملها ثقافات تلك الشعوب، عبر عرض الأزياء والألوان والرقصات الشعبية التقليدية والعفوية التي عرفت بها من خلال الاندماج والرقص الجماعي لكل فئات المجتمع.
كانت بعض الألحان والإيقاعات التي اقتبست من موسيقى المنطقة وقام بأدائها فنانون وعازفون، تعود في الأصل إلى نمط شعبي تقليدي بسيط في أفريقيا، لكنها لم تجد الطريق إلى العالمية، بسبب الانغلاق على الداخل، وعدم توفر فرص النشر والتواصل إلى مناطق أخرى.
وعندما شدا بعض الفنانين، أغاني من المنطقة، كان الجميع مندهشا من الطريقة والأداء والعرض، لكنهم لا يعرفون أن هذه مجرد أغان شعبية بسيطة، وهنالك ما هو أجمل وأروع بأسلوب فريد، لكنه لم يجد الطريق إلى مسامعهم لأسباب عدة، وقفت عائقا لانتشارها.
وعلى الرغم من ظهور التكنولوجيا والفضائيات إلا أن عامل اللغة ظل أحد التحديات التي منعت من انتشار موسيقى المنطقة بصورة كبيرة عالميا، لكن حركة الباحثين والمفكرين من المنطقة والقارات الأخرى كان لها دور كبير من خلال الأبحاث والدراسات التي أجريت على بعض من هذه الأنشطة، مما كان له أثر في عملية تواصل محدود من وقت لآخر، جعل الفن الأفريقي في المنطقة ضيف شرف في بعض المهرجانات الدولية، مما أعطاها دافعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة نحو الانتشار والتواصل مع الآخرين.
وكان للهجرات والأحداث السياسية التي فرضت نفسها على شعوب المنطقة سببا في هجرة عدد كبير من فنانينا وخبرائنا الذين أجبرتهم أوضاعهم للعيش في الخارج للعب دور كبير في نشر الإرث الموسيقي لشعوب المنطقة من خلال التواصل مع خبراء الموسيقى العالمية.
تظل الموسيقى أهم عنصر تعريفي لثقافات المنطقة، التي قد تجد مدلولاتها في إحدى الرقصات أو رموزها الثقافية على أحد الأزياء الشعبية التي يرتديها الفنانون أو الراقصون في الفرق الشعبية للفنون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة