إن العداء الإخواني لكل مفردات التنمية والتطور في العالم العربي أمرٌ لا يختلف عليه اثنان من العقلاء.
لذلك لأن أساس النهج الإخواني هو الدمار والخراب والجهل، وسوق الناس نحو المزيد من الفوضى في المنطقة العربية، لا سيما بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي المشؤومة، وما حدث من مغامرة غير محسوبة على قطاع غزة وسكانها، وعدوانٍ تبعها بغية الانتقام الإسرائيلي المستمر.
وجاءت دعوة خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج لعودة العمليات الانتحارية لتزيد الطين بلةً، لا سيما وأن مشعل يمثل النواة الإخوانية الصلبة للإخوان داخل حركة حماس، ويتبنى منهجية سيد قطب وحسن البنا الداعية لمزيد من العنف والاقتتال دون جدوى أو أثر يرتد بالفائدة على القضية الفلسطينية العادلة.
ويتلاقى الإخونج اليوم في توجهاتهم وتصرفاتهم مع الوزراء المتطرفين في حكومة إسرائيل مثل إيتمار بن غفير وسموتريتش، لأن القواسم المشتركة بين هؤلاء تبدو أكثر وضوحاً في دعم استمرارية الحرب بغزة وإفشال كل جهود الوساطة العربية لإحداث تغيير جذري في ملف التفاوض، من أجل إنهاء معاناة الفلسطينيين المدنيين، التي أصبحت حديث الجميع منذ أشهر.
ولعل الإخونج بحد ذاتهم يتلونون حسب الطلب، فهم يبدلون جلودهم ضمن المتاح من أحداث، ويقفزون على الحقائق، مطالبين الشعوب العربية والإسلامية بأشياء مضرة وغير خادمة لأي مشروع تنموي حقيقي، يكفل المنطقة تعبيد طرق السلام والاستقرار.
وحين يحدثك الإخونج كجماعة متطرفة عما يسمونه المقاومة، قل لهم: إن المقاومة الحقيقية في زماننا، وهي التي تقاوم الجهل من أجل العلم، وتقاوم الفقر من أجل العيش الكريم، وتكافح البطالة من أجل العمل، وتواجهه الخراب من البناء، وتقضي على المليشيات من أجل الدولة الوطنية القادرة على تأمين الحياة الكريمة لمواطنيها والمقيمين على أراضيها.
وهنا أسأل ومثلي كثر في عالمنا العربي والإسلامي من باب التحدي المشروع: هات لي جامعةً بنتها المليشيات، وهات لي مشفىً عمرته المليشيات، وهات لي طريقاً عبدته المليشيات، هات لي مدينةً طورتها المليشيات، وهات لي جائعاً أطعمته المليشيات، وهات لي مريضاً عالجته المليشيات، وبصراحة شديدة أقول: المليشيات خطر على الحياة، لأن مشروعها الموت كرمى لأجندات غريبة ودخيلة علينا، والإخونج هم الأب الروحي بالمعنى السلبي لكل هاتيك المليشيات.
وإذا كان تعيين حاكم عسكري إسرائيلي في قطاع غزة يعتبر توجهاً لدى صناع القرار في تل أبيب للبقاء في القطاع لأجل غير مسمى، فإن أحداث الضفة الغربية الأخيرة تعطي بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية على المستوى الاستراتيجي بعداً آخر في تحذير المجتمع لديه من 7 أكتوبر/تشرين الأول ثانية مصدرها الضفة الغربية، وهذا ما يعضده دعوات خالد مشعل آنفة الذكر وغيرها، لإدخال الضفة الغربية في أتون صراعات بائسة يرفضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه، وهو على رأس منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دولياً كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين.
ومحاصرة الإخونج وفكرهم الهدام ستمنح العرب مساحة واسعة لفهم الواقع، والسير قدماً نحو تحصيل السلام على طاولات المفاوضات بعيداً عن المغامرة والمقامرة كأسلوب إخواني عبثي ومراهق في مفاهيم السياسة وصنع القرار، فالإخونج مليشيات، والدول لا يمكن لها أن تقوم على فكر مليشياوي يهدر الوقت والدم في سبيل تحقيق أهداف غير نبيلة، إذ أن تجارب الإخونج الفاشلة في الحكم بمصر وتونس وليبيا وغيرها شر دليل على عدم قدرتهم البتة على صنع الفارق بالمعنى الإيجابي أو الاحتكام لإرادة الشعوب التواقة للتنمية والتعليم والسلام.
وحتى في السودان الآن، وجدنا جميعاً أثر الكارثة الإخوانية على مستوى الدولة، لأن الإخوان وجدوا في الصراع بين المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع فرصة سانحة لإعادة إنتاج أنفسهم، وهم يسعون لسلب القرار ومنع الفرقاء من الذهاب لجنيف كمفاوضين أو تنفيذ مقررات منبر جدة الداعية إلى وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة