إخوان ألمانيا بـ2023.. ضربات إعلامية واستخباراتية وبرلمانية
خلال عام واحد، تقلبت الإخوان الإرهابية على طاولة سلطات الأمن في ألمانيا، وتعمق مسار مكافحة الجماعة، ووصلت جذوره الأوساط السياسية.
ومن الكشف عن ملف احتيال مالي للإخوان في فرانكفورت، إلى تقديم مشروع قرار برلماني جديد لمكافحة الجماعة وتيارات الإسلام السياسي، مرورا بوجه أحد وجوها الجديدة، كان عام 2023 حاسما في مكافحة هذا التيار بألمانيا.
ففي بداية الصيف الماضي، تصدر مشهد جمع "مركز فرانكفورت الإسلامي" التبرعات لبناء مسجد ومركز مناسبات ضخم في مدينة فرانكفورت الألمانية؛ المشهد، بعد أن تم شراء قطعة أرض بجوار مقره، بحسب ما نقلته صحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية.
لكن تحقيقا أجرته الصحيفة الألمانية، كشف عن أن هذا المركز الإسلامي، غير مدرج كمشترٍ لقطعة الأرض التي من المقرر أن يؤسس عليها المسجد، في السجل العقاري، وفق ما نشرته "العين الإخبارية" في وقت سابق.
وبدلا من ذلك، فإن الجالية المسلمة الألمانية، ذراع الإخوان الرئيسية في ألمانيا والخاضعة لمراقبة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، هي المدرجة بدلا من المركز الإسلامي في فرانكفورت، في السجل العقاري.
واستنادا إلى ذلك، لفتت الصحيفة الألمانية الأنظار نحو وجود شك في احتمالية حدوث جريمة احتيال في التبرعات، وتضليل للمتبرعين، بعد أن توارى المالك الأصلي عن الأنظار، فيما يجمع طرف آخر التبرعات.
وبعد وقت قصير من هذه الفضيحة المالية، صنف فرع ولاية براندنبورغ لهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، بشكل مفاجئ، المركز الإسلامي في فورستنفالده، على أنه "جهد متطرف".
كما تم تصنيف مسجد "السلام" الذي يديره المركز الإسلامي، على أنه "موضع مراقبة من الهيئة بسبب التطرف".
وتعليقا على ذلك، قال وزير الداخلية في ولاية براندنبورغ، مايكل ستوبجن، في تصريحات صحفية إن "المركز الإسلامي في فورستنفالده جزء من حركة حماس المصنفة إرهابية في ألمانيا، وتنظيم الإخوان".
وتابع أن المركز الإسلامي "يعمل ضد النظام الأساسي الديمقراطي الحر (..) لا يمكننا قبول ذلك".
ووفق هيئة حماية الدستور، فإن تصرفات المركز الإسلامي والمسجد التابع له "تنتهك المصالح الخارجية لألمانيا وفكرة التفاهم الدولي"، كما تعرض الشبان والأطفال لـ"أفكار متطرفة".
ووفق ما علمته "العين الإخبارية"، فإن تحرك هيئة حماية الدستور ضد المركز الإسلامي في فورستنفالده، يأتي في إطار منع هذا المركز من تأسيس شبكة من المنظمات والأفراد والأنشطة الإسلاموية المندرجة تحت لواء الإخوان، في براندنبورغ.
وبعيدا عن روابط المركز الإسلامي في فورستنفالده، يبرز تحرك السلطات في براندنبورغ ضد المركز في إطار تركيز أكبر في هذه الولاية على أنشطة جماعة الإخوان الإرهابية.
ما ظهر في أحدث تقرير لهيئة حماية الدستور في براندنبورغ الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، ويقول بوضوح "في ألمانيا، تنتهج المنظمات المرتبطة بتنظيم الإخوان، استراتيجية تآمرية طويلة المدى للتأثير على المجال السياسي والاجتماعي بما يخدم أيدلوجية الجماعة".
مشروع قرار برلماني
وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري، جاءت الخطوة الأحدث والأكثر أهمية في عام 2023، حيث ناقش البرلمان الألماني "البوندستاغ"، مشروع قرار، يرمي لمكافحة الإسلام السياسي، وفي القلب منه جماعة الإخوان الإرهابية.
وفي خلال جلسة عامة يوم 14 ديسمبر/كانون الأول، أحالت رئاسة البوندستاغ المشروع إلى لجنة الشؤون الداخلية لدراسته وإعداد تقرير بشأنه، قبل رفعه مجددا للمناقشة العامة.
ويحمل مشروع القرار عنوان "مكافحة الإسلام السياسي بشكل فعال ضد النفوذ الأجنبي على المسلمين الألمان".
وينص المشروع على "عدم إصدار تأشيرات للأشخاص الذين يخضعون بشكل مباشر أو غير مباشر لدولة أجنبية والذين من المفترض في الوقت نفسه أن يعملوا في منظمة دينية في ألمانيا".
ويطالب مشروع القرار بتعديل قانوني يمنع "أعضاء مجالس الإدارة والمجالس الاستشارية والهيئات الأخرى للجمعيات الدينية، من أن يكونوا تابعين بشكل مباشر أو غير مباشر لدول أو سلطات أجنبية".
كما يطالب المشروع بأن يشمل التعديل القانوني حظر ممارسة الدول والسلطات الأجنبية أي تأثير على تكوين وتدريب العاملين في لجان الجمعيات الدينية في ألمانيا.
المشروع يطالب أيضا بأن تشمل مظلة التعديل القانوني المقترح "عدم السماح للدول والسلطات الأجنبية بممارسة صلاحيات الإدارة والرقابة بشكل مباشر أو غير مباشر في لجان الجمعيات الدينية في ألمانيا".
وكذلك ينص المشروع على "عدم جواز تصميم الأنظمة الأساسية للجمعيات الدينية في ألمانيا بطريقة تجعلها مرتبطة بدولة أجنبية أو تخضع لإدارة أو سيطرة جهة أجنبية بشكل مباشر أو غير مباشر".
الأكثر من ذلك، يطالب المشروع بـ"توسيع صلاحيات سلطات حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، خاصة في مجال التحقيقات المالية، حيث يمكن توضيح النفوذ السياسي و/أو المالي للدول الأجنبية على الجمعيات الدينية في ألمانيا بشكل أفضل".
بالإضافة إلى ذلك يطالب مشروع القرار بـ"وضع خطة عمل للإسلام السياسي، مماثلة لخطة العمل للتطرف اليميني، وفي خطوة ثانية تطويرها إلى خطة عمل حكومية فيدرالية، ينبغي أن تشمل إجراءات ملموسة لمكافحة الإسلاموية والآفاق الزمنية لتنفيذها".
ومنذ بداية 2022، لعب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الدور الرئيسي في مسار برلماني تبنى مكافحة الإسلام السياسي، وقدم عدة مشروعات قرارات وطلبات الإحاطة، ونظم جلسات استماع لخبراء في الملف.
هذا الوضع يضرب بقوة كل ما أسسه تنظيم الإخوان على مدار 7 عقود كاملة في الأراضي الألمانية، إذ يعود أول ظهور للجماعة بالبلاد إلى خمسينيات القرن الماضي على يد سعيد رمضان، صهر مؤسس الجماعة حسن البنا، وزعيم إخوان سوريا في ذلك الوقت عصام العطار، اللذين استقرا في ألمانيا، ولم يتعرضا لأي مضايقات حول نشاطهما، وفق دراسة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي "حكومي ألماني".