إخوان السودان يحيكون خيوط الفوضى.. قوش يعيد تدوير المليشيات

بينما تستمر الجهود الإقليمية والدولية لاحتواء الحرب المدمرة بالسودان، يسعى الإخوان إلى تعطيل مبادرات السلام عبر تشكيل مليشيات جديدة.
وبحسب ما طالعته «العين الإخبارية» في موقع "sudan peace tracker" فإن الإخوان يسابقون الزمن على جبهات متعددة لعرقلة مبادرات السلام وتقويض الاستقرار.
في قلب هذه المناورات، يبرز اسم صلاح محمد عبدالله المعروف بـ«صلاح قوش»، المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، الذي «يسعى لتشكيل مليشيات جديدة للزج بها في الصراع الدائر منذ 15 أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع»، وفق المصدر نفسه.
عقوبات دولية وتصعيد الإخوان
ونقل الموقع عن مصادر سياسية وأمنية- لم يسمها- أن قوش «يستخدم السياسي محمد سيد أحمد الجاكومي كواجهة لإنشاء مليشيات تتخفى وراء شعارات إقليمية وعرقية، وتدعي تمثيل شمال السودان، بينما هي في الواقع قوة إسلامية بحتة».
في ديسمبر/كانون الأول 2023، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صلاح قوش لدوره في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان.
وفي سبتمبر/أيلول 2024، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة، وقبل ثلاثة أيام فقط جددها لعام آخر، متهما قوش بتأجيج الحرب وزعزعة استقرار البلاد.
الجاكومي وإعلان المليشيات
في 25 يوليو/تموز الماضي، أعلن الجاكومي عن تشكيل مليشيات جديدة، مشيرا إلى أنه يهدف إلى تدريب 50 ألف مقاتل من شمال السودان.
وقال ناشط سياسي من ولاية الشمال، فضل عدم الكشف عن هويته، للموقع، إن «الجاكومي حاول خلال الأشهر الثلاثة الماضية الترويج للمليشيات بين الشباب في المنطقة، لكنه واجه رفضا قاطعا».
وتابع «الجميع يعرف من هو الجاكومي ومن يقف وراءه». وأكد المصدر أن الجاكومي «كان منذ فترة طويلة مقربا من صلاح قوش منذ أن كان الأخير مديرا للمخابرات واستخدمه لاختراق القوى السياسية، بل وتعرض أحيانا لاعتقالات مدبرة لتلميع صورته».
ممر العودة للسلطة
وبحسب ما كشفه منشق عن حركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، لموقع "sudan peace tracker"، فإن صلاح قوش هو مهندس ما عُرف بـ«المسار الشمالي»، برئاسة الجاكومي، والذي شارك في اتفاقية جوبا للسلام الموقعة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
إلا أن الجاكومي استُبعد لاحقا بعد أن اكتشفت بعض الحركات المسلحة دوره واستولت على جميع المناصب.
وأضاف المصدر أن أنشطة الجاكومي الحالية نيابة عن قوش تمثل استمرارا لجهوده السابقة لتأمين موطئ قدم له في السلطة، والتي فقدها بسقوط نظام عمر البشير.
وعندما سأل "sudan peace tracker" الجاكومي عن تلك القوات، أجاب بأنها تخضع حاليا للتدريب، لكنه رفض الكشف عن مكانه، مكتفيا بالقول: «لدينا قوة موحدة تعمل تحت قيادة الجيش. سترون ذلك قريبا». ورفض الإجابة عن أي أسئلة أخرى.
ماذا يعمل قوش الآن؟
في غضون ذلك، صرح ضابط أمن متقاعد، بأن صلاح قوش لا يزال حاضرا في المشهد السوداني، معتمدا على شبكاته داخل الجهازين العسكري والأمني.
وأوضح أن قوش يدير حاليا مجموعة متنوعة من الاستثمارات من خلال شركاء أعمال موالين له، بما في ذلك تجارة الوقود والذهب، بالإضافة إلى تسويق منتجات مصنعه في السودان.
لكن من هو صلاح قوش؟
- وُلِد قوش في أبريل/نيسان 1957 في بلدة البلل قرب مدينة كريمة شمال السودان.
- في السادسة من عمره انتقلت أسرته إلى مدينة بورتسودان، حيث التحق بمدرستيّ الضاحية الابتدائية ثم بوارث الثانوية.
- في عام 1973 التحق بمدرسة البحر الأحمر الثانوية العليا
- انتمى للفرع الطلابي للإخوان تحت زعامة حسن الترابي.
- في 1976 تخصّص في الهندسة المدنية بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، وآنذاك تولى مسؤولية الأمانة السياسية للتنظيم.
- وبعد تخرّجه عام 1982، أصبح عضوًا فاعلًا ضمن "مكتب الأمن" التابع للتنظيم الذي سُمي الجبهة الإسلامية القومية في 1985.
- بعد قدوم حكومة عمر البشير عبر الانقلاب العسكري عام 1989، التحق بجهاز الأمن السوداني في عام 1990.
- ترأس إدارة العمليات الخاصة بجهاز الأمن قبل أن ينتقل في عام 1995 مديرًا لمجمع "اليرموك الصناعي" للأسلحة.
- وفي عام 2000، وصل قوش إلى منصب نائب مدير جهاز الأمن الداخلي
- 2004.. تولّى إدارة الجهاز في العام ذاته وأصبح مديرًا لجهاز الأمن والمخابرات بعد دمج الجهازين.
قال عنه جون برنبيرغ المستشار السابق في البيت الأبيض خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: "كنا نعرف أن قوش هو المرافق اللصيق لأسامة بن لادن خلال وجوده في الخرطوم من 1990 إلى 1996، وهو الذي ساعده على إنشاء مشاريعه التجارية والمالية".
انتهاكات دارفور
في عام 2005، تم إدراج اسمه في لائحة جرى تقديمها لمجلس الأمن ضمت آنذاك 17 شخصًا متهمًا بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.
كما اتُهم بالمسؤولية عن اعتقالات تعسفية والتضييق والتعذيب وإنكار حق المعتقلين في محاكمات عادلة، واتهمته صحيفة الراكوبة السودانية بأنه أول من أدخل "أساليب الاغتصاب" للنيل من المعارضين السياسيين.
وعرفت الفترة التي تولى فيها إدارة الأمن الداخلي بالعنف في التعامل مع المعارضة واعتقال آلاف السياسيين في سجون سرية عُرفت وقتها باسم "بيوت الأشباح"، وفق منظمات حقوقية دولية.
إقالتان وسجن
تعرّض قوش مرتين للإطاحة من منصبه، كانت الأولى في 2009 عندما تمت إقالته من منصبه كمدير عام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وعُيّن مستشارًا للرئيس المخلوع عمر البشير، وفي 2011، أصدر البشير قرارًا بإقالته من منصبه.
وفي 2012، كانت المفارقة الكبرى عندما ألقى جهاز الأمن والمخابرات القبض على مديره السابق صلاح قوش بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية تخريبية، ليقبع على إثرها في السجن 7 أشهر و17 يومًا.
وفي يوليو/تموز 2013، تم إطلاق سراحه بموجب عفو رئاسي، بعد وساطات تبنتها قيادات رفيعة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم مع نفيه أي تورط في محاولة الانقلاب.
بعدها تراجع ظهور قوش حتى فبراير/شباط 2018، حيث أصدر البشير قرارًا مفاجئًا بتعيينه مجددا مديرًا عامًا لجهاز الأمن والمخابرات السودانية ليعود لمنصبه بعد 10 سنوات من الإقالة.
حتى جاءت الاحتجاجات الشعبية في 2019 التي أطاحت بنظام البشير ليعلن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم إقالة قوش من منصبه في 14 أبريل/نيسان من العام ذاته حيث أشرف قوش على حملة قمع واسعة ضد المتظاهرين وسط حديث رسمي عن هروبه خارج البلاد دون تحديد وجهته.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز