الحظر الأمريكي المتوقع.. لماذا عاد ملف الإخوان إلى الواجهة بواشنطن؟
يتصاعد الجدل في واشنطن حول الجهود الرامية لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وسط مؤشرات متزايدة على أن هذا التوجّه لا ينبع فقط من داخل الإدارة الأمريكية، بل تقف خلفه شبكة من مراكز أبحاث، ولوبيات ضغط نافذة.
فقبل أسابيع، فاجأت ولاية تكساس الأوساط السياسية بإعلانها إدراج الإخوان وإحدى أبرز المنظمات الإسلامية الأمريكية على قوائم الإرهاب. وما لبث أن تبعها البيت الأبيض، إذ وجّه الرئيس دونالد ترامب أوامر بدراسة اعتبار فروع الجماعة في مصر والأردن ولبنان تنظيمات إرهابية.
ويستعد مجلس الشؤون الخارجية في مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون أوسع نطاقًا يُلزم الإدارة بتصنيف جميع الكيانات المرتبطة بالجماعة باعتبارها منظمات إرهابية أجنبية، بحسب موقع مجلة "ريسبونسبول ستيت كرافت".
هذا التحرك السريع أثار تساؤلات كثيرة، خاصة وأن إدارة ترامب الأولى كانت قد درست السيناريو نفسه لكنها تراجعت عنه تحت ضغط وزارتي الخارجية والدفاع "البنتاغون"، اللتين أكدتا أن الجماعة لا تستوفي المعايير القانونية للتصنيف.
وبعد عقود من التوسع، بات اسم "الإخوان" مظلة تشمل طيفًا واسعًا من الكيانات والحركات، أغلبها لا يمارس العنف، فيما صُنّفت المجموعات المسلحة بالفعل - مثل حماس ولواء الثورة - كتنظيمات إرهابية. وحتى وكالات الاستخبارات حذّرت مرارًا من أن التصنيف قد يشعل التطرف، ويخلق أزمات دبلوماسية مع دول تضم أحزابًا ذات جذور أو روابط بالجماعة.
دور مراكز الأبحاث واللوبيات
تشير المعلومات المتاحة علنًا إلى أن العامل الأكثر تأثيرًا هو النشاط المكثف لمراكز أبحاث محافظة في واشنطن، أبرزها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بمواقفها المتشددة خصوصًا تجاه إيران، والتي أصدرت ذراعها السياسية الشهر الماضي تقريرًا يحذر من "دعم الإخوان لمنظمات إرهابية"، داعية واشنطن للتحرك بالتنسيق مع الحكومات الإقليمية التي حظرت الجماعة مسبقًا.
وبالتزامن، نشر معهد دراسة معاداة السامية والسياسات العالمية تقريرًا من 265 صفحة يؤكد أن الجماعة حركة تخترق المجتمعات الغربية منذ عقود.
الحراك السياسي داخل واشنطن
في الداخل الأمريكي، يحظى الجهد بدعم شخصيات نافذة في إدارة ترامب. من بينهم سيباستيان غوركا، مدير مكافحة الإرهاب في إدارة ترامب، الذي وصف الإخوان في فعالية لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية أنهم "الجد الأكبر" للجماعات الإرهابية، وعقب إعلان ترامب، قال غوركا إن "التاريخ قد سُطِر في ذلك اليوم".
وفي الكونغرس، يقود النائب الجمهوري ماريو دياز-بالارت الحملة التشريعية لتوسيع نطاق التصنيف، وقد شارك مؤخرًا في فعالية مشتركة مع مسؤولي مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ثمن فيها خطوة ترامب، إلا أن مقترحه التشريعي يتجاوز بكثير نهج الإدارة، إذ لا يميز بين فروع الجماعة المختلفة، ما قد يفتح الباب أمام ملاحقة عشرات المنظمات غير العنيفة في الشرق الأوسط.
ويُثار كذلك اسم النائبة الجمهورية السابقة إيلينا روس-ليتينن، التي وضعت عام 2020 تقريرًا وضع الإخوان على درجة المساواة مع داعش والقاعدة، وتحظى بعلاقات متينة مع دياز-بالارت ومع وزير الخارجية ماركو روبيو، الأمر الذي يعزز احتمال تأثيرها في تشكيل هذا التوجه السياسي.
تأثيرات على المعارضة في الشرق الأوسط
لكن المراقبين يحذرون من أن التداعيات الأكبر ستقع على المعارضة السياسية في الشرق الأوسط. فيحذر رائد جرّار من منظمة "داون" الحقوقية، من إمكانية استخدام التصنيف من قبل الأنظمة كأداة إضافية لقمع حرية التعبير والتنظيم السياسي، حيث تتعرض مجموعات سياسية غير عنيفة لضغوط متزايدة بذريعة ارتباطها بالإخوان.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTE5IA== جزيرة ام اند امز