لماذا يتمسك إخوان ليبيا بالمرتزقة والأتراك؟
طالبت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بإجلاء القوات التركية والمرتزقة عن بلادها، وهي التصريحات التي رفضها إخوان ليبيا.
تصريحات المنقوش لاقت صدى كبيرا في الشارع الليبي، وأيدها مجلس النواب، معتبرًا إياها تعبر عن تطلعات الشعب الليبي.
وأكد مجلس النواب الليبي أن خروج المرتزقة شرط مهم ضمن في اتفاقي برلين وجنيف، لعودة السلام والحفاظ على الوحدة الوطنية وتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم.
وكانت وزيرة الخارجية الليبية قالت أمام البرلمان الإيطالي، الجمعة، إن بلادها بدأت حواراً مع تركيا، لكنها مصممة على انسحاب الأخيرة وجميع القوات الأجنبية من البلاد.
مشروع الإخوان
القيادي الإخواني ورئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" شن وتنظيم الإخوان هجومًا حادًا على وزيرة الخارجية، مطالبًا بـ"ضرورة بقاء القوات التركية ومرتزقتهم السوريين والتركمان في ليبيا لأنهم موجودون بشكل شرعي".
خبراء ليبيون استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم حول أسباب التمسك الإخواني بالتواجد التركي على الأراضي الليبية، أكدوا أن التنظيم الإرهابي، يعتمد على تلك العناصر في إرساء دعائم مشروعه المستقبلي في ليبيا.
وأكدوا في تصريحات منفصلة، أن خروج القوات التركية من ليبيا يحرم تنظيم الإخوان من بيئة خصبة لإنشاء مشروعهم الذي لا يعترف بحدود الدولة الوطنية.
يرى المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي أن تمسك الإخوان في ليبيا ببقاء القوات الأجنبية التركية والمرتزقة يعطي دلالة قاطعة بأن تنظيم الإخوان غير جاد للامتثال للقرارات الدولية ولا يرغب في تسيير العملية السياسية وصولا إلى الانتخابات.
وقال المسلاتي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تنظيم الإخوان لديه النية لخلط الأوراق وعدم السير في العملية السياسية والعودة إلى المربع الأول وهو ومربع الحرب والقتال، إلا أن المليشيات الفوضوية غير المنظمة التي تستند عليها لا تستطيع أن تخوض حربا أو تحقق أي مكاسب، ما يجعل من تواجد القوات التركية والمرتزقة التابعة لها أمرا ضروريًا.
الكعكة الليبية
اعتبر المسلاتي أن هناك تفسيرًا آخر وراء تمسك الإخوان بالأتراك، وهو أن يحصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفقًا لاتفاقيات عقدها مع التنظيم على الكثير من المميزات من عقود لشركاته ونصيب في الكعكة الليبية، كثمن لتدخله في ليبيا وحماية الإخوان.
وتوقع أن يشكل قرار مجلس الأمن الأخير بشأن ضرورة إخراج المرتزقة والتصريحات الدولية في هذا الشأن عامل ضغط كبير لإخراج المرتزقة.
وحذر المحلل الليبي من أن تواجد تلك العناصر سيعطل العملية الأمنية التي ستؤثر بدورها على العملية السياسية في ليبيا، وتؤخر الانتخابات المزمع إجراؤها أواخر العام الجاري.
متفقا مع ما يراه المسلاتي قال عبدالمنعم اليسير، عضو المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته)، إن مشروع تنظيم الإخوان يعتمد على عدم الوصول إلى أي نوع من الاستقرار السياسي أو الأمني في ليبيا، عبر إعادة ما يسمى "دولة الخلافة" التي لا توجد بها ليبيا بل ولايات، وتشمل مبدئيا حدود الدولة العثمانية كما كانت عليه قبيل الحرب العالمية الأولى.
وأضاف اليسير في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن ليبيا تمثل نقطة انطلاق استراتيجية بالنسبة للإخوان لتنفيذ هذا المشروع.
وأشار إلى أن الإبقاء على هذا البلد الأفريقي في حالة فوضى يوفر للتنظيم البيئة المناسبة للعمل من أجل الإطاحة بأنظمة الدول المجاورة لها، لأن لها مساحة جغرافية مهمة وبها إمكانيات مالية أكبر.
واعتبر أن الاحتلال العسكري لليبيا يعتبر بمثابة صمام الأمن للإخوان للحفاظ على ما وصلوا إليه من سيطرة على ليبيا، بسبب ضعف النخب السياسية الوطنية في ليبيا وقدرتهم على تضليل الكثير من عامة الشعب الليبي إعلاميا والإبقاء عليه في حالة شبه تخدير.
توتر ورعب
رئيس مجلس العلاقات الدولية الليبية، عادل ياسين، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تصريح المنقوش كان له تأثير سلبي على تنظيم الإخوان بصفة عامة وفي ليبيا بشكل خاص.
وأشار إلى أن المطالبة بإخراج القوات التركية أغضبت الإخوان المسلمين الذين انبرت منابرهم الإعلامية للنيل من الوزيرة الليبية.
ويرى ياسين، أن تواجد الأتراك في ليبيا هو الضمانة الوحيدة لبقاء تنظيم الإخوان في السلطة وتمدده في ليبيا بشكل أكبر، مرجحا أن خروج تلك القوات تضع يمثل نهاية للتنظيم في ليبيا.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل أن تمسك الإخوان بالعناصر التركية والمرتزقة في ليبيا، جاء بسبب التوتر والرعب اللذين مازالا متواجدين بين الأطراف المسلحة التي يشكل التنظيم أحد مكوناتها، بعد تعثر المسار العسكري وعدم توصله لأية حلول أمنية حتى الآن.
وقال عقيل في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز، لم تسع لاستصدار قرار دولي ملزم بنزع السلاح وتفكيك المليشيات وإعادة هيكلة وتنظيم مؤسستي الجيش والشرطة، بل إن هناك محاولات لـ"تدليل أمراء الحرب"، وفقًا لأوامر وتوجيهات خارجية.
وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن الصادر الأسبوع الماضي، جاء تحت بند "المشاعر الطيبة" وليس تحت الفصل السابع، فهو بمثابة ذر الرماد في العيون، متسائلا عن أسباب وقوف الخمسة الكبار خلف القرار وهم من يدفع أردوغان لإرسال المرتزقة وما زالوا يراهنون على تواجدهم.
واعتبر أن خروج المرتزقة الأجانب لا يعني الليبيين، بل إن ضياع ليبيا سببه المليشيات المحلية التي تسوم الشعب سوء العذاب منذ العام 2011.
وأكد عقيل وهو عضو المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته)، أن الجيش الليبي أكبر مهدد للتواجد التركي العسكري، لذا يسعى تنظيم الإخوان إلى الحفاظ على القوات التركية لضمان نجاح مشروعهم.
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز