ليديا ونينا.. "العين الإخبارية" تكشف وجوه الإخوان النسائية بألمانيا
شبكة مترامية الأطراف ومريبة الأهداف، لكنها تعتمد على وجوه "ناعمة" بقدر اعتمادها على أخرى قاسية؛ فكل يؤدي دوره سواء بالعنف أو اللين من أجل نشر أفكار الإخوان الإرهابية والسيطرة على مجتمعات كاملة وتحقيق حلم التمكين.
ففي ألمانيا، توظف الإخوان الإرهابية وجوها نسائية لممارسة الضغط على المؤسسات هناك والتغلغل فيها، غير أن ارتباط هؤلاء النسوة بشبكة الجماعة وقياداتها، يبدو معقدا للوهلة الأولى، وسطحيا في حال أمعن المرء التدقيق في مسار هذه العلاقات.
"العين الإخبارية" ترصد أهم الوجوه النسائية في مشروع الإخوان بألمانيا؛ ليديا نوفل ونينا موهي، وهما ترتبطان بشبكة من العلاقات الشخصية والمؤسسية مع تنظيم الإخوان وعرابه، إبراهيم الزيات.
تبادل أدوار
ففي يوليو/تموز 2020، أظهرت ورقة بحثية أعدها الباحث في شؤون التنظيمات الإسلامية كارستن فريرك أن الناشطة الألمانية المثيرة للجدل ليديا نوفل، تلعب أدوارا متشعبة لكنها متكاملة، وتهدف في التحليل الأخير لخدمة أهداف الإخوان في ألمانيا.
لكن حكومة ولاية برلين قدمت لها مكافأة على أدوراها المثيرة للجدل، وعينتها قبل أسابيع، رفقة رفيق دربها في كل المؤسسات التي تعمل بها، محمد حجاج، وهو أبرز القيادات الإخوانية في ألمانيا، في لجنة مكافحة العنصرية ضد المسلمين التي أسستها الولاية.
وفي 26 فبراير/شباط الماضي، بدأت لجنة مكافحة العنصرية ضد المسلمين عملها، لكن قصة نوفل تعود إلى سنوات كثيرة للوراء.
ففي 2014، شاركت نوفل في تأسيس مجموعة العمل الإسلامية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لتسمح للإخوان باختراق ثاني أكبر أحزاب ألمانيا، ولا عجب أيضا أن حجاج يشغل عضوية هذه المجموعة أيضا.
وبعد ذلك بعام، أصبحت نوفل نائبة رئيس المجلس المركزي للمسلمين في برلين، والرئيس هو حجاج، ما يعكس تبادل أدوار مريب بين الشخصيتين. وفي جمعية إنسان المرتبطة بالإخوان، تترأس نوفل مجلس الإدارة، وتعهد لحجاج بالإدارة التنفيذية.
نوفل الحائزة على شهادة جامعية في العلوم السياسية، تشغل أيضا عضوية المجلس الاستشاري لمعهد الدراسات الدينية الإسلامية في جامعة هومبولت العريقة في برلين.
وتستغل نوفل شبكات علاقاتها وتغلغلها بالمجتمع في الضغط من أجل ضخ تمويل حكومي للجمعيات الإسلامية التي يسيطر الإخوان على جانب كبير منها، ومنها جمعية إنسان التي تتلقى أموالا ضخمة من جيب دافع الضرائب الألماني، وفق الدراسة.
وفي مؤتمر قبل سنوات، قالت نوفل "حتى الآن، لا يزال هناك نقص في التمويل الأساسي للحياة الدينية الإسلامية في برلين.. وهذا ينطبق على كل شيء من بناء المساجد إلى تمويل أعمال العلاقات العامة التي نحن في حاجة إليها".
نوفل والزيات
وترتبط نوفل بعلاقات شخصية مع الإخوان، إذ تحضر فعاليات لمنظمة الشباب المسلم، وهي منظمة شبابية تابعة للإخوان، وخضعت لفترة لرقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية".
وذكرت وثيقة للبرلمان الألماني، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أن شبكة التنظيمات الإسلامية المتشعبة والمتشابكة، تظهر بوضوح في العلاقات الشخصية بين الأفراد النشيطين فيها.
وضربت الوثيقة التي تعود إلى أبريل/نيسان 2018، مثالا بفعالية نظمتها منظمة المجتمع الإسلامي؛ ذراع الإخوان في ألمانيا في سبتمبر أيلول 2011، تحت عنوان "عودة للجذور.. الحياة الإسلامية" في ألمانيا، وكان أبرز المشاركين فيها ليديا نوفل، وصبيحة الزيات، زوجة إبراهيم الزيات "عراب الإخوان في ألمانيا"، والمنحدرة من عائلة نجم الدين أربكان، رئيس الوزراء التركي السابق ومن القيادات الإسلامية المثيرة للجدل.
وبعد هذه الفعالية، نجحت نوفل رفقة حجاج، في دخول المجلس المركزي للمسلمين في برلين، في وقت كانت فيه منظمة المجتمع الإسلامي التي ترأسها الزيات لسنوات، أهم فاعل في المجلس ومحرك الخيوط داخله.
وفي مقابلة مع صحيفة تاغس شبيغل الألمانية في 2008، أقرت نوفل بأنها "كانت على اتصال مع منظمة المجتمع الإسلامي وإبراهيم الزيات".
ورغم هذه العلاقات الشخصية والمؤسسية المتشعبة، تعتبر رئاسة جمعية إنسان أهم دور تلعبه نوفل في شبكة الإخوان، وفق الخبيرة في شؤون التنظيمات المتطرفة سيغريد هيرمان مارشال، التي أضافت في تصريحات مؤخرا "وصفت هيئة حماية الدستور جمعية إنسان في تقاريرها لأعوام 2007 و2008 و2009 بأنها قريبة من الإخوان".
وبنظرة فاحصة، يتبين أن كل علاقات وأدوار نوفل تدور حول إبراهيم الزيات، الذي وصفه مهدي عاكف في لقاء تلفزيوني قبل سنوات بأنه "رئيس الإخوان في ألمانيا"، ويعد وزير مالية الجماعة وعرابها في الأراضي الألمانية بالفعل، وفق مارشال.
وفي تصريحات أخرى لصحيفة دي فيلت الألمانية قبل أيام، قالت مارشال: "لا يمكن المبالغة في تقدير أهمية جمعية إنسان".
وتابعت "أقامت الجمعية شبكة كبيرة من العلاقات في السنوات الأخيرة"، مضيفة "ليديا نوفل تعمل كوسيط بين المؤسسات الألمانية وشبكة الإخوان".
وفي أبريل/نيسان 2018، أعلنت هيئة حماية الدستور أن "أعضاء جمعية إنسان يملكون صلات شخصية بمركز الثقافة والتعليم الإسلامي في برلين، وهو "مكان مخصص لاجتماعات مؤيدي حماس".
وبصفة عامة، تلقى مشروع جمعية إنسان عن "مناهضة التمييز والإسلاموفوبيا" الذي يعد جزءا من برنامج ولاية برلين لدعم الديمقراطية، تمويلا حكوميا ألمانيا بلغ نصف مليون يورو في الفترة بين 2010 و2020.
ومن المقرر أن يتلقى المشروع نفسه 116 ألف يورو من الأموال الحكومية في 2021، وإجمالا تلقت جمعية إنسان مليونا و375 ألف يورو من الحكومة الألمانية في السنوات الأخيرة.
موهي ومنظمة "كليم"
وبالإضافة إلى الشخصية الرئيسية في مشروع الإخوان، ليديا نوفل، توجد شخصية أخرى مثيرة للجدل في مشروع الجماعة، هي نينا موهي.
ومؤخرا، باتت القيادية في جمعية إنسان "موهي" عضوة في مجموعة الخبراء ضد العداء للمسلمين التي أسستها وزارة الداخلية الألمانية في سبتمبر/أيلول الماضي، لتصبح ثاني وجه نسائي في الإخوان يخترق مؤسسة ألمانية.
وتلعب موهي دورا أخطر عبر منظمة "كليم"، وهو تحالف يضم 35 منظمة على مستوى البلاد، وهدفه المعلن هو لفت الانتباه إلى الخطابات والممارسات المعادية للمسلمين، وتشغل موهي منصب منسقة منظمة "كليم" والمتحكمة فيها.
لكن "كليم" تستخدم من قبل الإخوان في مهاجمة منتقديها وشيطنة مواقفهم، والضغط على الحكومة الألمانية لتحقيق أهدافها، عبر ادعاء المظلومية والتعرض لانتهاكات واعتداءات عنصرية.
وفي الأشهر الأخيرة، استغل الإخوان وعدد من التنظيمات التركية المتحالفة معها، هجوم هاناو الإرهابي لاختراق المؤسسات الألمانية بأساليب لا تختلف كثيرا عما اعتادت الجماعة فعله في أي مكان تضع أقدامها فيه، لكنها كانت مؤثرة هذه المرة.
وفي 19 فبراير 2020، أطلق رجل يميني متطرف يدعى توبياس ر. بدوافع عنصرية، النيران على 12 شخصا بينهم والدته، فقتل 9، لكن الإخوان نجحت في الترويج للهجوم باعتباره هجوما على الإسلام وتحقيق مكاسب في مواجهة الحكومة الألمانية، منها اختراق لجنتي مكافحة العنصرية في ولاية برلين ووزارة الداخلية.
وبعد هذا الهجوم، لعبت منظمة "كليم" الدور الأكبر في الضغط على المؤسسات الألمانية وابتزازها.
تقول الكاتبة الألمانية زارا رفيرر في موقع "تشي إينبلك" الألماني "خاص" إن منظمة "CLAIM" أو التحالف ضد الإسلاموفوبيا وعداء المسلمين، تملك روابط واضحة بالإخوان.
فبعض أعضاء هذه المنظمة يشغلون أيضا عضوية جمعية الشباب المسلم في ألمانيا، وهي منظمة شبابية تابعة للإخوان. بل إن القيادية في "CLAIM"، موهي، مرتبطة بجمعية "إنسان" المرتبطة أيضا بالجماعة.
الأخطر أن "CLAIM" استطاعت في السنوات الماضية الوصول إلى مستويات كبيرة من التأثير في السياسة الألمانية، ووصل الأمر إلى مشاركة نائب رئيس البرلمان الألماني كلوديا روت في إحدى فعاليات المنظمة.
وفي الفترة الأخيرة، أرسلت المنظمة ذاتها خطابا ممهورا بتوقيع 38 خبيرا في العلوم السياسية في ألمانيا، إلى الحكومة، تحت غطاء "محاربة العنصرية ضد المسلمين، لكنه لم يكن أكثر من محاولة لدفع الحكومة لتغيير خطابها السياسي إلى اتجاه تريده الجماعات المتطرفة، وفي "تشي إينبلك".