مشعر مزدلفة.. سر التسمية وحكم المبيت
مشعر مزدلفة هو ثالث المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجيج، بعد التوجه لمشعر منى يوم التروية في الثامن من ذي الحجة، ثم الوقوف بمشعر عرفات يوم التاسع من ذي الحجة.
من أجل إتمام مناسك الحج، على الحاج أن يمر بمشعر المزدلفة والوقوف فيها والدعاء عندها، وما بين كونها ركن أو سُنة مؤكدة نتبين آراء الفقهاء وما اجتمع عليها العلماء، ونفهم سبب تسميتها.
نسك الحجاج في مزدلفة بعد غروب شمس يوم عرفة
يتوجّه الحجاج بعد غروب شمس التاسع من ذي الحجة من مشعر عرفات صوب مشعر مزدلفة، وهناك تُصلى صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراَ، ولا ينبغي للحاج الانشغال بالتقاط الحصى قبل أداء الصلاة.
والسنّة أن يبيت الحجاج ليلتهم تلك بمزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، ورُخّص للنساء والضعفاء بالذهاب إلى منى آخر الليل، فإذا صلى الحاج الفجر يستحب له أن يقف عند المشعر الحرام وهو جبل في مزدلفة أو في أي مكان بمزدلفة ويستقبل القبلة ويكثر من ذكر الله تعالى والتكبير والدعاء بما يتيسر له.
ثم ينصرف إلى التقاط حصوات الرمي سبع حصيات أكبر من حبة الحمص قليلاً لرمي جمرة العقبة الكبرى والباقي يلتقطها من منى، ويتابع الحاج سيره قبل طلوع الشمس إلى منى ملبياً خاشعاً مكثراً من ذكر الله.
المبيت بمزدلفة واجب
مع اختلاف العلماء حو وجوب المبيت بالمزدلفة، من كونه ركنا من أركان الحاج يعتبر تركه دون عذر شرعي يستوجب الفدية أو اعتباره ليس واجبا.
من الشافعية من جعل إفاضة الحاج من عرفات إلى مكة لطواف الركن يعتبر عذرا شرعيا لترك المبيت في المزدلفة، في حين يوجب المالكية المبيت بمزدلفة على قدر حط الرحال وصلاة العشاءين.
وقال الحنفية بإن المبيت ليس واجبا، والواجب هو القيم فيها من من بعد الفجر إلى طلوع الشمس، والأصح هو وجوب المبيت عند الشافعية والحنابلة، ويمكن تركه لعذر.
وإذا سقط المبيت لوجود عذر- قد يكون الزحام أحدها- فقد يتم الاكتفاء بحط الرحال وصلاة العشاءين عند المالكية، أو القيام عند المشعر الحرام بعد الفجر عند الحنفية، وعند جمهور الفقهاء يمكن أن يتم تحصيل المبيت بمزدلفة بالحضور عند نصف الليل لحظة ولو مرورا.
والمستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في المبيت بالمزدلفة حتى يصلي الفجر بها، صباح يوم النحر "يوم العاشر من ذي الحجة".
سبب تسمية المزدلفة بهذا الاسم
المزدلفة لها ثلاثة أسماء، هي: مزدلفة، جمع، المشعر الحرام، ويعود سبب تسميتها بالمشعر الحرام لاقتراب الناس فيها من منى بعد الإفاضة من عرفات، أما جمع فلأنها مكان اجتمع الناس، ويقال إن فيها اجتمع آدم وحواء بعد أن هبطا إلى الأرض.
وتقع بين مشعري منى وعرفات، وتعد بكاملها موقفاً عدا وادي محسر، وهو موضع بين مزدلفة ومنى يسرع فيه الحجاج في مرورهم.
يحد المزدلفة من الغرب ما يلي منى ضفة وادي مُحَسِر الشرقية (وهو واد صغير يمر بين منى ومزدلفة، وهو ما يمر فيه الحاج على الطريق بين منى ومزدلفة) فيكون الوادي فاصلاً بينها وبين منى ويحدها من الشرق ما يلي عرفات مفيض المأزمين وهما جبلان بينهما طريق تؤدي إلي عرفات فيما يحدها من الشمال الجبل وهو ثبير النصع، ويقال له أيضاً جبل مزدلفة.
ويعود تسميتها بمزدلفة حسب ما ذكره العلماء والمؤرخين لنزول الناس بها في زلف الليل، وقيل أيضاً لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم، كما قيل إن السبب أن الناس يدفعون منها زلفة واحدة أي جميعاً فيما سماها الله تعالى المشعر الحرام وذكرها في قوله: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام".
تطوير متواصل لمشعر مزدلفة
حظي مشعر مزدلفة باهتمام كبير ومشروعات تطويرية من حكومة المملكة العربية السعودية على مر السنين في إطار تصدر خدمة الحرمين والمشاعر المقدسة اهتمامات الحكومة السعودية من أجل راحة ضيوف الرحمن وتسهيل حجهم ابتغاء مرضاة الله.
وفي هذا الصدد قامت المملكة لتوسعة المشعر الحرام وتهيئة ساحات المبيت في مزدلفة للحجاج وتزويدها بكل ما هو مطلوب من الخدمات والمرافق الطبية والصحية والمياه النقية والطرق والإنارة ودورات المياه والاتصالات والتغذية والمراكز الإرشادية والأمنية وتنظيم أماكن المبيت فيه لتسهيل حركة المرور، إلى غير ذلك من خدمات.
ومساحة مشعر مزدلفة الإجمالية 963 هكتارا، يستفاد منها للحجاج 682 هكتارا وفيها مسجد المشعر الحرام وهو المسجد الذي ورد ذكره في قول الله تعالى: "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عند قبلته والذي يقع في بداية مزدلفة على قارعة الطريق رقم 5 الذي يفصل بين التل والمسجد، ويبعد عن مسجد الخيف نحو 5 كيلومترات، وعن مسجد نمرة 7 كيلومترات.
وكان في بداية القرن الثالث الهجري متواضع المساحة والبناء، ولم يكن مسقوفاً وله ستة أبواب، وفي العهد السعودي تمت توسعته وأصبح طوله من الشرق إلى الغرب (90 متراً) وعرضه (56) متراً، وبات يستوعب أكثر من 12 ألف مصلٍ، وله منارتان بارتفاع 32 متراً، وله مداخل في الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية.