الاقتراب من حل لغز الأشعة الكونية بعد قرن من اكتشافها
يقترب لغز سماوي عمره قرن من الحل، حيث اكتشف الباحثون عشرات مسرعات الجسيمات الطبيعية فائقة القوة في مجرتنا.
وتساعد النتائج علماء الفلك على فهم أصل الأشعة الكونية، وهي الجسيمات المشحونة والنوى الذرية التي تطير عبر الفضاء بسرعة قريبة من سرعة الضوء والتي تم تشبعها بكميات مذهلة من الطاقة.
وتم اكتشاف الأشعة الكونية عام 1912، وهي تصل من كل اتجاه تقريباً في مجرة درب التبانة، وكان العلماء يريديون تحديد كيف تصل إلى سرعاتها الفائقة، وفقا لوكالة "ناسا".
واشتبه العديد من الباحثين في أن الأشعة الكونية تنطلق بعيداً عن النجوم الضخمة أثناء موتها في انفجارات المستعر الأعظم، وفقًا لما قاله سيمينغ ليو، عالم الفيزياء الفلكية في مرصد الجبل الأرجواني بالقرب من نانجينغ بالصين لموقع "لايف ساينس".
وأضاف أنه "خلال مثل هذه الأحداث تطلق النجوم نفس القدر من الطاقة في شهرين كما هو الحال طوال حياتها".
وتابع ليو "أنه حتى انفجار قوي مثل هذا لا يمكنه سوى نقل أقل من بيتا إلكترون فولت (PeV)، أو كوادريليون إلكترون فولت، إلى الأشعة الكونية، بينما التقطت المراصد أشعة كونية عالية الطاقة ذات طاقات تتجاوز ذلك ولم يتمكن أحد من معرفة من أين أتوا في الكون، وهو السؤال الذي نجحنا في تقدين بعض من الإجابة عليه".
وقال إن اكتشاف مصادر الأشعة الكونية كان أمراً صعباً، لأنها ككيانات مشحونة تنحرف عن طريق الحقول المغناطيسية المتوافرة بكثرة في مجرة درب التبانة.
وأضاف أن هذا يعني أن الأشعة الكونية الملتقطة على الأرض لن تعود مباشرة إلى نقطة نشأتها، ولكن عندما تنفجر الأشعة الكونية بعيداً عن مصادرها، يمكن أن تتفاعل مع الغازات المحيطة وتولد أشعة جاما بعُشر طاقة الأشعة الكونية، وهذه الأشعة غير مشحونة، وبالتالي فهي تسافر في خطوط مستقيمة، مما يوفر وسيلة لاكتشاف مصدرها.
واستخدم ليو مع زملائه مرصد الدش الهوائي الصيني على ارتفاع عالٍ (LHAASO)، وهو منشأة قيد الإنشاء فوق جبل هيزي على حافة هضبة التبت في مقاطعة سيتشوان، للنظر بشكل غير مباشر إلى ضوء أشعة جاما.
ونظراً لأن أشعة جاما تصطدم بالغلاف الجوي للأرض، فإنها تولد وابلاً من الجسيمات التي يمكن التقاطها في الآلاف من أجهزة الكشف في المرصد، وفقاً لبيان صحفي.
وعلى الرغم من أن البيانات تم أخذها مع تشغيل نصف طاقة المرصد فقط، إلا أنها تمكنت من الكشف عن عشرات المصادر، التي يطلق عليها اسم بفاترونس (PeVatrons) لقدرتها على إضفاء جسيمات دون ذرية بقيمة طاقة بيتا إلكترون فولت- في جميع أنحاء مجرة درب التبانة، هذه الكيانات أقوى بما لا يقل عن 100 مرة من أكبر مسرع للجسيمات على الأرض "مصادم الهادرونات الكبير".
واكتشف الفريق أيضاً أقوى فوتون لأشعة جاما، أو جسيم ضوئي على الإطلاق- وهو جسم له 1.4 بيكو فولت، وأبلغوا النتائج التي توصلوا إليها في 17 مايو/أيار بمجلة "نيتشر".
ومن بين (بفاترونس) أجسام مألوفة، مثل سديم السرطان، المعروف باحتوائه على نجم ميت يُعرف باسم النجم النابض الذي يُشتبه به على أنه مُسرع الأشعة الكونية، لكن القائمة تشمل أيضًا منطقة نشأة نشطة للنجوم في كوكبة الدجاجة، مما يترك الباحثين في حيرة من أمرهم بشأن ما يطلق مثل هذه الجسيمات القوية هناك.
وقال ليو إن مرصد الدش الهوائي الصيني "LHAASO" قادر فقط على تحديد مصادر بفاترونس بدقة في غضون بضع عشرات أو مئات السنين الضوئية، لذلك من الصعب معرفة بالضبط ما هي الأشياء في كل منطقة التي تسبب التسارع.